الوضع الاستثنائي يتطلّب انتخاب رئيسٍ استثنائيّ
ترجمة “هنا لبنان”
كتب فيليب أبي عقل لـ “Ici Beyrouth“:
خلال حفل افتتاح السفارة الإيرانية في الجناح في 7 شباط، عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري عن التطلع “بأمل كبير لبارقة أمل نحتفل فيها بعودة العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية إلى سياقها الطبيعي”. جاء خطابه هذا قبل شهرين من توقيع الاتفاق الإيراني السعودي في بكين في 10 آذار، وحينها قال بري: “لطالما ناديت بأهمية هذه العلاقات وضرورة تطبيعها وتطويرها بما يحفظ لكل دولة أمنها واستقلالها وسيادتها وخصوصيتها ومصالحها المشتركة. واليوم أجدد الدعوة والمناشدة من أجل تأمين كافة المناخات الملائمة لإنجاح المساعي الطيبة التي تبذل للجمع بين المكونات الإسلامية والمسيحية في لبنان”.
وخلال اجتماعه مع نقابة الصحافة والمحررين، سُئِل بري عمّا إذا كان على دراية بصفقة محتملة في ذلك الوقت، بناء على الموقف الذي عبر عنه عند افتتاح السفارة الإيرانية. أجاب بري بالنفي معرباً عن اعتقاده بأن التقارب بين الطرفين بدا ضرورياً بناءً على تحليله وقراءته للوضع.
يتضح من ذلك، أنّ رئيس مجلس النواب عرف كيف يستبق الأحداث، بينما رأى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله في المقلب الآخر، أنّ “كل من يتوقع تسوية إيرانية سعودية سيضطر للانتظار طويلاً”. ومع ذلك، بعد الإعلان عن الاتفاق، صرح نصر الله بأنه “على قناعة تامة بأن مثل هذا الاتفاق لن يكون على حسابنا ولا على حساب المقاومة”.
وفي كل الأحوال، لا بد من التأكيد في هذا السياق، على مجموعة من النقاط:
بداية، يتابع الثنائي الشيعي، الذي تمعّن بقراءة التطورات، الأحداث عن كثب ويخشى أن يكون التغيير المحتمل في ميزان القوى ضده وضد محور الممانعة.
ومن ثم، تحسباً لتطور الوضع، بادر بري للإعلان عن ترشيح سليمان فرنجية قبل وقت طويل من اتخاذ الأخير موقفاً في هذا الصدد. ولطالما اعتبر بري أن فرنجية مرشح محتمل. وكان نصر الله قد أصر عند الإعلان عن هذا الترشح أنه يؤيد “مرشح بري”، موضحًا أن فرنجية “ليس مرشح المقاومة”.
علاوة على ذلك، وصف حزب الله، الذي يخشى من تطور الوضع، ترشيح فرنجية بالنهائي، مؤكداً أنه ليس بالمناورة وداعياً الفريق الآخر بالقول: “لدينا مرشحنا، قدموا مرشحكم ولنتناقش”.
رفض أي حل وسط
يحاول الثنائي الشيعي وتحديداً حزب الله، استباق الأحداث من خلال مواقف سياسية يبني فيها على الثوابت والحقائق والإنجازات التي لا يستطيع التخلي عنها. وتشكل هذه المواقف الأساس الذي يسمح له بالتفاوض.
ومن ناحية أخرى، ترفض القوى السيادية، التي ضاقت ذرعاً بتسوية 2016، أي تسوية أو حل وسط، وتتشبث بموقفها وبمرشحها السيادي. وتدعو هذه القوى إلى تطبيق الدستور والعودة للبرلمان وتكريس الوقت اللازم لعقد الجلسات حتى انتخاب رئيس للجمهورية. كما أنها تعارض مرشحًا من 8 آذار وحزب الله، الأمر الذي يتعارض مع المعلومات التي نقلتها مصادر مقربة من 8 آذار، والتي اقترحت انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية مقابل انتخاب نواف سلام رئيسًا للحكومة.. معلومات أنكرها السفير الفرنسي في لبنان وسلام نفسه، الذي صرح بأنه “سمع بهذا الاقتراح من الصحافة”.
حزب الله في أزمة
تجدر الإشارة إلى أن الثنائي الشيعي يمرّ في أزمة حالياً، ولا سيما حزب الله. فالمحور الممانع وليس المعارضة، هو الذي تسبب بتطيير النصاب القانوني للجلسات الإحدى عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية. أما المعارضة، فقررت بعد إعلان الثنائي الشيعي دعمه لترشيح فرنجية، تطيير النصاب القانوني، لقطع الطريق أمام مرشح محور الممانعة.
وحسب الأوساط الدبلوماسية المطلعة، لا بد وأن تتسارع وتيرة البحث عن حل لمشكلة الرئاسة بعد الاتفاق الإيراني السعودي. ولتسهيل مهمة انتخاب رئيس الجمهورية، يمكن الالتفات لرفض الأحزاب المحلية والأجنبية المؤثرة أي رئيس حزبي أو رئيس تحدٍّ. وعلى هذا النحو، ينتظر أن يكون رئيس الجمهورية القادم رئيسًا يتمتع بالسيادة ويأتي لينقذ الأمة، لا ليدير أزماتها.
في هذا السياق، تؤكد الأوساط المتابعة للملف عن كثب، أن الاختيار قد يقع بشكل محتمل على شخصية تتمتع بخبرة اقتصادية أو عسكرية. ولا شك بأن حالة الانهيار التي يشهدها البلد تتطلب انتخاب شخصية استثنائية قادرة على أن تضع لبنان أخيراً على سكة التعافي.
مواضيع ذات صلة :
السلطة المتحللة |