لبنان الأوّل عالميّا بنسب التضخّم وتحذير من انفجار اجتماعي!


أخبار بارزة, خاص 2 أيار, 2023
التضخّم

استمرار التضخّم بالارتفاع بهذه الوتيرة السريعة في لبنان، سيؤدّي إلى انكماش الاقتصاد، وبالتالي تباطؤ النموّ، لا بل انعدامه، ما سيرفع أكثر وأكثر حالات الفقر، والبطالة لنسب غير مسبوقة قد تتسبّب بانفجار اجتماعي

كتبت باولا عطيّة لـ”هنا لبنان”:

لم يعد يخفى على أحد التضخّم المفرط الذي يعيشه الاقتصاد اللبناني، حيث يلمس اللبنانيون ارتفاع الأسعار الجنوني، الذي طال أيضا السلع المسعّرة بالدولار. فبدل تراجع سعر السلعة بالدولار، مقابل الانهيار الدراماتيكي لسعر صرف الليرة اللبنانية، عاد الأخير لما كان عليه قبل أزمة الـ2019. وخير دليل على ذلك فواتير المطاعم، والملابس.

وبعد فترة “الرخص” التي عاشها قطاع الخدمات في لبنان، بين عامي 2019 و2021، استرجع هذا القطاع “عزّه” بأسعار مدولرة.

ارتفاع في مؤشّر أسعار السلع

وهو ما أكّده آخر تقرير صادر عن إدارة الإحصاء المركزي، والذي كشف أنّ مؤشر أسعار الاستهلاك في لبنان لشهر آذار 2023، سجّل ارتفاعاً وقدره 33,27 % بالنسبة لشهر شباط 2023. كما سجل مؤشّر أسعار الإستهلاك في لبنان لشهر آذار 2023 ارتفاعاً وقدره 263,84 % بالمقارنة مع شهر آذار 2022.

وبطبيعة الحال، فإنّ زيادة الطلب ستؤدّي إلى رفع الأسعار، إلى جانب السياسات الحكوميّة الدافعة باتجاه الرفع المستمرّ للدولار الجمركي، ما يؤدّي تلقائيّاً إلى زيادة نسبة التضخّم في أسعار السلع.

لبنان في المرتبة الأولى عالميا بأعلى نسبة تضخّم

وفي هذا الإطار، كشف آخر تقرير صادر عن البنك الدولي أنّ لبنان يتصدّر قائمة الدول العشر التي تعاني من تضخم أسعار الغذاء. لا بل جاء لبنان في المرتبة الأولى عالمياً، بعد أن بلغت نسبة التضخم السنوية 261% في أسعار الغذاء (من تشرين الثاني 2022 ولغاية شباط 2023) متجاوزاً زيمبابوي، التي جاءت في المرتبة الثانية بمعدل تضخّم سنوي بلغ 128 %. ثم الأرجنتين 107%، إيران 73%، تركيا 67%، مصر 63%، رواندا 63%، سورينام 59%، لاوس 51%، وغانا 51%.

وحسب التقرير الذي جاء بعنوان “تزايد إنعدام الأمن الغذائي في العالم”، فإنّ “لبنان من الدول القليلة حول العالم التي ارتفع فيها معدل تضخم أسعار الغذاء بوتيرة شهرية وبنسب تزيد عن30% في الفترة الممتدة من آذار2022 ولغاية شباط 2023”.

وفي التفاصيل، يتبيّن أنّه وبعد رفع الحكومة الدعم عن جميع السلع ما عدا القمح، (فقط 25% من الطحين المستورد لا يزال مدعوماً على سعر صرف 7000 ليرة للدولار الواحد، فيما 75% من ثمن الطحين المستورد يدفع بالدولار وفق سعر صرف السوق السوداء) ارتفعت تكلفة الاتصالات بأكثر من 620 % (في آذار)، وأسعار الكحول والتبغ بنسبة 451 في المئة على أساس سنوي، وفقاً لأحدث البيانات.

ارتفاع كلفة المعيشة في لبنان بنسبة 196%

بحسب احصاءات “الدوليّة للمعلومات” ارتفعت كلفة المعيشة في لبنان للأسرة اللبنانيّة المتقشّفة بنسبة 196% حتى بداية شهر نيسان 2023 مقارنة بشهر تشرين أول 2022. حيث خلصت الدراسة إلى أنّ كلفة معيشة أسرة مؤلّفة من 4 أشخاص تتراوح بين 39 مليون ليرة و77 مليون ليرة شهريّاً بالحدّ الأدنى (من دون احتساب كلفة الصحّة والاستشفاء)، بينما تراوحت هذه الكلفة في شهر تشرين الأوّل 2022، بين 20 مليون ليرة و26 مليون، وهذا يعني أنّ كلفة المعيشة قد ارتفعت من تشرين الأوّل ولغاية نيسان 2023 بنسبة تراوحت بين 95% و196%.

