الدفع بالدولار ممنوع: شركات متعددة الجنسيّات تهلّل لليرة اللبنانيّة
تمتنع بعض الشركات المتعددة الجنسيّات، وهي شركات أجنبيّة غير وطنيّة تعود ملكيّتها إلى دول عدّة، عن قبول الدفع بالدولار مقابل خدماتها أو السلع التي تقدّمها، حاصرة عمليّات الشراء بالليرة اللبنانيّة فقط!
كتبت باولا عطيّة لـ “هنا لبنان”:
في الوقت الذي تتجه فيه جميع السلع والخدمات في لبنان نحو نظام الدولرة، والذي افتتحه وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصّار وكرّسه وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، تمتنع بعض الشركات عن قبول الدفع بالدولار مقابل خدماتها أو السلع التي تقدّمها. حاصرة عمليّات الشراء بالليرة اللبنانيّة فقط! وللمفارقة، فإنّ معظم هذه الشركات متعددة الجنسيّات، فما هي هذه الشركات؟ وما سبب اعتمادها لهذه السياسة؟
ما هي الشركات المتعددة الجنسيّات؟
الشركات المتعددة الجنسيّات، هي شركات غير وطنيّة، أجنبيّة، تعود ملكيّتها إلى دول عدّة: هولندية أو ألمانية، فرنسية أو سويسريّة، إيطالية أو كندية، سويدية أو يابانية. فيما النسبة الأكبر منها أميركية المنشأ.
وتجلت سيطرة هذه الشركات على أسواق أميركا عقب الحرب العالمية الثانية، بعد أن اضطُرَّت الصناعة فيها للاعتماد على نفط هذه الشركات التي حققت بالتالي أرباحاً خيالية. وبحسب تقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة عام 1993، فهناك ما لا يقل عن 35 ألف شركـة متعددة الجنسية تسيطر على نحو 170 ألف فرع أجنبي تابع لها خارج حدود الدولة الأم. فيما أكثر من 100 شركة متعددة الجنسيات تستحوذ على ما قيمته 3 تريليون دولار. ويقع ما قيمته 1.2 تريليون دولار منها خارج بلدان هذه الشركات. وكما تشير الإحصاءات العائدة لوزارة التجارة الأميركية، فإن قيمة الأصول العائدة لرأس المال الخاص غير المقيم في الولايات المتحدة (الأجنبي) بلغت 8.5 تريليون دولار عام 1990. وتشير التقديرات إلى أنّ عدد الشركات المتعددة الجنسيات حتى العام 2010، بلغ 65 ألف ويتبع لها حول العالم حوالي 850 ألف شركة.
الدفع بالدولار ممنوع
وفي هذا الإطار لاحظ موقع “هنا لبنان” عدم قبول جميع فروع Mac Donald في لبنان الدفع إلا بالليرة اللبنانيّة، حيث وضعت يافطة على “الكاش” كتب عليها “إلى زبائننا الكرام، نعتذر عن قبول الدفع بالدولار، ونقبل الدفع بالليرة اللبنانيّة حصراً”. ولدى سؤالنا عن السبب أجاب الموظفون “لا نعرف، هذا قرار الإدارة”.
وانضمّ مطعم KFC إلى “ماكدونالدز” في سياسة رفض الدفع بالدولار، على عكس Burger king الذي لا يزال يقبل الدفع بالدولار. فيما Dunkin Donuts وفي حال قبوله الدفع بالدولار يتجنّب قبول أوراق الـ50$ والـ100$، ويرفض ردّ المبلغ المتبقي من ضمن الفاتورة بالدولار، بل يصرّفه بالليرة اللبنانيّة بأقلّ من 1000 أو 2000 ليرة من سعر صرف السوق السوداء.
كذلك ترفض شركة Starbucks الدفع بالدولار، حالها حال شركة Pepsi التي يطالب مندوبيها المتاجر التي تستلم منها البضاعة بالدفع بالليرة اللبنانيّة.
