العالم أمام تحولات جديدة… والاقتصاد عنوانها الأول!
إذا كانت منطقة الشرق الأوسط تشهد بعض الانفراجات المتتالية نتيجة التفاهم السعودي- الإيراني، فإن هذه الانفراجات تبقى بحاجة لتثبيت واستكمال في مختلف المسارات بمتابعة صينيّة مفترضة قبل التأكد من نجاحها تماماً وعدم الإخلال بما تضمنته من تعهدات تكفل إحداث التغيير المتوقع.
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
في تقرير حديث صدر عن صندوق النقد الدولي، أشار الصندوق إلى أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه أربعة تحديات رئيسيّة خلال العام الجاري، وهي على التوالي: معالجة آثار التضخم، عدم اليقين العالمي، صعوبات التمويل الدولي، وتطورات الإصلاح الإقتصادي.
لقد أثرّت سياسات رفع الفائدة على النمو الاقتصادي الذي لم يكن قد تعافى من تداعيات جائحة “كورونا” التي كانت تجربة قاسية على البشر كما على الاقتصادات الدوليّة، النامية منها والمتقدمة، وساهمت في تباطؤ شديد في الكثير من مسارات الاقتصاد العالمي الذي شهد جموداً غير مسبوق وتراجعاً في الكثير من القطاعات وصولاً إلى إرتفاع معدلات البطالة وفقدان مئات الآلاف من الوظائف.
أما في مجال ما وُصف بعدم اليقين العالمي، فلقد أرخت التوترات الجيوسياسيّة في العديد من البقع الجغرافيّة حول العالم بثقلها على مجمل حركة الاقتصاد الدولي، وفي طليعتها الحرب الروسيّة على أوكرانيا وتصاعد التوتر بين موسكو وحلف شمالي الأطلسي الآخذ في التوسع شرقاً بما يعمّق الهوّة مع روسيا ويضاعف من استفزازها. ولقد كان لهذه الحرب تأثيراتها الكبيرة في سوق النفط والأمن الغذائي فضلاً عن الخسائر البشريّة والدمار الكبير.
وإذا كانت منطقة الشرق الأوسط تشهد بعض الانفراجات المتتالية نتيجة التفاهم السعودي- الإيراني، فإن هذه الانفراجات تبقى بحاجة لتثبيت واستكمال في مختلف المسارات بمتابعة صينيّة مفترضة قبل التأكد من نجاحها تماماً وعدم الإخلال بما تضمنته من تعهدات تكفل إحداث التغيير المتوقع.
ومن الواضح أيضاً أن ثمّة صعوبات مستجدة في مجال التمويل الدولي لا سيّما على ضوء ارتفاع أسعار برميل النفط الذي لا تقتصر عناصر تسعيره على العوامل الاقتصاديّة والتجاريّة التقليديّة كالعرض والطلب وسواهما، بل إنها مرتبطة تماماً بالتحولات السياسيّة الكبرى التي يشهدها موازين القوى الدوليّة وخلط الأوراق الذي يتمثّل بتنشيط الصين لديبلوماسيتها الشرق أوسطيّة والخروج بقوّة من مربع الانكفاء والتفرج إلى مربع الفعل وصناعة الاختراقات الكبرى، وهو ما يتوازى مع وهن أميركي وارتباك واشنطن في تعاملها مع حلفائها قبل خصومها.
وتبقى أخيراً خطوات الإصلاح الاقتصادي التي تشهد تعثراً ملحوظاً في العديد من البلدان النامية والفقيرة (مثل لبنان) نتيجة عدم نضوج الأداء السياسي المحلي في تلك الدول وارتقائه إلى مستوى التحديات الماثلة لا سيّما في المجالات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والمعيشيّة.
إزاء هذه التحولات والمصاعب التي تفرض نفسها على الساحة الدوليّة، بات واضحاً أن التقسيم التقليدي لخارطة نفوذ القوى المختلفة يتطلب مقاربات جديدة تأخذ بالاعتبار كل هذه العناصر، وبالتالي يُبنى على الشيء مقتضاه.
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |