لولا ١٤ آذار…
لولا 14 آذار لما كان هناك 17 تشرين الأول 2019. هذه حقيقة ثابتة، إذ شكّل التاريخ الآذاري شعلةً ما تزال مُضاءة في نفوس كثيرين، وإن بدا أحياناً أنّها خفتت أو انطفأت.
كتب ناشر “هنا لبنان” طارق كرم:
مؤسفٌ أن تُستعاد ذكرى 14 آذار، من قبل كثيرين، على طريقة البكاء على الأطلال. بعض من يبكون كان يُفترض بهم أن يساهموا في بقاء 14 آذار كتجمّع، لأنّ 14 آذار كنبضٍ ما يزال حيّاً.
لولا 14 آذار لما كان هناك 17 تشرين الأول 2019. هذه حقيقة ثابتة، إذ شكّل التاريخ الآذاري شعلةً ما تزال مُضاءة في نفوس كثيرين، وإن بدا أحياناً أنّها خفتت أو انطفأت.
ولكن، هل آن أوان محاسبة من أنهى تجربة 14 آذار كتكتّل سياسي هو الأكبر كحركة اعتراضيّة في تاريخ لبنان؟
يغيب منطق المحاسبة عن السلوك السياسي اللبناني. المليون إنسان الذين نزلوا في ذلك اليوم إلى ساحة الشهداء تعرّضوا لصفعةٍ من بعض زعمائهم الذين قدّموا لاحقاً تنازلات غير مبرّرة أدّت إلى فرض حزب الله سطوته على القرار السياسي في البلد، إلى جانب الطعنة التي سدّدها الثنائي ميشال عون وجبران باسيل إلى هذا الفريق عبر تفاهم مار مخايل. يذكّر الأمر بـ 14 آذار آخر صنعه ميشال عون ذات يوم، في حربٍ بلا أفق مع الجيش السوري أدّت إلى خراب ما كان يُعرف بـ “المنطقة الشرقيّة”، مع ما تركت من خسائر بشريّة كبيرة، وكانت سبباً مباشراً لاتفاق الطائف ومن ثمّ لتسليم سوريا زمام الأمور في لبنان. قبل أن يعود عون من منفاه من الباب السوري.
ربما يجب التذكير بذلك كلّه اليوم. ربما يجب القول إنّ فلاناً أخطأ، وفلاناً تنازل، وفلاناً خان… ويجب التذكير أيضاً بمن سقطوا من رموز ذلك اليوم، من بيار الجميّل وجبران تويني وأنطوان غانم ومحمد شطح وجورج حاوي وسمير قصير… دم هؤلاء يستحقّ أن تبقى روح 14 آذار حيّة فينا. ويستحقّ، لا احتفالاً وكلاماً شعريّاً في ذكرى رحيلهم، بل حركة اعتراضيّة مستمرّة ضدّ من يحتلّ القرار السياسي الرسمي في البلد، وضدّ من يعمل على تغيير هويّته، وضدّ من يريد أن يفرض رئيساً، مرّة جديدة، ولو كان الثمن تعطيلاً لسنوات.
ولا بدّ من التذكير، أيضاً وأيضاً، بأنّ أحد أبرز أسباب مليونيّة 14 آذار هو يوم 8 آذار وما قيل فيه. أي أنّ 14 آذار، كمناسبة، كان ردّة فعل على ظلمٍ واحتلال وسلوك غير سيادي. ويعني ذلك أن استمرار هذا السلوك اليوم لا بدّ أن يؤدّي إلى ردّة فعل جديدة، ستأتي يوماً مهما تأخرت.
يبقى السؤال: كيف ستكون حينها ردّة الفعل، وأين وماذا سيكون ثمنها وأيّ قسمٍ سيُطلق فيها؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
ما بعد الحرب… هزيمة أو انتصار؟ | ويبقى الجيش هو الحلّ… | جبران: رِدّ الصاروخ |