إلى ذلك، أبقت شركة “فتّال” اللبنانيّة، على أسعارها بالليرة اللبنانيّة، فعلى عكس باقي الشركات الصناعيّة اللبنانيّة، لم تقم فتّال بتعديل نظام الدفع الماليّ الخاص بها، من الليرة اللبنانيّة إلى الدولار، مبقية على الأسعار بالعملة المحليّة.
الدفع بالدولار مشروط بإمضاء
هذا ولم تقتصر عمليّات الدفع بالليرة اللبنانيّة حصراً، على شركات المواد الغذائيّة، أو المطاعم، بل تعدّتها لتطال محلات الألبسة العالميّة. حيث يفضّل بعض هذه الأخيرة آليّة الدفع بالليرة اللبنانيّة على الدولار. وهو ما نقله أحد المواطنين في حديثه لموقع “هنا لبنان”، مشاركاً تجربته في متجر Lc Waikiki التركي الأصل، والذي تتوزّع فروعه في جميع المولات في لبنان. وفي التفاصيل يشرح المواطن أنّه وبعد شرائه لكميّة كبيرة من الملابس، عرض دفع فاتورته بالدولار، ليفاجئه موظّف الصندوق بتفضيله الدفع بالليرة اللبنانيّة ويقول “إذا معك المبلغ باللبناني أفضل تدفعو باللبناني”، وبعد إصرار المواطن على الدفع بالدولار، قام الموظّف بجعله يوقّع على الفاتورة، وعلى ورقة أخرى، تضمّنت جميع أرقام أوراق الدولار التي استخدمها في الدفع، مع اسمه الكامل ورقم هاتفه.
سببان لرفض الدفع بالدولار
في هذا الإطار يقول الصحافي المتخصّص في الشأن الاقتصادي خالد أبو شقرا في حديثه لـ”هنا لبنان” أنّ “هناك سببين وراء عدم قبول الشركات المتعددة الجنسيات الدفع بالدولار. السبب الأوّل هو أنّ لهذه الشركات العالمية سياسة داخليّة خاصّة تفرض عليها التسعير بعملة البلد الموجودة فيه. فإذا كانت هذه الشركة في لبنان عليها التسعير بالعملة الوطنيّة للبلد أيّ بالليرة اللبنانيّة، وإذا كانت في فرنسا عليها التسعير باليورو إلخ.”
أمّا السبب الثاني، يضيف أبو شقرا يكمن في “رغبة مبطّنة لدى هذه الشركات بعدم دولرة رواتب موظفيها، بحجّة أنّ مدخولها لا يزال بالليرة اللبنانيّة، فكيف تعطي موظفيها راتبهم بعملة مغايرة لإيراداتها؟ حيث تعتمد معظم الشركات دفع رواتب موظفيها بنفس عملة إيراداتها أو مداخيلها المتأتيّة من ثمن السلعة المباعة”.
ويلفت إلى “وجود حلقة ضائعة في العمليّة الحسابيّة التي تعتمدها هذه الشركات، فهي من جهة تدفع كلفة موادّها المستوردة، والتي تدخل في صناعة السلعة المباعة، بالدولار، وتبيعها باللبناني، وفق سعر صرف مجهول! ولعلّها بهذه الطريقة تستفيد من هامش ربح ما، من اختلاف سعر الصرف”.
على المقلب الآخر، يشكو بعض المواطنين من الكلفة العالية التي يتوجّب عليهم دفعها بالليرة اللبنانيّة لدى شرائهم لأيّ سلعة أو خدمة من الشركات المتعددة الجنسيّات. فإذا ما احتسبنا كلفة تناول عائلة مؤلفة من 4 أشخاص لوجبة غداء مع تحلية في “ماكدونالدز” على سبيل المثال، قد تصل إلى 3 مليون ليرة كحدّ أدنى، أيّ 30 ورقة 100 ألف ليرة، فيما لو كانت الشركة تقبل الدفع بالدولار سيكون حجم المبلغ المحمول لدى طالب السلعة موجود ويسهل حمله.