“انهيار تعليمي”.. طلاب الثانويات ذاقوا طعم “الدولار” فتخلّفوا عن مقاعدهم!
أزمة القطاع التعليمي لم تعد أزمة أساتذة، فالطلاب أيضاً دخل بعضهم سوق العمل وبين “الدولار” والمقاعد، بات الخيار الأوّل هو الأكثر ربحاً!
كتب مازن مجوز لـ”هنا لبنان”:
“ولو يا مدام، ما في إلا إنت بدك تعلمينا français، كل الأساتذة اليوم إلتزموا بالإضراب” هكذا أجاب محمد ن. (18 عاماً) على سؤال أستاذة مادة اللغة الفرنسية لينا ي. (39 عاماً)، عندما سألته عبر تطبيق الواتس آب لماذا لم يأتِ هو وزملاؤه إلى المدرسة؟
لينا التي تعلم في إحدى المدارس الثانوية في بيروت، لم تلتزم هي وأربعة من زملائها بالإضراب، علماً أنّ باقي أساتذة المدرسة البالغ عددهم 26، قد التزموا فحضروا وقاطعوا الصفوف، وذلك في ردّ على قرار وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي المتعلّق بـ “العطاءات المخصصة للمعلمين ولسائر الأسرة التربوية”، ومع أنّ الحلبي يقول إنّه يبذل جهده لمحاولة إعطاء الأساتذة حقوقهم، إلا أنّ قراراته ما زالت دون مطالب الأساتذة في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة.
في هذا السياق، تقول لينا لـ “هنا لبنان” إنّها حضرت إلى الثانوية وقرّرت دخول الصف، علّها تساهم في تعويض الطلاب في المادة التي تدرّسها وذلك بعد حوالي شهرين من الإضراب.
غير أنّ لينا عادت وغادرت بعد ساعة، بعدما لاحظت أنّ أغلب الطلاب لم يحضر، وهؤلاء – أي الطلاب – علّلوا بالقول: “الرجعة ما عادت محزرة، والوزارة ما عطتكم كل مطالبكم، وتكلفة المواصلات صارت 100 ألف للسرفيس و50 ألف للميني باص، إذا ما تأكدنا كلّ الطلاب والأساتذة جايين، حنكون تكلفنا المشوار عالفاضي”.
هذا المشهد المصغّر يعكس إتساع رقعة الإنقسام بين أساتذة التعليم الرسمي الرافضين لقرارات الحلبي وبين أساتذة الروابط الذين عادوا إلى صفوفهم ومدارسهم بنسبة 60% بعدما تحققت بعض المطالب التي رفعوها، فاتخذوا قراراً بمتابعة العام الدراسي.
غير أنّ نسبة الـ60% لا تدعو للتفاؤل، فعدد كبير من الأساتذة باتوا يذهبون إلى مدارسهم للتوقيع على لائحة الحضور دون الدخول إلى الصفوف، التي هي بالأصل شبه خالية من الطلاب.
هذا التخبط في القطاع التعليمي ينعكس على الطلاب، وحتى طلاب الشهادات، فيقول أستاذ مادة الرياضيات أحمد م. “إذا بقي الأمر على ما هو عليه حتى نهاية الشهر الحالي، فعلى الشهادات الرسمية السلام”.
ويتابع أحمد، وهو أستاذ في إحدى الثانويات الرسمية في الضاحية الجنوبية الرسمية في حديثه لـ “هنا لبنان”: “سألني أحد طلاب الشهادات الرسمية منذ يومين إذا وجدت عملاً كنادل، وبراتب 250 دولار في الشهر هل تباشر به؟ أجبته على الأرجح نعم”.
فرّد: “هذا العمل يا أستاذ لا يليق بك أما أنا فباشرت به منذ أسبوعين، والمبلغ الذي أتقاضاه يسمح لي بالقيام بالكثير من الأمور”.
من هنا، يبدو الحديث عن استكمال المناهج وتحضير الطلاب لدخول المدارس بعيداً عن الواقع، فالأزمة لم تعد فقط أزمة تمسّك الأساتذة بمطالبهم، بل أزمة طلاب فقدوا إيمانهم بمستقبل في ظلّ الانهيار.
أما في ما يتعلق بالمدارس الخاصة، فهي وإن كان واقعها أخفّ مرارة على الكادر التعليمي التابع لها، غير أنّ الاستمرار بات صعباً، ووضع الطلاب والأهالي لم يعد سهلاً، فالأطفال لم يعد هناك من مساواة بينهم في ما يتعلق بـ”الزوادة” التي يضعها لهم الأهل.
هذا الواقع دفع المعلمة سوزي، والتي تدرّس في إحدى مدارس عين الرمانة الخاصّة، إلى استخدام موزانة المدرسة المخصّصة لطعام الأطفال، لتوزيع السندويشات والفواكه غيرها على من يحتاج إليها بطريقة مدروسة دون إحراج الطفل أمام رفاقه.
وتقول سوزي لـ “هنا لبنان” أنّ هذه الخطوة باتت ضرورية فبعض العائلات غرقت في ديونها كي تعلّم أولادها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ابتكار لبناني”.. أملٌ واعد لفاقدي البصر! | بين القوننة والأنسنة.. هل تهدّد التكنولوجيا أطفالنا؟ | لبنان غنيّ بالمياه الجوفية العذبة.. ثروة مهدورة بلا استثمار! |