فوضى التشخيص.. مرضى اضطراب التوحّد ضحية “الجهل”!


أخبار بارزة, خاص 1 نيسان, 2023

تشخيص اضطراب التوحّد يقتصر على طبيب الأعصاب أو اختصاصي علم النفس، ولكن في لبنان التشخيص عشوائي فكلّ طفل يتعثّر بالنطق أو يرفض الحديث مع غريب يتم تشخيصه بأنّه مصاب بهذا الاضطراب، وعدم الوعي ولّد “فوقية” بالتعاطي مع هذه الحالات، وبالتالي إلى تهميشها وإقصائها.


كتبت هانية رمضان لـ”هنا لبنان”:

على مقعده الدراسي، يجلس آدم (6 سنوات)، المصاب التوّحد. هو لا يشعر بالخوف ولا بالارتباك، فحياة وهي المساعدة الخاصّة أو الـ”shadow teacher” تحيطه بالدعم، وتقوم بكلّ ما بوسعها لمساعدته على التكيّف مع الآخرين والاندماج مع محيطه، بالإضافة إلى حثّه على اكتشاف مهاراته المميزّة وتنميتها.

رحلة دمج آدم لم تكن سهلة، تؤكد حياة لـ “هنا لبنان”، متحدّثة عن الصعوبات، إن لناحية المجتمع الصغير في المدرسة وتقبّله لآدم، أو لناحية غياب عامل الثقافة لدى جزء كبير من الكادر التعليمي والذي لا يملك الكفاءة للتعامل مع حالة آدم وما يماثلها ولمساعدة هؤلاء الأطفال على التأقلم.

وفيما تشير حياة، إلى أنّ صراخ آدم وتصرفاته التي لا يستوعبها الآخرون ويضعونها في خانة “اللا طبيعية”، كانت تسبب الانزعاج للعديد من المعلمات، موضحة أنّه “بالمثابرة والمتابعة مع العائلة، كسرنا العقبات التي كانت تحول دون دمج آدم مع محيطه الدراسي”.

آدم، هو نموذج مما يعانيه مرضى “اضطراب التوّحد” في لبنان، ولا سيّما الأطفال، فرغم التوعية الكبيرة والحملات المكثّفة، غير أنّ تشخيص هذه الحالات ما زال عشوائياً، بل إنّ بعض من يتعدّون على المهن، ويحملون لقب أخصائي، يعمدون إلى تشخيص كلّ طفل يتعثّر بالنطق أو يرفض الحديث مع غريب بأنّه مصاب بهذا الاضطراب، والأنكى هو “الفوقية” بالتعاطي مع هذه الحالات، فيتمّ تهميشها وإقصاؤها.

في هذا السياق توضح أخصائية علم النفس التربوي نادين فتوح لـ “هنا لبنان” أنّ “المدارس بشكل عام لا يدخل التشخيص ضمن اختصاصها، إذ لا بدّ من اللجوء إلى المختص”.

وأكّدت فتوح على أهمية التوعية: “يجب إقامة دورات تدريبية لأساتذة المدرسة كي يكون لديهم القدرة على التعامل مع جميع الأطفال، ويجب أن تضمّ كل مدرسة إلى فريقها education psychologist، والذي من شأنه أن يساهم في تقديم التوجيهات الخاصة لكل تلميذ وفق وضعه، وهو الوحيد الذي تناط به هذه المهمّة”.

وأشارت فتوح إلى أنّ “أهالي الأطفال الذين يعانون من التوحد، تتفاقم معاناتهم مع ارتفاع كلفة جلسة العلاج بشكل خيالي”، لافتة إلى أنّ “المدارس المختصّة لمتابعة هذه الحالات باتت أقساطها خيالية إذ تناهز الـ2000$”.

ولفتت فتوح إلى أنّ “بعض المدارس تعمد إلى دمج الطلاب دون أن تملك أيّ مقومات لذلك، في ظلّ غياب رقابة الوزارات المختّصة، ما خلق ضعفاً وعدم مهنية في التعامل مع الحالات الخاصة من قبل الكادر التعليمي، الذي يقف عاجزاً أمام إدارة الصف والتعامل مع أيّ مشكلة سلوكية، والكارثة الكبرى هي عدم قدرة هؤلاء على تمييز الطفل الذي يعاني من التوحد وتقدير حالته”.

وفيما توضح فتوح أنّ هناك ارتفاع في عداد الحالات المصابة بالتوّحد في لبنان، غير أنّها تتوقف عند ارتفاع نسبة الوعي: “الأهالي باتوا أكثر إلماماً بهذا الأمر وبتنا نسمع عن الـ autism أكثر من السنوات السابقة”.

وشدّدت فتوح على “ضرورة أن تكون المعالجة المختصة مهيئة جيداً للتعامل مع أطفال التوحد”، داعية إلى دمجهم في المداس اللبنانية لكون ذلك سيساعدهم على إبراز ما يميّزهم، وسيساعد أكثر على تقييم وضعهم السلوكي والنفسي.

وفي الختام أكّدت فتوح أنّ ما يسري على المدارس، يسري على الحضانات فـ “الشخص الأجدى بالتشخيص هو دكتور الأعصاب أو اختصاصي علم النفس ولا يحق لأي طرف آخر أن يقدم أي معلومة أو يطلق أيّ حكم”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us