حجم الاستيراد في لبنان إلى ارتفاع… وهذه العوامل تؤثر عليه بشكل مباشر!
قناعة صندوق النقد الدولي بأنّ الاستيراد بخطر إذا استمرّ بمساره هذا وأنه يستنزف احتياطي مصرف لبنان، تخالف رؤية الاقتصاديين الذين يؤكدون أن لا خطر على الاستيراد كما يشاع.
كتبت يارا الهندي لـ “هنا لبنان”:
بعد أيام على اختتام وفد صندوق النقد زيارته إلى لبنان، والذي أشار تقريره إلى أن عام 2022 شهد اتساعاً كبيراً في العجز ليتجاوز 25% من إجمالي الناتج المحلي واعتبر أن الأمور باتت خارج السيطرة. مضيفاً بأنّ الاستيراد بخطر إذا استمرّ بمساره هذا، والسبب استنزافه احتياطي مصرف لبنان في أشهر قليلة.
هذه هي قناعة صندوق النقد الدولي، إلّا أنّ الاقتصاديين في لبنان يؤكدون أن لا خطر على الاستيراد كما يشاع.
الخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي، وفي حديث خاص لـ “هنا لبنان” يؤكد أن صندوق النقد الدولي يأخذ الأمور من جهةٍ رسمية فقط. فعلى سبيل المثال عندما يتحدث عن نسبة الفقر في لبنان، فهو ينظر إلى القطاع العام (أي موظفي الدولة)، وعند الحديث عن الناتج المحلي فهو يخص القطاع العام متناسياً القطاع الخاص الذي يشكّل ٨٠٪ من الناتج المحلي في البلاد، والذي بدوره يحقق نمواً للناتج من ٢ إلى ٣٪ كل فترة.
ومن هنا ينطلق جباعي إلى فكرة الاستيراد، فلبنان يستورد شهرياً بحوالي ١،٥ مليار دولار تقريباً كمعدل وسطي، وبطبيعة الحال في الشتاء تنخفض هذه النسبة وفي الصيف ترتفع، والثابت فيه استيراد البنزين والمازوت اللذان يشكلان سنويًا ما يقارب ٣،٥ إلى ٤ مليار دولار.
لذلك، نسبة الاستيراد لن تنخفض بحسب جباعي الذي تحدث عن ثلاثة عوامل أساسية تساهم في هذا الاستيراد وهي على الشكل الآتي:
أولًا: عدد سكان لبنان الذي يرتفع بوتيرة مستمرة.
ثانيًا: عدد المقيمين السوريين الذي وصل رسميًا إلى أكثر من مليوني شخص في البلاد، فهم من المستهلكين أيضًا، وبالتالي الحاجة للاستيراد سترتفع تلقائيًا.
ثالثًا: التهريب مثل البنزين والمازوت الذي يتم تمريره عبر الحدود إلى سوريا.
إذاً حجم الاستيراد المُعلَن يتخطى ١٩ مليار دولار، بحسب جباعي، إلا أن هناك أموراً لا يمكن أن نحصيها، مثل التهريب، علمًا أن البلاد تدخلها واردات من الخارج أكثر بكثير من الرقم الموجود حاليًا، وقد يصل إلى ٢٤ مليار أو أكثر. وبالتالي جحم الاستيراد لا يستنزف احتياطي المركزي، وهي لا تُدفع من أموال المصارف أو من مصرف لبنان، لأن الأخير ليس لديه إلا ١٠ مليار دولار كاحتياطي إلزامي أو أقل.
لذلك، الكلام عن علاقة مباشرة بين مصرف لبنان وحجم الاستيراد هو كلام خاطئ بحسب جباعي، ولا علاقة له بالمركزي وقدراته، بل بالسوق.
وبحسب جباعي، تُقسم كمية الدولارات التي تدخل إلى لبنان سنوياً كالآتي:
بين ٦،٨ و٧،٢ مليار دولار سنويًا بشكل علني.
٥ مليار دولار تدخل عبر المصارف.
٢،٢ مليار دولار عبر شركات تحويل الأموال.
٣،٥ مليار سنوياً عبر الجمعيات، الأحزاب، والمنظمات الدولية.
بالإضافة إلى الأموال التي تأتي من الخارج، بشكل غير شرعي، فهذه المبالغ لا يمكن إحصاؤها وتقدر بمليارات الدولارات. والموسم السياحي كذلك يساهم بشكل كبير، فموسم الصيف 2022، أدخل ما يقارب الثلاثة مليارات دولار. وكذلك الأموال التي تسلم باليد مع الأقارب وغيرهم.
إذاً هذه المبالغ تتخطى الـ ١٥ مليار دولار، وتُستخدَم كذلك للاستيراد من الخارج.
لذلك وفي الخلاصة، إن الطلب على الاستهلاك لا يزال نفسه، بحسب جباعي، خصوصًا لناحية الأمور الضرورية والأولويات في البلد، إلا أنه قد ينخفض لناحية الكماليات وطالما أن النزوح السوري موجود، فحجم الاستيراد لن ينخفض، ولن يتأثر سلبًا لأن الاستهلاك يرتفع يوميًا.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ميقاتي وصفقة المليار يورو… على “ظهر اللبنانيين” | قنبلة الذوق الحراري: مواد كيميائية تنذر بكارثة جديدة في لبنان! | “دورة خفراء في الجمارك” تثير الجدل مجددًا… فهل يتم إقصاء المسيحيين من وظائف الدولة؟ |