التقارب السعودي الإيراني السوري.. هل يفتح الباب لحلول يتأثر بها لبنان لسد الفراغ الرئاسي؟
بعد زيارة الرئيس الإيراني إلى السعودية سيتحدد ما إذا كان فرنجية سيصل إلى القصر الجمهوري في بعبدا في ظل تمسك الثنائي الشيعي بفرنجية ومعارضة السعودية حتى الساعة له..
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
عقب فترة طويلة من حالة التخبط في العالم العربي بدأت الإنفراجات تظهر إلى العلن على وقع الإتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، وآخر ملامح هذه الإنفراجات الدعوة التي وجهها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لزيارة الرياض مما يؤكد على التقارب السعودي الإيراني الذي من شأنه أن يرخي بظلال إيجابية ويفتح الأبواب على مصراعيها من أجل إيجاد حلول للمشكلات القائمة في المنطقة. وهذا ما أكده وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان حيث صرح بأن إيران تعمل بالتعاون مع السعودية من أجل تحقيق الإستقرار وترسيخ ركائز الأمن في المنطقة.
قد تحمل أيام الشهرين المقبلين الكثير من التطورات بحسب مصادر دبلوماسية لموقع “هنا لبنان”، إذ أكدت أن “العديد من السيناريوهات بدأت تلوح في الأفق لا سيما في ما يتعلق بوضع خارطة طريق للملف السوري وكيفية تعاطي الإدارة الأميركية مع هذه المسألة الحساسة، إضافة إلى كيفية رسم العلاقات التركية السورية في المرحلة المقبلة والتواصل الذي سيحصل الشهر المقبل بين المملكة العربية السعودية وإيران من جهة والسعودية وسوريا من ناحية أخرى”.
يأتي كل ذلك على وقع الحراك العربي باتجاه سوريا والذي بدأت ملامحه تتظهر جلياً بعد إعلان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عن “أن زيادة التواصل مع سوريا قد تمهد الطريق لعودتها إلى جامعة الدول العربية مع تحسن العلاقات بعد عزلة تجاوزت عشر سنوات، لكن من السابق لأوانه في الوقت الحالي مناقشة مثل هذه الخطوة”، مشيراً إلى أن “الإجماع يتزايد في العالم العربي على أن عزل سوريا لا يجدي وأن الحوار مع دمشق ضروري خاصة لمعالجة الوضع الإنساني هناك”.
ومن المتوقع بحسب مصادر دبلوماسية عربية متابعة لموقع “هنا لبنان” أن يزور بن فرحان سوريا بعد شهر رمضان المبارك للبحث في مسألة عودة العلاقات بين البلدين وفتح السفارة السعودية تطبيقاً لبندود الإتفاق الإيراني السعودي في الصين، إضافة إلى أن ذلك قد يكون مقدمة لعودة سوريا إلى الجامعة العربية قبل إنعقاد القمة العربية في دورتها الـ 32 في الرياض في شهر أيار المقبل.
وبحسب المصادر فإن الإتصالات والمساعي تتبلور وتتكثف بين عدد من الدول العربية لا سيما الخليجية منها من أجل عودة سوريا إلى الحضن العربي وإلى مقعدها الفارغ منذ 2011 والتي كانت منتظرة في قمة الجزائر تحت عنوان “لمّ الشمل العربي” لكنها تعثرت آنذاك بسبب اعتبار العرب أن نظام الأسد قد مارس الإجرام بحقّ شعبه إبان الثورة السورية، لكن العمل جارٍ كي لا تحصل تباينات أو صدامات في المواقف في قمة الرياض والتي من المنتظر أن تشهد على متغيرات جمة في حال مشاركة الوفد السوري ولجهة المقررات والبيان الختامي الذي سيصدر عنها، والذي قد يؤكد على لم الشمل العربي على أرض السعودية التي تلعب دوراً مهماً في قضايا المنطقة من خلال الحراك الذي تقوم به مع كل الجهات والأطراف والدول.
