18 عاماً على نهاية حقبة “البوريفاج وعنجر”… لكن “ملائكة الداخل” حاضرة دائماً!
بعد ثورة الأرز وتحديداً في 26 نيسان 2005، انتهت ثلاثة عقود من الاحتلال السوري في لبنان مع ما رافقها من قهر وذلّ وقمع للحريات.. سوريا خرجت من لبنان عسكرياً، لكن ملائكتها كانت حاضرة دائماً عبر الحزب والحلفاء الإستراتيجيين للنظام السوري.
كتبت صونيا رزق لـ “هنا لبنان”:
في مثل هذا اليوم منذ 18 عاماً انتهت حقبة أليمة من الاحتلال السوري العسكري للبنان، بدأت في العام 1976 وانتهت في 26 نيسان 2005. ثلاثة عقود حوت كل أنواع المآسي والموت والعذاب والتهجير والقصف والدمار والاغتيال، فيما عنوان الدخول كان “المساعدة لوقف الحرب اللبنانية”، لكن هذا العنوان لم يدم كثيراً على أرض الواقع، فظهرت حقيقته إلى العلن. وبدأت إستفزازات الجيش السوري تحطّ رحالها في بعض المناطق خصوصاً المسيحية منها، لكي يبرز سلطته بشكل كامل على كل لبنان حتى العام 1977. حينها شهدنا قمعاً للحريات مع إعتقال كل من يخالف وجهة نظر النظام السوري في أي اطار، إضافة إلى توجيه تهم مختلفة واعتقالات للشباب اللبناني المعارض للسياسة السورية.
إلى ذلك أتى خروج الجيش السوري نهائياً على وقع ثورة شعبية، جمعت أكثر من مليون ونصف مليون لبناني، طالبوا بالسيادة والحرية، بالتزامن مع ضغوط دولية على سوريا لتنفيذ القرار 1559، الذي دعا إلى انسحاب القوات الأجنبية من لبنان، وحلّ الميليشيات ونزع سلاحها، على أثر جريمة 14 شباط 2005 تاريخ إغتيال رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري، ما أدى إلى تفاقم الضغوط الدولية لخروج السوريين، فتحققت تلك الأمنية بعد انتفاضة الاستقلال وثورة الأرز في 14 آذار، فإنسحب ما يقارب الـ 14 ألف جندي، وإنقلبت كل المقاييس لأن القسم الأكبر من اللبنانيين توّحدوا بمختلف طوائفهم، لإنهاء حقبة من النظام المخابراتي السوري، والنظام الأمني السوري- اللبناني، أي التخلّص من زمن “البوريفاج وعنجر” وتوابعهما، وإلى ما هنالك من حقبة أليمة عاشها لبنان واللبنانيون عنوانها القهر والذل.
يافطات الشكر لـ “المنقذين”!
وعلى خط آخر، قوبل ذلك اليوم المميّز برفض مطلق للخروج من قبل حلفاء سوريا في لبنان، فانقسم اللبنانيون بين مؤيد لخروجهم، وبين مدافع عن بقائهم مع يافطات “الشكر”، والبعض لبس “الكوفية” مهدّداً ومطالباً ببقاء مَن أسماهم “المنقذين” الذين أوصلوهم إلى الحكم!
للأسف بقيت فرحة الانتصار بالتحرير منتقصة، لأنها لم تكتمل لغاية اليوم، فالخروج السوري لم يتحقق فعلياً من ناحية الحكم الذاتي اللبناني، لأنّ سوريا بقيت محطة تدّخل، والتابعون لها في لبنان ما زالوا ينفذون أجندات تخدمها وتضعف وطنهم، لأنّ مصالحهم الخاصة تقتضي ذلك.
هل سيتعظ اللبنانيون؟
إنطلاقاً من هنا يمكن القول أنّ سوريا خرجت من لبنان عسكرياً، لكن ملائكتها كانت حاضرة دائماً عبر حزب الله وحلفائه الإستراتيجيين للنظام السوري، أي أنّ القصة تتكرّر، إنقسام اللبنانيين وولاء بعضهم للخارج. فيما تبقى الأمنية الكبرى في هذا اليوم، ضرورة التلاقي والاتفاق على كلمة واحدة هي “لبنان وطن للجميع” على إختلاف الإنتماءات والتوجهات، وبالتالي البحث عن سبل جديدة لإنقاذه، وحمايته من التجاذبات الإقليمية، والابتعاد عن الرهانات الخارجية الخاطئة التي أوصلته إلى الخراب والانهيار.
إزاء هذه الصورة المأساوية، لم يعش اللبنانيون فرحة الانتصار الحقيقي، إذ تمّر ذكرى 26 نيسان كل عام وفي القلب غصّة، لأن فرحة التحرير ما تزال منتقصة. فالخروج السوري لم يتحقق فعلياً من ناحية تحقيق الحكم الذاتي اللبناني.
إنطلاقاً من هنا نسأل: “كيف لم يتعظ اللبنانيون بأجمعهم لغاية اليوم ويسيروا على الخط الوطني المستقيم؟
مخاوف من توترات أمنية اليوم
وفي إطار آخر وبالتزامن مع الذكرى، يعود ملف النازحين السوريين إلى الواجهة من جديد، مع مطالبة بعض الأفرقاء اللبنانيين بضرورة عودتهم إلى ديارهم، لأنّ لبنان لم يعد باستطاعته استضافة هذا العدد الكبير منهم، ولم يعد قادراً على تحمّل كلفة ضبط الأمن في مخيمات النازحين والمناطق التي ينتشرون فيها، إضافة إلى المشاكل التي يفتعلها بعضهم من خلال السرقة والتعديات والقتل، في ظل الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان.
هذه المواقف التي توالت خلال الأيام القليلة الماضية، أطلقت العنان لضرورة الإسراع في إنهاء هذا الملف الشائك، وهنالك مخاوف من حصول توترات أمنية، خصوصاً بعد الدعوات لاعتصامات من قبل النازحين السوريين أمام مفوضية اللاجئين في بيروت، بالتزامن مع دعوات إلى تظاهرة لبنانية للمطالبة برحيلهم، والتي تمّ منعها لاحقاً بعد كتاب من وزير الداخلية بسام مولوي تجنباً لحدوث إشكالات.