خارج السرب

لبنان 7 نيسان, 2023
انتخابات البلدية

كتب زياد شبيب في “النهار”:

منذ أشهر ومع اقتراب انتهاء ولاية المجالس البلدية في أيار، بدأت تتسرّب الأجواء غير المشجعة على إجراء الانتخابات من داخل مقار القوى الحاكمة. ومن خارج سرب تلك القوى السياسية الكثيرة غير الراغبة بمواجهة الناخبين في الاستحقاق الانتخابي البلدي الداهم والعاملة بوسائل كثيرة على الإطاحة به، دعا الوزير بسام المولوي الهيئات الناخبة إلى #الانتخابات البلدية والاختيارية في أيار المقبل.

مدة ولاية المجالس البلدية ست سنوات انتهت في أيار من العام الماضي وتم تمديدها بقانون من #مجلس النواب لأن تلك المدة محددة بالمادة العاشرة من قانون البلديات ويحتاج تعديلها إلى قانون. واليوم على رغم توفّر الرغبة العارمة عند معظم القوى الحاكمة بتأجيل استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية، تجد تلك القوى نفسها أمام استحالة واقعية وقانونية تمنعها من التخلص من ذلك الاستحقاق.

المجلس النيابي اليوم هيئة انتخابية بحسب المادة 75 من الدستور التي تنص على أن “المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالًا في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة او اي عمل آخر”. وأمام صراحة النص التي لا لبس فيها ولا محل للاجتهاد تسقط كل نظريات “تشريع الضرورة” التي لا تضفي على التشريع في مثل هذه الحال أي غطاء دستوري.

نظريًا يمكن للقوى الراغبة بالتمديد أن تقرّ في مجلس النواب قانونًا لتمديد ولاية المجالس البلدية ولكنه يكون معرضًا للطعن والإبطال من قبل المجلس الدستوري الذي سبق له وفي أكثر من اجتهاد أن أقرّ مبدأ عدم جواز التمديد للهيئات المنتخبة. لكن اختلاف القوى السياسية الحاكمة أدّى إلى مقاطعة عدد منها للعمل التشريعي في هذه المرحلة بحيث تكونت استحالة واقعية إلى جانب الاستحالة القانونية. وقام البعض في الأسابيع الماضية بالترويج لإمكانية الاستعاضة عن وجود المجالس البلدية بالمزيد من التفكك والانهيار عن طريق القول بإمكانية تكليف القائمقامين والمحافظين بأعمال البلديات مستعينين بأحكام لا تنطبق على هذه الحالة من قانون البلديات.

المادة 24 من القانون المذكور تنص على أنه “في حالة حل المجلس او اعتباره منحلا يصار الى انتخاب مجلس جديد في مهلة شهرين من تاريخ مرسوم الحل او قرار اعلانه. يتولى القائمقام او رئيس القسم الاصيل في القضاء والمحافظ او امين السر العام في مركز المحافظة أعمال المجلس البلدي وذلك للمدة الباقية من ولاية المجلس البلدي المنحل حتى انتخاب المجلس الجديد وذلك بقرار من وزير الداخلية.”

هذا النص يعالج حالة محددة ويتصدّى لتلافي الفراغ في البلديات التي يُحلّ مجلسها البلدي ويسمح لوزير الداخلية أن يولي أعمالها للقائمقام أو المحافظ في بلديات مراكز المحافظات، أي أنه يعالج الفراغ الحاصل خلال ولاية المجالس البلدية وخلال المدة المتبقية منها، والقول بتطبيقه على الحالة التي تنشأ بعد انتهاء تلك الولاية مستحيل قانونًا. لذلك لا مفرّ من إجراء الانتخابات في موعدها للبقاء في دائرة الشرعية على مستوى البلديات والهيئات الاختيارية والمخرج الوحيد بتأجيلها بقانون في مجلس النواب يعتبر مخالفاً للدستور وتحول دونه خلافات سياسية.

في زمن الشعارات السياسية الفارغة حول دولة القانون ومؤسسات الدولة من قوى سياسية نمت واقتاتت على أشلاء الدولة واستعانت بالقانون غالباً لتصفية الحساب مع الخصوم، أصبح التمسك الصادق بأحكام القانون وتطبيقها، الذي يعتبر من البديهيات، خروجًا على المألوف يستدعي التنويه وصار فعل الصواب من جانب القائمين على المسؤولية العامة كما فعل وزير الداخلية، الذي تمسّك بالمواعيد القانونية وبدأ إزالة الاعتداءات المرتكبة في بعض القرى على الأملاك العامة، يستحق الإشادة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us