وتزامناً مع هذا الحراك العربي أتت زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد للمرة الثانية إلى الإمارات العربية المتحدة والتي سبقتها زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني إلى الإمارات ولقاء المسؤولين فيها مؤكداً العمل من أجل التغلب على التحديات القائمة، والتي ليس من مصلحة أي من البلدان في المنطقة استمرارها، وقال: “ينبغي أن يحلّ التعاون والتقارب محل العداوة والتنافر”.
زيارة الأسد تحمل في طياتها دلالات كثيرة أولاً في الشكل حيث استقبل الأسد بشكل رسمي ورافقته زوجته أسماء في أول رحلة لها منذ اندلاع الحرب في سوريا. ثانياً في المضمون فإن الملفات التي ستطرح على المستويات السياسية والأمنية والإقتصادية سيكون لها الوقع الأهم في تعزيز العلاقات بين البلدين، لا سيما أن وزير الخارجية الإماراتي كان أعلن قبل أيام أن “سوريا تستحق العودة إلى محيطها العربي وأن التعاون الإقليمي ضروري لبدء مسار عودة سوريا إلى محيطها، قائلاً إن هذا الأمر لا بد منه، وهذا يتطلب جهداً أيضاً من الجانب السوري كما يتطلب جهداً من الزملاء في الجامعة العربية”.
وأتت زيارة الأسد على وقع ما كشفته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، عن خطة عربية قادتها الأردن ولا تزال في مراحلها الأولى لإعادة العلاقات مع النظام السوري مقابل تقديم الأخير بعض المطالب وخاصة أن المطالب لم تأتِ على ذكر رحيل بشار الأسد عن السلطة.
وتقترح الخطة بحسب الصحيفة تقديم مساعدات بمليارات الدولارات لإعادة الإعمار والبناء في سوريا، كما تتعهد بالضغط على الولايات المتحدة والقوى الأوروبية لرفع العقوبات عن النظام السوري، مقابل تعاون الأخير مع المعارضة السياسية السورية، والقبول بوجود قوات عربية لحماية اللاجئين العائدين، ووقف تهريب المخدرات غير المشروع، والطلب من إيران التوقف عن توسيع وجودها في سوريا.
وفي حال ثبت وجود هذه الخطة فإن تساؤلات عدة تطرح حول قبول الأسد بالشروط الموضوعة وإحتمال تجاوبه معها في ظل الضغط الإيراني صاحب النفوذ والمتحكم بالنظام السوري والذي يفرض شروطه من جهة والإنفتاح العربي وكيفية تدخله في حل الأمور من جهة أخرى. إذ أن ملف اللاجئين السوريين في لبنان والأردن مثلاً يحتاج إلى توافق دولي وإقليمي كبير ولا يمكن حله بالبساطة التي تم طرحها بحسب الصحيفة.
يبقى السؤال الأبرز هل يمكن للتقارب العربي مع سوريا أن يلقي بظلاله على لبنان على وقع الإتفاق السعودي الإيراني في ظل الفراغ في سدة الرئاسة وترشيح الثنائي الشيعي لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية المقرب من النظام السوري ؟
هذا السؤال ستتبلور الإجابة عليه بعد زيارة الرئيس الإيراني إلى السعودية والتي ستتبعها بحسب مصادر مقربة من عين التينة لموقعنا زيارة لرئيس مجلس النواب نبيه بري إلى المملكة قد يبنى عليها الكثير وستحدد معها ما إذا كان فرنجية سيصل إلى القصر الجمهوري في بعبدا في ظل تمسك الثنائي الشيعي بفرنجية ومعارضة السعودية حتى الساعة له ولوصوله إلى سدة الرئاسة فيما تطالب برئيس يحمل المواصفات التي طرحتها في اللقاء الخماسي في باريس.
أم أن تسوية ما ستحصل خلال الشهرين المقبلين لإيصال رئيس بعيد عن الأسماء المطروحة حالياً من شأنه إدارة الأزمة في لبنان بالشكل المطلوب؟