الاتفاق السعودي الإيراني وأوهام نصرالله!


أخبار بارزة, خاص 13 آذار, 2023

غير أن المفارقة تكمن في أن نصرالله الذي أشاد بالاتفاق قال بعضمة لسانه يوم الاثنين 6 آذار الماضي في خطاب له أن “من ينتظر تسوية بين إيران والسعودية عليه أن ينتظر طويلاً”..


كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:

لا شك أن الإعلان عن اتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإيران يشكل نوعاً ما مفأجاة لدى كثيرين وسط هذا الكم من التوتر الذي يسيطر على العلاقات بينهما، وعلى صعيد العلاقات الإقليمية والدولية نتيجة توغل النفوذ الإيراني في المنطقة، وتدخلها في الحرب على أوكرانيا، علماً أن هذا التطور لم يكن مستبعداً كنتيجة للمفاوضات التي كانت قائمة بين طهران والرياض في بغداد. غير أن اللافت والمفاجئ هو رعاية الصين لهذا الاتفاق، والذي له دلالات تذهب أبعد من الخليج والشرق الأوسط لتطال العلاقات السعودية-الأميركية و”طريق الحرير” للتمدد الصيني في المنطقة، وهي عوامل لا يتسع المجال للغوص في تفاصيلها في هذه العجالة. إلا أن القراءة المتأنية للبيان المشترك الذي صدر تؤكد أولاً أن القيادة الإيرانية أرادت فتح ثغرة في هذا الانسداد الذي يحيط بها داخلياً وخارجياً نتيجة العقوبات الأميركية والغربية القاسية عليها، ونتيجة تعطل المفاوضات حول الاتفاق النووي الذي ما زالت طهران تسعى للعودة إليه رغم الموقف المتشدد الذي باتت تظهره الآن الدول الأوروبية أكثر من الولايات المتحدة. وثانياً، إنّ مضمون الاتفاق يركز على ضرورة “احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية” كمنطلق أساس لأي علاقة بين دولتين مستقلتين وذات سيادة، وهذا ما لم يقم به ولم يحترمه نظام الملالي وقائدهم الخميني صاحب نظرية “تصدير الثورة” إلى دول الجوار كما هو حاصل حالياً في انتشار الميليشيات الإيرانية والأذرع المسلحة التابعة له، وعلى رأسها “حزب الله”، كأداة لفرض النفوذ الإيراني في مختلف الدول العربية والتدخل في شؤونها كما هو حاصل في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين.
وهذا الدور التخريبي لا تمارسه السعودية، التي عملت أيضاً على تضمين الإعلان المشترك تفعيل اتفاقيتي التعاون التي وقعت في زمن رئاسة محمد خاتمي، الأولى عام 1998 حول التعاون في المجال الاقتصادي والاستثمار والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، والثانية حول التعاون الأمني الموقعة في بداية عام 2001. وكلا الاتفاقين لم تلتزم بهما طهران. ناهيك عن أن البيان لم يعلن إعادة العلاقات فوراً وإنما قد اشترط وضع مهلة شهرين هي بمثابة مرحلة اختبار لمدى التزام طهران التي دأبت على عدم التقيد بشروط أي اتفاق.
أما في ما يخص انعكاسات الاتفاق على الأوضاع في المنطقة، وتحديداً تأثيره على لبنان، فهناك من سارع إلى الإشادة بالاتفاق والقول أنه سيكون إيجابياً ومباشراً كما فعل أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله الذي يعتبر بطبيعة الحال انّ الاتفاق هو لصالح إيران، وأنه سيساعد على انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان أي لصالح فرض مرشحه سليمان فرنجية كجزء مستتر كما يفترض من بنود غير معلنة في الاتفاق مع السعودية. غير أن المفارقة تكمن في أن نصرالله الذي أشاد بالاتفاق قال بعضمة لسانه يوم الاثنين 6 آذار الماضي في خطاب له أن “من ينتظر تسوية بين إيران والسعودية عليه أن ينتظر طويلا”، والأطرف من ذلك أنّه في نفس الوقت الذي كان يتكلم فيه يوم الاثنين كان الأميرال علي شمخاني في بكين يسعى للتفاوض مع مساعد بن محمد العيبان برعاية صينية. علماً أنه في نفس الخطاب أعلن نصرالله رفضه لأي تدخل أو ضغط خارجي في مسألة رئاسة الجمهورية، كرره أمس في كلامه عندما حاول مستدركاً أبعاد فرضية أن يخضع هو للضغوط ويضطر للتراجع قائلاً “أن إيران لا تخلع حلفاءها”، وأنه لا يريد أن يفرض رئيساً على المسيحيين وعلى اللبنانيين وإنما يدعو للحوار والتفاوض. علماً أنه يعلم علم اليقين أن مرشحه فرنجية الذي لم يعلن ترشحه بعد بات هو المرشح للتفاوض وليس للرئاسة إذا كان يريد فعلاً رئيساً منقذاً ولكل اللبنانيين. وقد لخص وزير الخارجية السعودي ودحض كل ما يشاع قائلاً: “لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني وليس إلى تقارب سعودي-إيراني”!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us