السباق الرمضانيّ في أوجّه… ناصر فقيه لـ “هنا لبنان”: المنصّات الإلكترونيّة هي مستقبل الدراما
المنصات الإلكترونيّة أخذت حيّزاً كبيراً من الدراما العربيّة في الفترة الأخيرة، فالمنصّات هي مستقبل الدراما، فالمسلسلات – وليس فقط الرمضانيّة – ستصبح خجولة على المحطّات المحليّة ليس في لبنان وحده بل في العالم العربي أيضاً.
كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:
كما في كل عام، وعلى مشارف شهر رمضان المبارك نشهد سباقاً رمضانياً بين المسلسلات المعروضة وتتعزّز روح المُنافسة بينها ما يزيد حيرة المُشاهِد.
أمّا اليوم ومع غزو التكنولوجيا للعالم، تحصُد المنصّات الرقميّة حصّة الأسد في عرضها للدراما العربيّة. فما هو الأثر الّذي تشكّله هذه المنصّات على المُنتجين والمحطّات؟ وما الخطر الذي تشكّله المنصّات على المُستخدمين؟
يشير الكاتب والمخرج ناصر فقيه في حديثٍ لـ “هنا لُبنان” إلى أنّ المنصات الإلكترونيّة أخذت حيّزاً كبيراً من الدراما العربيّة في الفترة الأخيرة، ويعود السبب بشكل عام إلى الميزانيات الكبرى التي تملكُها. “فمن الطبيعي أن نشهد تنافساً كبيراً بين المُسلسلات خلال شهر رمضان المُبارك، فالجودة ستكون مرتفعة جداً كونها مرتبطة بميزانية المُسلسل والتي أصبحت بالملايين”.
في السياقِ عَينِه، اعتبر فقيه أنّ ميزانيّة معظم التلفزيونات المحليّة أصبحت متواضعة وهذا الأمر له أثره المُباشر على إنتاجاتها الدراميّة التي تراجعت عمّا كانت عليه في السابق. فشركات الإنتاج أصبحت اليوم تلجأ إلى المنصات التي تفتح أبوابها الإنتاجية أمام المنتجين ومسلسلاتهم وهذا ما يُعزّز المنافسة بين تلك الشركات.
وبالعودة إلى المنصّات أكّد فقيه أنّ “المنصّات هي مستقبل الدراما”؛ فالمسلسلات – وليس فقط الرمضانيّة – ستصبح خجولة على المحطّات المحليّة ليس في لبنان وحده بل في العالم العربي أيضاً.
وأضاف: “المنصات تستقطب أفكاراً وإنتاجات بين جميع أرجاء العالم العربي وهذا ما يشكل خطراً على المحطات المحلية في معظم الدول العربيّة وأولها لبنان والتي ستعتمد في الفترة المقبلة على برامج Talk show والمنوعات والسياسة أكثر من الدراما”.
من جِهتها اعتبرت الخبيرة في التسويق الرقميّ “مايا زغيب” أنّ المنصات الرقمية خلقت اليوم فرصة كبرى باستقطاب عدد أكبر من المشاهدين، رغم أنّها ليست بديلة عن التلفزيون التقليدي الذي لديه مشاهديه؛ بالرغم من تراجع نسبة مشاهدته. “رغم المنافسة الشرسة، تُظهر الدراسات انتهاء مرحلة الاعتماد على التلفزيون”.
مؤكّدةً: “فئة الشباب هي المُستهدفة من تلك المنصات التي تدفع للمُنتج من خلال الاشتراكات عليها، ولا تعتمد على الإعلانات كما في المحطات التلفزيونيّة”.
أمّا عن أهميّة المُسلسلات في تأمين إستمراريّة المحطّات التلفزيونيّة، نوّه فقيه بالعلاقة الكُبرى التي كانت تساهم بشكل رئيسيّ بتمويل المحطّات. مُردفاً، “المسلسلات لم تعد مصدر تمويل الأساسي للمحطات، ومع الوقت قد تتأثّر هذه الأخيرة سلباً إذ لا يمكن أن تعتمد حصراً على السوق المحلية؛ ففي لبنان تحديداً تراجعت ميزانية المحطات لأن الإعلانات تراجعت عمّا كانت عليه سابقاً ممّا أثّر على وجود بعض المحطّات”.
مُركّزاً على الأثر الإيجابيّ جداً للمنصات على المنتجين الّذين أصبح لديهم آفاق أوسع لمسلسلات أضخم ممّا يفيد الدراما، لكن لم يغفل فقيه عن الأثر السلبي التي ستعاني منه المحطات، لأن المشاهدين سيلجأون إلى المنصات على حساب المحطات التي قد تزول في حال لم تستطع تأمين التمويل المُناسب.
وتوافق الخبيرة مايا زغيب المخرج ناصر فقيه الرأي، من حيثُ اعتبار حريّة التوقيت المتوفّرة في المنصات من أبرز الأسباب التي أصبحت تجعلها أكثر استقطاباً من التلفزيون ناهيك عن تنوّع المسلسلات ممّا يرضي جميع الأذواق.
وشدّدت زغيب على الخطر التي تُشكّله المنصات المقرصنة على المُجتمع، “المنصات المقرصنة هي جريمة من جرائم المعلوماتيّة”؛ والجُرم يكون بحقّ المنصات القانونيّة من جهة، وبحقّ مستخدمي المنصات المُقرصنة التي قد تُسرق بياناتهم الشخصيّة من جهة أخرى؛ لذا على المُستخدمين التنبّه كي لا يقعوا ضحيّة القرصنة. “السلطات اليوم اتّخذت إجراءات قانونيّة تجاه المنصات غير الشرعية”.
إذاً، خطر استمرار المحطات التلفزيونيّة في لبنان اليوم ليس مُرتبطاً حصراً بالأزمة الاقتصاديّة، بل يترافق مع تطوّر تكنولوجيّ يُنافسهُ يتجلّى بسيطرة المنصات على الإنتاجات الدراميّة.