بعد الدولار الجمركي، الـTVA على “صيرفة”.. فما تأثيرها على أسعار السلع؟
في سبيل إيجاد إيرادات لتمويل رواتب وأجور القطاع العام بعد الزيادات التي أقرّت بالإضافة إلى المتممات من بدل نقل ومحفّزات، قام مجلس الوزراء بربط ضريبة القيمة المضافة بسعر منصّة صيرفة، إذا كانت الفواتير محدّدة بعملة أجنبية.
كتبت باولا عطية لـ “هنا لبنان”:
في سعي الحكومة لتأمين المزيد من الإيرادات لخزينة الدولة، تمكّنها من تمويل رواتب وأجور القطاع العام بعد زيادة الـ4 رواتب الأخيرة والتي أضيفت على زيادة الراتبين التي سبقتها، بالإضافة إلى متممات الراتب من بدل نقل ومحفّزات، قام مجلس الوزراء بربط ضريبة القيمة المضافة بسعر منصّة صيرفة، إذا كانت الفواتير محدّدة بعملة أجنبية. حيث ألغى مجلس الوزراء نص المادة 18 من المرسوم 7308 المتعلق بتحديد دقائق تطبيق أحكام القانون رقم 379/2001 المتعلّق بالضريبة على القيمة المضافة واستبدله بالنص الآتي:
“في حال كان ثمن الخدمة أو المال محدّداً بعملة أجنبية وبهدف احتساب أساس فرض الضريبة على القيمة المضافة ولحين اعتماد سعر صرف موحد، يعتمد ما يلي:
أولاً: عند الاستيراد يعتمد سعر صرف الدولار الأميركي الذي يحدد بقرار مشترك يصدر عن وزير المالية وحاكم مصرف لبنان لاستيفاء الرسوم الجمركية وأيضاً بالنسبة إلى الضريبة على القيمة المضافة وسائر الرسوم التي تفرض عند الإستيراد.
ثانياً: في حال قيام المكلفين بالضريبة على القيمة المضافة بعمليات تسليم أموال أو تقديم خدمات لصالح أشخاص محترفين من غير المستهلكين بالعملات الأجنبية، تحتسب الضريبة على القيمة المضافة وفقاً لسعر الصرف الصادر عن منصّة صيرفة. ويتوجّب إظهار قيمة الضريبة على القيمة المضافة المتوجّبة على الفواتير أو المستندات المماثلة لها بالليرة اللبنانية.
ثالثاً: تحتسب الضريبة على القيمة المضافة المتوجبة على الفواتير الصادرة بعملة أجنبية من قبل الجهات الرسمية المعنية بتسليم الأموال وتقديم الخدمات المتعلقة بالإتصالات السلكية واللاسلكية لصالح المشتركين سواء كانوا من المستهلكين أو المحترفين على أساس سعر منصّة “صيرفة”.
رابعاً: تحتسب الضريبة على القيمة المضافة المتوجبة على رسوم المطارات والمرافئ المحدّدة بالعملات الأجنبية على أساس سعر منصّة صيرفة.
وبذلك ينضمّ رفع الضريبة على القيمة المضافة إلى سلسلة الضرائب التي باشرت الحكومة برفعها منذ مطلع الشهر الجاري، كالضريبة الجمركيّة، والضريبة على الأملاك البحريّة. الأمر الذي أثار خوف المواطنين، من أن تؤدّي هذه الخطوة إلى رفع حجم التضخّم في لبنان، خصوصاً بعد أن احتلّ الأخير المرتبة الأولى عالمياً بأعلى نسبة تضخّم والتي وصلت إلى 261% في أسعار الغذاء وحدها!
ما هي الضريبة على القيمة المضافة؟
هي ضريبة غير مباشرة تفرضها الدولة على استهلاك معظم السلع والخدمات، وتقع على كاهل المستهلك النهائي، بينما تؤدي الشركات دور الوسيط بين الدولة والمستهلك في تحصيل هذه الضريبة.
وتعد الضريبة على القيمة المضافة ضريبة غير مباشرة إذ لا تقوم الدولة بتحصيلها مباشرة، كما هو الشأن بالنسبة للضريبة على الدخل، وإنما تقوم الشركات بتحصيل مبالغ الضريبة ودفعها إلى الدولة بعد خصم المبالغ التي أدتها هي نفسها عن مشترياتها من السلع والخدمات لباقي الشركات.
