عقود الطلاق تفوق عقود الزواج: والأوضاع الاقتصادية سبب أساسي
مع تفاوت النسب بين الطوائف المختلفة، تبقى الأزمة الاقتصادية قاسماً مشتركاً بينها في الأسباب المودية للطلاق..
كتبت ريتا صالح لـ “هنا لبنان”:
تختلف الأسباب والنتيجة واحدة، فالبيت الذي بُنِيَ على الحبّ أوّلاً تنهار أسسه وتنتهي العلاقة الزوجية إلى الطلاق بعد أن يعجز الطرفان أو أحدهما عن الوصول إلى حلول لاعادة إحياء العلاقة مع الآخر.
وفي لبنان، بات الطلاق أمراً شائعاً، حيث تكاثرت مؤخراً الحالات متجاوزة نسبة المعقول.
وتشير المصادر القانونية لـ”هناك لبنان” أن المحاكم الكاثوليكية الست في لبنان هي محاكم موحّدة، أي أن هناك محكمة واحدة في كل لبنان، إلّا أن المحاكم الارثوذكسية ليست موحّدة بل مناطقية، وكل محكمة لديها عدد دعاوى مختلف عن الأخرى. وتضيف المصادر أن دعاوى الطلاق لدى الطائفة المارونية يتراوح عددها بين 750 و 800 دعوى قضائية في السنة، والرقم غير ثابت نسبة لتطور الظروف والأحداث. ويصل عدد الدعاوى عند طوائف الروم الكاثوليك إلى 100 في السنة، أمّا باقي الطوائف مثل السريان الكاثوليك، والأرمن الكاثوليك، والكلدان والطائفة اللاتينية التابعة لبابا روما في الفاتيكان يصل عددها إلى نحو 10 حالات في السنة. كما تفيد المعلومات أن هذه الدعاوى لا تمثل الحقيقة في لبنان لأن هناك عدداً كبيراً من الأزواج الذين ينفصلون من دون تقديم دعوى قضائية لأسباب معينّة منها: “الاتفاق بين الطرفين، أو بسبب الوضع المادي ودفع الرسوم…”
من ناحية المحاكم المسيحية، أوضح المحامي الكنسي شادي نجم في حديث خاص لـ “هنا لبنان” أن الخلافات بين المتزوجين أكبر من عدد الدعاوى المقدمة للمحاكم المختصة، مشيراً إلى أن من أسباب دعاوى الطلاق: أولاً، الوضع الاقتصادي، الخيانة، الاضطرابات النفسية، المثلية، الإهمال، الضيقة الاقتصادية، الكورونا، وعمل الزوجة… وأكد نجم أن الأزواج الذين يلجأون للطلاق يتراوح عدد سنوات زواجهم ما بين السنتين إلى عشرين وخمس وعشرين سنة، مؤكداً أنه لا يوجد أي رقم محدد لمهلة الزواج. ولفت إلى أن دعاوى الطلاق تختلف من دعوى إلى أخرى، حيث أن بند حضانة الأطفال جزء من سرعة أو بطء إنهاء الملف قضائياً، فإذا كان هناك حضانة مع إختلاف بين الطرفين فالدعوى تأخذ وقتاً طويلاً، مع الإشارة إلى أن إتجاه كل المحاكم الأرثوذكسية أو الكاثوليكية بإعطاء الحضانة للأمّ، بالرغم من الصّراع بين الزوجين، ويضيف أن المشكلة عادة تكون على “النفقة” أي “المبلغ المالي الذي يدفعه الزوج” من حاجات يومية مثل المأكل والملبس، ومدارس وأقساط وملحقاتها، بالإضافة إلى الطبابة بشكل كامل. وأفاد المحامي نجم أنه مؤخراً وبالرغم من أن الحضانة تعطى للأمّ في غالبية الدعاوى التي تقدم من قبلهنّ، قتقدمت بعض الزوجات بدعوى طلاق من دون الإصرار على طلب حضانة الاولاد، موضحاً أن هذا الأمر لم يكن يحصل سابقاً، ويعتبر هذا الوضع جديداً وغريباً.
وعن الحالات النفسية التي تواجهها المحاكم مؤخراً، فقال نجم أن التقارير النفسية تأتي إمّا أن لدى الثنائي إضطرابات شخصية زهرية أو هوسية، المثلية، البخل الشديد، والعنف والخيانة وغيرها، مشدداً على أن وضع الثنائيات في لبنان لم يعد سليماً.
