عون من مار يوسف بعد مار مخايل: “لبيّك يا سيّد”


أخبار بارزة, خاص 20 آذار, 2023

يبدو أنّ وكلاء الممانعة في لبنان، في وضع يثير الشفقة. فالسيد ومنذ إبرام اتفاق بكين بين الرياض وطهران، لم يعد يأتي على ذكر السعودية بأي سوء. أما حليف الوكيل، أي الجنرال، فلجأ إلى مار يوسف مبتهلاً له كي يعيد زمن مار مخايل. فهل سيلين قلب السيد وهو يسمع “لبيك” من الحارة؟

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

مشاركة رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، أمس، في قدّاس عيد مار يوسف في حارة حريك، تستحق الاهتمام. فهي إلى كونها ممارسة واجب ديني، تتميز أيضاً بوجهها السياسي، الذي يضعها في مصاف الحدث في مسيرة الجنرال الذي عاد بعد قرابة نصف قرن إلى مسقط رأسه في الضاحية الجنوبية لبيروت والتي صارت اليوم معقلاً لـ “حزب الله.”

قبل 17 عاماً، إقترب الجنرال من الحارة عندما التقى الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في كنيسة مار مخايل التي تقع على تخوم عرين السيد، فكانت النقطة الأقرب إلى المنزل الأبوي لزعيم “التيار الوطني الحر”. وفي هذه الكنيسة أبرم عون ونصرالله تفاهماً أوصل الجنرال إلى قصر بعبدا وغطى سلاح الحزب ومشروعه الذي يضع الدويلة أولاً قبل الدولة.

قبل 48 ساعة من قداس مار يوسف أصدر رئيس “التيار” النائب جبران باسيل تعميماً داخلياً يدعو كل من يمت إلى “التيار” بصلة، لتجنّب الكلام عن الحزب إلا بإذن الرئيس. فيما أبرز إعلام “التيار” المناسبة تحت عنوان الرئيس عون في مار يوسف- حارة حريك: رسالة أمل في زمن التيئيس”.

يوم الخميس الماضي، أطل النائب علي حسن خليل المعاون السياسي للرئيس نبيه بري في برنامج “صار الوقت” للزميل مارسيل غانم على شاشة الـ “أم تي في”. وعندما سئل خليل عن رأيه في احتمال أن يعلن باسيل ترشّحه لرئاسة الجمهورية، أجاب: “هل يضمن باسيل أن ينال أصوات تكتله؟” في إشارة إلى ما يتردد على نطاق واسع، من أن “حزب الله” قد أبلغ من يعنيه الأمر، أن الانتخابات الرئاسية إذا ما جرت، واستمرّ باسيل في رفضه انتخاب مرشح “الثنائي الشيعي” زعيم “تيار المردة” سليمان فرنجية، فسيحصل الحزب على تأييد عدد من النواب في تكتل “التيار” والذين وصلوا إلى البرلمان بأصوات الحزب.

أليس عنوان وصول عون إلى حارة حريك هو، “رسالة أمل في زمن التيئيس؟” وهل هناك من يأس يفوق اليأس من الحال التي بلغها الجنرال وتنظيمه؟

لا جدال في أن معاوني الجنرال قاموا بالاستطلاع الكافي قبل المشاركة في قداس البارحة. وشمل الاستطلاع إبلاغ قيادة الحزب بالزيارة ليس للقيام بالواجب تجاهها، وإنما من أجل توفير الحماية ولو بصورة غير ظاهرية. وهنا تطل حالة مماثلة قبل أكثر من نصف قرن، عندما أصبحت الضاحية الجنوبية دويلة منظمة التحرير الفلسطينية، فطلب من الضابط ميشال عون، بأوامر من قيادته، ألا يزور منزله في حارة حريك ببزّته العسكرية تحاشياً لحوادث غير مرغوب فيها في الضاحية.

من الأسئلة التي لم يعد لها أهمية وإنما فائدة، هو لماذا لم يقم منظمو لقاء تفاهم مار مخايل عام 2006 بعقد لقاء الجنرال والسيّد في كنيسة مار يوسف في قلب الضاحية الجنوبية بدلاً من كنيسة مار مخايل على تخوم الضاحية؟ هل هناك من أسباب أمنية جعلت الجنرال يستغني عن مسقط رأسه، كما فعل الضابط عون بعدم ارتداء البزة العسكرية عندما كان يزور الحارة؟

بعيداً عن هذا السؤال الذي يفتح مسلسل “باب الحارة” اللبناني، هناك سؤال آخر يتصل بأحوال لبنان والمنطقة، وهو: هل استشعر الرئيس عون أن زمن الاتفاق الإيراني السعودي سيغيّر أحوالاً لم يكن بالإمكان تغييرها قبل الاتفاق؟

في آخر المعلومات التي تجيب على جانب من هذا السؤال يفيد، أن المحاولة الجديدة لباريس لتسويق انتخاب فرنجية لدى الرياض إنتهت إلى الفشل. وهذا الفشل، لا يخص إدارة الرئيس ماكرون، وإنما أيضاً “حزب الله” وحلفاءه الذين أعدّوا ليكون ترشيح فرنجية يشبه ترشيح عون عام 2016، لكن هذا التوجه بات في حكم المستحيل.

إذا كان عون اليوم يبدو رابحاً من سقوط خيار فرنجية، لكنه لن يبقى رابحاً عندما يحسم الاستحقاق الرئاسي بمن ليس له علاقة بـ “حزب الله” والتيار معاً.

في أحوال كهذه، يعود السيد والجنرال إلى مربع عام 2006. لكن على ما يبدو أن حارة حريك ليست مستعجلة لأي تفاهم مع الرابية التي تتوسل مخرجاً يعيد إليها شيئاً من نفوذ كان في زمن الخروج السوري من لبنان.

تشاء الصدف أن يزور عون حارة حريك، في يوم زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد دولة الإمارات العربية المتحدة. وإذا كان الأول، قد نجح فقط في الوصول إلى كنيسة مار يوسف، فإن الثاني، قد فاز بلقاء قمة مع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والذي استقبل الخميس الماضي، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني على شمخاني. إنّه زمن يتجه فيه أهل الممانعة بزعامة إيران إلى مد الجسور مع الخليج العربي، وسيتوّج قريباً بزيارة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى الرياض تلبية لدعوة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.

في هذا الزمن، يبدو أن وكلاء الممانعة في لبنان، في وضع يثير الشفقة. فالسيد ومنذ إبرام اتفاق بكين بين الرياض وطهران، لم يعد يأتي على ذكر السعودية بأي سوء. أما حليف الوكيل، أي الجنرال، فلجأ إلى مار يوسف مبتهلاً له كي يعيد زمن مار مخايل. فهل سيلين قلب السيد وهو يسمع “لبيك” من الحارة؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us