فحتى أبسط الأطباق اللبنانيّة، “الفتوش”، والتي تعتمد مكوّناته على خضار محليّة، ارتفعت كلفته من العام 2020 ولغاية العام 2023، بنسبة بلغت 3,997%. فبين شهري رمضان 2022 -2023، ارتفعت أسعار الخضار والمواد التي تدخل في مكوّنات طبق الفتّوش فتراوح ارتفاعها بين 54.8% للملح، و100% للبندورة والخيار، و600% لزيت الزيتون، وصولاً إلى 1,150% للبصل.

كلفة النقل تستحوذ على 25%- 50% من الراتب الشهري

ومع استمرار انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدّولار ووصوله إلى مستويات كبيرة بلغت 112 ألف ليرة لكلّ دولار، ارتفعت أسعار مادة البنزين بشكل كبير وغير مسبوق، إذ وصل سعر صفيحة البنزين 95 اوكتان إلى مليونين وأربعة وأربعين ألف ليرة (2,044,000 ل.ل.) صباح يوم الاثنين في 20 آذار 2023.

وأدّى ذلك إلى ارتفاع في كلفة النّقل بالسيّارة الخاصّة، إذ بلغت 15,800 ليرة/كيلومتر واحد، مع السيّارة التي تستهلك 170 كيلومتراً/صفيحة، وتقطع مسافة 11 ألف كيلومتر سنويّاً.

وقد تطوّرت هذه الكلفة، وفقاً لارتفاع سعر صرف الدّولار وارتفاع سعر صفيحة البنزين، خلال الفترة (من 28 آب 2021 ولغاية 20 آذار 2023)، على النحو التالي:

• ارتفعت كلفة الكيلومتر الواحد بنسبة 1,105%،

• ارتفع سعر صرف الدّولار بنسبة 490%،

• ارتفع سعر صفيحة البنزين بنسبة 1,494%.

هذا وأصبحت كلفة النقل تستحوذ على ما نسبته 25%-50% من الراتب الشهري للعامل.

25% من اللبنانيين دون خطّ الفقر

بحسب احصاءات الدوليّة للمعلومات في عام 2021، يصل عدد اللبنانيين المقيمين في لبنان إلى نحو 4.3 مليون نسمة. تقدر نسبة الفقر بــ 55% من اللبنانيين المقيمين أي نحو 2.365 مليون لبناني، منهم نسبة 25% دون خط الفقر أي 1.075 مليون وهؤلاء لا يكفي دخلهم لتوفير الكميات الكافية والصحية من الغذاء، و30% منهم فوق خط الفقر أي 1.290 مليون وهؤلاء يكفي دخلهم لتوفير الغذاء ولكنهم يعانون من ظروف معيشية صعبة من السكن والملبس والتعليم وغيره. و نحو 45% من اللبنانيين المقيمين لا يتمتعون بأية تغطية صحية إلا ما تؤمنه وزارة الصحة العامة.

تراجع عقود الزواج مقابل ارتفاع عقود الطلاق

هذا التضخّم المفرط، أدّى إلى تراجع عقود الزواج في الفترة الممتدة بين 2012-2022، مقابل ارتفاع عدد عقود الطلاق في الفترة عينها.

ويظهر احتساب المتوسّط السنويّ للفترة المذكورة، أنّ عقود الزواج تراجعت بنسبة 1.89%، في حين ارتفعت نسبة عقود الطلاق، وبلغت 2.78%.

ارتفاع النقد المصدّر بنسبة 796%

على الصعيد النقدي، فقد ارتفع النقد المصدر (أيّ حجم العملات المطبوعة من قبل مصرف لبنان) من 3,284 مليار ليرة في نهاية العام 2011 ‏إلى 29,450 مليار ليرة ‏نهاية العام 2020 أي بارتفاع مقداره 26,116 مليار ليرة ونسبته 796%، وحصل الارتفاع الكبير منذ أيلول 2019 و حتى نهاية العام 2020 وبلغ نحو 1,656 مليار ليرة كمتوسط شهري، وذلك بحسب تقارير مصرف لبنان الفصليّة.

وسبب هذا الارتفاع هو اعتماد الحكومة على المصرف المركزي، لطباعة المزيد من العملات، لدعم السلع، وتأمين رواتب القطاع العام.

تحذير من انفجار اجتماعي

من جهتها تحذّر مصادر اقتصاديّة، في حديثها لموقع “هنا لبنان” من أنّ “استمرار التضخّم بالارتفاع بهذه الوتيرة السريعة في لبنان، سيؤدّي إلى انكماش الاقتصاد، وبالتالي تباطؤ النموّ، لا بل انعدامه، ما سيرفع نسب حالات الفقر أكثر وأكثر، والبطالة لنسب غير مسبوقة قد تتسبّب بانفجار اجتماعي”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us