وفي المقابل، أكد المحامي نجم أن المشكلة الوحيدة التي جعلت المحاكم تتأخرّ في البتّ وإنهاء الدعاوى لديها، هو الإقفال العام بسبب جائحة كورونا، مؤكدًا أن جميع المحاكم الروحية لم تعتكف يوماً ولم تعلن عن أي إضراب. ولفت نجم إلى أن كمية الدعاوى المقدمة لدى المحكمة الروحية كثيرة جداً، وتفوق قدرة القضاة على إنهائها بشكل سريع، خصوصاً أن كل دعوى لديها خصوصيتها وحجمها وتفاصيلها.
أمّا من ناحية المحاكم الإسلامية، تشير المحامية بالاستئناف نغم صادق في حديث خاص لـ “هنا لبنان” إلى أن الطلاق لدى المحاكم الشرعية السنية سهل جداً نسبة للمحاكم الجعفرية، حيث أن في قانون الأحوال الشخصية المطبّق في الطلاق يحصل في دعوى التفريق للشقاق والنزاع وسوء العشرة والضرر، وعندما يثبت القاضي النزاع بين الطرفين، تلقائياً يتمّ الطلاق بينهما حتى لو لم يكن هناك دليل أمام القاضي، موضحةً أن الرجل والمرأة متساويان في رفع دعوى التفريق لدى المحكمة الشرعية السنية، وتستطيع المرأة أن تحصل على كامل حقوقها بحسب نسبة المسؤولية التي تقع عليها كزوجة. أمّا في المحاكم الجعفرية، فتؤكد المحامية صادق أن الطلاق صعب جداً، وشبه مستحيل في حال رفض الرجل أن يطلق المرأة. وأوضحت أن الأسباب المادية والضغوطات المعيشية واليومية من أبرز أسباب الطلاق، وخصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة. بالإضافة إلى زيادة نسبة العنف الجسدي والمعنوي وعدم الاحترام، وتفاقم نسبة الخيانة بين الزوجين التي أصبحت اليوم أسهل وبنسبة أكبر مع تطور وبروز مواقع التواصل الاجتماعي، مضيفة أنه لوحظ مؤخراً أن سبب الخيانة ليس فقط من قبل الرجل كما هو مشاع، بل أصبح من قبل المرأة أيضاً.
وتفيد مصادر قانونية خاصة لـ”هنا لبنان” أن نسبة عقود الزواج لدى الطائفة الشيعية أكثر من نسبة عقود الطلاق شبه المستحيل في أغلب الأحيان. كما تؤكد المصادر أيضاً أن نسبة الطلاق لدى المحاكم الجعفرية والشرعية السنية أصبحت تتراوح ما بين 20 إلى 25% تقريباً، ومن أبرز الأسباب الرئيسية للطلاق لدى تلك المحاكم هي: “تطوّر مواقع التواصل الاجتماعي، والأزمة الاقتصادية الراهنة”.
ولا بدّ من ذكر ظاهرة جديدة طرأت على المجتمع اللبناني، فقد أصبحت بعض المطلقات تجري إحتفالات بمناسبة الحصول على حريتهنّ.
إن نسبة كبيرة من المتزوجين أصبحوا مطلّقين، منهم الجدد، ومنهم من تخطّى العشرين سنة “عشرة”، أو أكثر، وكل ذلك يأتي بعد “طول انتظار” و”صبر” و”صمت”. فعادةً يكون الحب دافعاً للزواج، ولكن في لبنان ومع تكدس الأزمات المعيشية- اليومية- الاجتماعية والحياتية أصبح للحبّ “كوخ صغير”، يتّسع للقلوب الضعيفة أو المغرومة نوعاً ما فقط.. فالوضع اللبناني لم يترك أي منفس للفرد إلا وحطّ ثقله على أكتافه وأثّر سلباً على واقع المجتمع اللبناني وجعل عدداً كبيراً من العائلات تتفكك…
مواضيع مماثلة للكاتب:
الصحة الإنجابية في خطرٍ كبير… لبنان كالصين: ولد واحد لكل عائلة! | القطاع التعليمي في لبنان عالق بين “الردّين” و”المفاوضات” | أحداث الجنوب تربك اللبنانيين.. إلغاء رحلات ورفع للأسعار! |