ما تأثير رفع هذه الضريبة على المستهلك؟
في هذا الإطار اعتبرت مصادر ماليّة في حديثها لـ “هنا لبنان” أنّه “عندما تفرض الحكومة ضريبة على التجّار سيسعى هؤلاء إلى تحميل المستهلك نسبة من هذه الضريبة، حيث سيحصّل جزء منها من أرباح التجّار فيما الجزء الآخر من فاتورة المستهلك”.
وهو ما أكّده الخبير الاقتصادي أنطوان فرح في حديث خاص لـ “هنا لبنان” لافتاً إلى أنّه “لا بدّ من أن تلحق المستهلك نسبة مئويّة من رفع الضريبة على القيمة المضافة، كما الحال بالنسبة لضريبة الدولار الجمركي، إلّا أنّ هذه النسبة تختلف باختلاف السلعة المستوردة”.
وأضاف “من الطبيعي أن تلجأ الدولة إلى رفع الضرائب لتأمين مدخول لخزينتها، في ضوء سعيها لتأمين تمويل سلسلة الرتب والرواتب الجديدة، والجيّد بضريبة القيمة المضافة، أنّها الضريبة الوحيدة التي بإمكان الدولة جبايتها من الجميع، على عكس الضرائب على الأرباح وغيرها التي تعترضها مشكلة التهرّب الضريبي، وليست فعّالة بالنسبة للخزينة. إلّا أنّ الضريبة على القيمة المضافة من جهة أخرى، هي غير عادلة، بحيث تشمل الفقير والغني معاً وبالتساوي”.
وشدّد فرح على أنّ “لا حلّ للدولة إلّا باعتماد أحد الخيارين: فإمّا رفع الضريبة على القيمة المضافة والدولار الجمركي، وإمّا التوجّه نحو طباعة المزيد من العملات، ما سيؤدّي إلى مزيد من التضخّم”.
وطمأن أنّ “هناك عدداً كبيراً من السلع المعفاة من الضريبة على القيمة المضافة، منها معظم الموادّ الغذائيّة والأساسيّة. وبالتالي القسم الآخر من هذه السلع والتي تطالها الضريبة على القيمة المضافة لا تستهلكه الطبقة الفقيرة. على عكس الأدوات الكهربائيّة مثلاً التي ستطالها نسبة الزيادة على القيمة المضافة، وطبعاً هذه الأدوات يستخدمها جميع المواطنين”.
ضريبة القيمة المضافة vs الدولار الجمركي
في المقابل أكّد نقيب مستوردي السلع والمواد الغذائيّة هاني بحصلي في حديثه لموقع “هنا لبنان”، أنّ “أسعار السلع في المتاجر والسوبرماركت لن تتأثّر بقرار ربط ضريبة القيمة المضافة بمنصّة صيرفة. فالمواطن يدفع ضريبة الـTVA بالأصل على سعر السوق السوداء، وليس على منصّة صيرفة وليس وفق الـ15 ألف ليرة. وبالتالي هذا المرسوم لن يؤثّر ولا بأيّ شكل على سعر السلعة مباشرة”.
ولفت بحصلي إلى أنّ “الأسعار تدفع بالأصل بالليرة اللبنانيّة وإن كانت تدفع بالدولار، فلن يقبل التاجر دفعها وفق سعر منصّة صيرفة، بل ستدفع على القيمة الفعليّة وفق سعر السوق”، معتبراً أنّ “هذا التعديل الحكومي ليس سوى تصحيح لآلية القانون، من محترف إلى محترف أي بين شركة وشركة أخرى. حيث كانت الضريبة تحتسب على السعر الرسمي وكان 15 ألف ليرة أمّا السعر الحقيقي فهو 100 ألف ليرة. ما كان يتسبب بخسارة التاجر للـ cash flow، فجاء التعديل وصحح ميزانيّة التاجر. إذاً هذا المرسوم يتعلّق بالتجارة B2B (Business to Business)، وليس للمستهلك علاقة مباشرة به”.
وكشف أنّ “ما يتأثّر به المستهلك هو رفع الدولار الجمركي، فعندما يتمّ رفع الأخير سيرتفع سعر السلعة تلقائياً، ومعها الضريبة على القيمة المضافة. ما يعني أنّ السلعة التي كان ثمنها في السابق 10$ وكانت ضريبتها 1$ و10 سنت بعد رفع الدولار الجمركي سيصبح سعرها 12$ وضريبتها 1$ و32 سنت”.