فرنسا تدعو إلى اتّفاق داخلي يُزكّى خارجيًّا.. ها نحن على مشارف ولادة شرق أوسط جديد؟
لبنان لا يزال غارقاً في خلافاته السياسية وحساباته الضيقة والمحاصصة من دون أن يدرك مدى التغيير الآتي ومواكبته.. يبدو من المعطيات المتوفرة أن هنالك شرقاً أوسط قيد الولادة… لننتظر ونرَ..
كتب طارق وليد لـ “هنا لبنان”:
لم يحقق الاجتماع الثنائي الفرنسي السعودي الذي عقد في قصرالاليزيه في باريس مساء يوم الجمعة الفائت أهدافه المرجوة، إذ انتهى دون صدور بيان “لأنّه اجتماع على مستوى مستشارين وليس مقرّرين” وفق أوساط فرنسية مطلعة. فقد انتهى الاجتماع وسط تعتيم إعلامي، وتردّد أنّ المعادلة التي تسعى فرنسا لتسويقها “سليمان فرنجية – نوّاف سلام” لم تلقَ تأييداً سعودياً لأنّ الرياض تمسّكت بالمواصفات التي أعلنتها رافضة الدخول في لعبة الأسماء، ولذلك لم تُدعَ الخماسية لاجتماع جديد في باريس بعدما تردّد أنّ الاجتماع المقبل سيكون في الرياض.
إنّ معادلة فرنجية – سلام لم تسلك طريقها إذاً، وليس في الأفق من معادلة جديدة أو إشارات إيجابية رغم مطالبة فرنسا المتكرّرة بطرح بدائل.
تقول مصادر مواكبة أنّ المعطيات السابقة التي كان يستند إليها بعضهم سقطت مع الاتفاق الثلاثي (الصيني، السعودي، الإيراني) وسقطت الفيتوات وورقة التصعيد، وظهرت في المنطقة ديناميكية جديدة بدأت مع الاتفاق بدليل أنّ الملك السعودي سلمان دعا الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لزيارة السعودية في خطوة تعطي دفعاً وزخماً للاتّفاق وتضعه على المسار التنفيذي. وتعترف أوساط دبلوماسية غربية بوجود تحوّلات جذرية في المنطقة، ولذلك لم تعد الموافقة على المشروع الفرنسي ضرورة وسط معارضات محلية: أوّلاً، رفض المعارضة على اختلاف تلاوينها المعادلة الفرنسية، لأنّها ترفض وصول مرشح محور المقاومة. ثانياً، رفض محور المقاومة وصول نواف سلام إلى السراي. ثالثاً، رفض التيار المعادلة ومطالبته بمرشح ثالث، فيتخلّى محور المقاومة عن فرنجية ومحور المعارضة عن ميشال معوض.
فيما تقول أوساط دبلوماسية غربية، طالما أنّ طرفي الصراع السياسي غير موافقين على معادلة فرنجية- سلام فإن فرنسا، غير متمسكة بها وفق أوساط فرنسية مطلعة. لذلك تطالب باريس بمعادلة جديدة تقبل بها الأطراف وبسلة متكاملة في عملية إشراك الطرفين في الحل. ولذلك فإنّ المعطى الحالي للاستحقاق يدور حول مرشح الثنائي فرنجية ومرشح المعارضة ميشال معوض، من دون أن يحسم التيار موقفه وخياره بعد، وقد تردد في الساحة المسيحية أن هنالك لائحة تتضمن أسماء سميت بلائحة بكركي رغم نفيها لأبوتها ونفي المطران أنطوان بو نجم المكلف من البطريرك التواصل مع القيادات ورؤساء الأحزاب المسيحية وجود لائحة مرشحين. وفي هذه الأثناء كان لافتاً رفض الثنائي الشيعي وصول العماد جوزف عون من خلال تمسك الرئيس نبيه بري بضرورة تعديل الدستور لترشيح عون، مشيراً إلى أن ظروف التعديل غير متوفرة. ويعتبر الثنائي ميشال معوض مرشح تحدٍّ، وتقول أوساطه أنه رغم مرور 11 جلسة لم يتمكن من إحداث خرق وتأمين الـ 65 صوتاً للفوز في الدورة الثانية. أمام هذه المعطيات تسأل أوساط الثنائي، هل بمقدور المعارضة الاتفاق على مرشح جديد (ثالث) وفق ما يطالب رئيس التيار جبران باسيل؟ ألا تشعر المعارضة بأن المعطيات لعد الاتفاق باتت ضاغطة عليها، وتضطرها للحوار خصوصاً وأنّ أحداً من الأطراف غير قادر على إيصال مرشحه؟
هذا وتؤكد أوساط الثنائي أن ليس لديه خطة بديلة ومرشحه فرنجية، وهو مستعد للحوار بحال كانت المعارضة جاهزة بعدما رفضت ذلك في الماضي.
كما تنقل أوساط سياسية عربية مطلعة عن مسؤولين فرنسيين قولهم أن باريس تخاف من استمرار الوضع على حاله وهو وضع انهياري لأن الحل سيكون مستحيلاً لاحقاً وغير ممكن إلا من خلال خطوات جذرية تغيرية أساسية في التركيبة وفي النظام وحتى في الطائف، الأمر المرفوض إقليمياً ودولياً ومحلياً وفاتيكانياً. فلبنان لا يزال غارقاً في خلافاته السياسية وحساباته الضيقة والمحاصصة من دون أن يدرك مدى التغيير الآتي ومواكبته. يبدو من المعطيات المتوفرة أن هنالك شرقاً أوسط قيد الولادة… لننتظر ونرَ..