الراعي يجمع النواب المسيحيين في “أربعاء أيوب”… فهل يتصاعد الدخان الأبيض من الخلوة الروحية؟
الكل ينادي بتقوية القرار المسيحي فيما نجدهم بعيدين عن ذلك، يدعون إلى الإسراع بانتخاب الرئيس ولا يبادرون إلى المساهمة في الحل، الأمر الذي يجعل الراعي يقف وحيداً أمام مهمة تقارب المستحيل، بعد محاولاته المتكرّرة بجمعهم من دون أن يلقى القبول من معظمهم..
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
لم يبقَ أمام البطريرك الماروني بشارة الراعي، سوى الصلاة والخلوة الروحية لجمع النواب المسيحيين، بعد فشل كل المهمات والوساطات معهم لتوحيد موقفهم الرئاسي، لذا اختار “أربعاء أيوب” الذي يسبق عيد الفصح المجيد بأيام، ويتمّ خلاله التأمل بالألم كجسر عبور إلى الله، وكأنه أراد أن يُذكّرهم بالصبر على البلاء، الذي تحلى به النبي أيوب وسيّد بكركي وكل اللبنانيين، بعد طول إنتظار لتقارب المسؤولين المسيحيين بصورة خاصة، واتفاقهم ولو لمرّة واحدة، لذا ينتظر الراعي بفارغ الصبر تلك الخلوة، علّها توصل إلى شاطئ الأمان الرئاسي المنتظر من قبل اللبنانيين، لانتشالهم من الغرق الوشيك.
إلى ذلك ثمة أسئلة تطرح عن غياب دور الأحزاب المسيحية في عملية الإنقاذ، التي دعا إليها الراعي، فلماذا يغيب ذلك الدور وبصورة علنية، ويكتفي فقط بزيارات الدعم والتأييد، من دون أي عمل فعلي على الأرض؟ الأمر الذي يثير الإستغراب، فبدل أن تلعب تلك الأحزاب دوراً في الحل، وتضع يدها بيد الراعي الذي يعمل لمصلحة لبنان، نراهم غير مهتمين، ربما بسبب طموحاتهم البعيدة المدى، إذ نراهم يناقضون مواقفهم، فالكل ينادي بتقوية القرار المسيحي، وفي الوقت عينه نجدهم بعيدين عن ذلك، يدعون إلى الإسراع بانتخاب الرئيس ولا يبادرون إلى المساهمة في الحل، الأمر الذي يجعل الراعي يقف وحيداً أمام مهمة تقارب المستحيل، بعد محاولاته المتكرّرة بجمعهم من دون أن يلقى القبول من معظمهم، لذا استعان بيوم الخامس من نيسان المقبل، لجمعهم في الإطار الروحي في بيت عنيا في حريصا، فأرسل لهم دعوات حملت توقيع النائبِ البطريركي المطران أنطوان عوكر، علّها تؤدي إلى تقاربهم وحل معضلة الرئاسة.
وفي هذا الإطار أكدت مصادر “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” و”المردة ” الأحرار” خلال اتصال مع موقع “هنا لبنان” حضور نوابهم جميعاً إلى الخلوة، أما بالنسبة إلى النواب التغييريين، فقد تركت لهم الحرية في المشاركة، فيما أعلنت النائبة بولا يعقوبيان رفضها المشاركة في يوم الصلاة، أما بالنسبة للنواب المستقلين فلا قرار نهائياً بعد، فيما الاتجاه إيجابي وفق ما قال بعضهم لموقعنا، أما موقف كتلة “تجدّد” فقد عبّر عنه النائب أديب عبد المسيح، الذي أكد حضوره ممثلاً الكتلة بمكوناتها، وتمنى أن تشمل الصلوات طقوساً شرقية أيضاً.
هذا الحضور الروحي لن يتمدّد إلى السياسة، وفق ما لفتت مصادر بكركي خلال حديث لـ “هنا لبنان”، وقالت: “خلافاً لكل ما أشيع فطابع هذا اليوم روحي بامتياز والسياسة فيه استثناء، قد يتطرق بعض النواب إلى الحديث عنها خلال فترة الاستراحة ربما، لكن البطريرك الراعي لن يتحدث على الإطلاق في السياسة، وهو لا يضع المصيدة أمام النواب كما كتب البعض”.
وحول ما أشيع عن أنّ دعوة البطريرك أتت بعد فشل مهمة المطران بو نجم، ردّت مصادر الصرح: “المطران أنطوان بو نجم قام بجولة على الأقطاب المسيحيين وليس على النواب المسيحيين، ومهمته كانت محدّدة وليس لها علاقة بجمع القيادات أو النواب في بكركي، هم وضعوا أسماءً رئاسية ولم تنته المهمة بعد، ولذا اختار سيّدنا الراعي حريصا، كي لا يقال أنه جمعهم في بكركي بهذه الطريقة”.
وحول سبب امتناع النائبة بولا يعقوبيان عن الحضور، أبدت المصادر المذكورة استغرابها لهذا الموقف، وقالت: “للحقيقة لا نجد مبرّراً لمَن يرفض المشاركة في الصلاة في أسبوع الآلام. وأشارت من ناحية ثانية إلى أنّ البطريرك الراعي قلق على مصير البلد ومستاء مما يجري من خلافات وانقسامات سياسية.
وعن إمكانية تصاعد الدخان الأبيض في 5 نيسان المقبل، إستبعدت حصول ذلك لأنّ هذه المهمة الصعبة تستوجب وقتاً على ما يبدو، كما استبعدت المصادر أن يتطرّق الراعي إلى عظة سياسية في ذلك اليوم لإطلاق رسائل معينة.
إلى ذلك وعلى خط مغاير، اعتبرت مصادر سياسية مواكبة لما يجري على الساحة الرئاسية، بأنّ المشهد المرتقب في حريصا سيساهم في إزالة الاحتقان السائد، بسبب الخلافات السياسية خصوصاً على الرئاسة، مع الأمل بأن تطلق الصورة الجامعة مشهداً مختلفاً، لكن بالتأكيد لن تصل إلى أي نتيجة، بسبب وجود مشروعين مختلفين في البلد لا يمكن توحيدهما، لذا فالحل يحتاج إلى تسوية خارجية كما جرت العادة في لبنان.