علّوش وريفي “يُساندان” بعضهما بحثاً عن دور مفقود
غادر الحريري الساحة السياسية ولم يقدّم وكيلاً له، ولم يرسم خارطة طريق لمرحلة ما بعد الحريرية. وساهم الاستحقاق النيابي في إطلاق شهية الراغبين في التقدم على الساحة، لملء فراغ الزعامة، أو أقله لحجز مقعد نيابي، فأظهرت نتائج الانتخابات النيابية تشرذم الأصوات السنية وغياب كتلة نيابية وازنة وتشظي نواب الطائفة.
كتبت ريمان ضو لـ “هنا لبنان”:
قد لا يختلف اثنان أنّ الطائفة السنية، وهي الركن الأساسي المكون للبلد، تمر في أضعف الأدوار منذ أن شُكِّل لبنان الحديث، خصوصاً بعد إعلان رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي إلى جانب تياره وعائلته، وذلك على مسافة أشهر قليلة من موعد الاستحقاق النيابي.
غادر الحريري الساحة السياسية ولم يقدّم وكيلاً له، ولم يرسم خارطة طريق لمرحلة ما بعد الحريرية. وساهم الاستحقاق النيابي في إطلاق شهية الراغبين في التقدم على الساحة، لملء فراغ الزعامة، أو أقله لحجز مقعد نيابي، فأظهرت نتائج الانتخابات النيابية تشرذم الأصوات السنية وغياب كتلة نيابية وازنة وتشظي نواب الطائفة.
انطلاقاً من أنّ الطبيعة تأبى الفراغ، حاول النائب أشرف ريفي ملأه بإطلاق حزب سياسي سماه “تيار سند”، معلناً أنّ عناوينه ومبادئه السياسية هي “السيادة والنزاهة والديمقراطية”، وأن أولويته “ستكون العمل على رفع القبضة الإيرانية عن الوطن، والوقوف إلى جانب السياديين لمواجهة الاحتلال المقنّع، وتكريس الديمقراطية.”
لا يخفي ريفي طموحه بتشكيل حالة سياسية ضمن الطائفة السنية أولاً، وهو يستفيد من غياب قائد أو زعيم سني قادر على التحدث باسم الطائفة، ويشرح لموقع ” هنا لبنان” أن “الهدف من تأسيس الحزب الانتقال من الحالة الفردية إلى حالة سياسية عامة، وخلق تيار لإعادة ترتيب البيت السني أولاً وإنّما أيضاً للعب دور ضمن اللعبة الوطنية.”
ويشير إلى أنّ “هدف التيار استقطاب ليس فقط قدامى تيار المستقبل إنّما كل إنسان يحمل نفس الأفكار والأهداف، حتى لو لم يكن سنياً، وإن كان يتوقّع أن تكون أغلبية المنتسبين من السنة.”
يحرص اللواء ريفي في كل مقام، أن يؤكد أنّه “يحمل أفكار رفيق الحريري وقضيته الوطنية، ولذلك فإن كل من يؤمن أو يقتنع بهذه القضية، فأهلاً وسهلاً به”.
أما مصادر دعم الحزب فيشرح ريفي أن “التمويل داخلي والميزانية محدودة، قائلاً: “لا نريد ملايين، بل فقط حدًّا أدنى، وهناك شخصيات اقتصادية مقتنعة بخطّنا قد تدعمنا ببعض المساهمات المحدودة للمصاريف الضرورية فنحن “لن نكب ولن نوزع مصاري”.
أول المنضمّين إلى اللواء ريفي، كان نائب رئيس تيار المستقبل السابق، مصطفى علوش الذي يرى في خطاب ريفي امتداداً لوجدان الرابع عشر من اذار، ويعود علوش في حديثه لـ “هنا لبنان” بالتاريخ إلى العام 2005، عندما تحالفت الطائفة السنية مع القوى الوطنية والسيادية لإخراج السوريين من لبنان، وانطلاقاً من ذلك فإنّ من واجبها الوطني اليوم استكمال معركة السيادة الوطنية وتحرير لبنان من الإحتلال الإيراني.
علوش الذي لم يقتنع إطلاقًا بخيار تعليق الحريري عمله السياسي، كما لم يكن طوال السنوات السابقة على انسجام عميق بخيارات زعيم المستقبل السياسية، وتحديدًا بعد التسوية الرئاسية في عام 2016، والتي أفضت حينها إلى تحالفه مع التيار الوطني الحر وربط النزاع السياسي مع حزب الله، يشير إلى “أنّه انضم إلى ريفي في حزب “سند” انطلاقاً من قناعة بضرورة وجود حركة سيادية ديمقراطية، ويشدد على مقاربة المسائل من منظار وطني لا منظار طائفي مناطقي، قائلاً: لا نبحث عن زعماء بل عن رجال دولة يشاركون من منطلق العمل الديمقراطي والنزيه وليس من باب الزعامات.
ورداً على كل الاتهامات بالسعي إلى إيجاد تيار أو حزب بديل لتيار المستقبل، يقول علوش إنّ “الهدف ليس البحث عن زعامة تكون بديلة عن سعد الحريري، إنّما الهدف من الحراك والعمل السياسي تشجيع الناس المستقيلة إلى استعادة دورها، ويضيف علوش أنّ تيار المستقبل ما زال قائماً، ولكن عملياً، أعلن استقالته من العمل السياسي بخروج رئيسه من الساحة. ولكن في نفس الوقت، فإنّ ممارسات تيار المستقبل خارجة عن طبيعة القضايا التي تأسس من أجلها، كتحالفه في الانتخابات النقابية مع قتلة رفيق الحريري، أو مع حركة أمل، أو التيار الوطني الحر.
ففي غياب البوصلة، كما يقول علوش، المتحرّر من أيّ التزامات تنظيمية بعد إعلان استقالته من تيار المستقبل، هناك دعوة إلى قدامى تيار المستقبل أو من يدور في فلكه، أو حتى ينتظر عودة تيار المستقبل إلى القيام على الأقل بحركة تصحيحية داخل التيار، إذا كانوا غير راغبين بالانضمام إلى تيارات أخرى.
ويختم علوش أنّ “توجهنا وطني والجهد منصب خلال الأسابيع القادمة على إيجاد مواطئ قدم في كل المناطق اللبنانية والتحاور مع قوى سياسية فاعلة للبحث عن إطار جامع.”
في المقابل، ترى مصادر قريبة من تيار المستقبل في طرابلس لموقع “هنا لبنان” أنّ اللواء ريفي “كبّر الحجرة” بإعلانه عن ولادة حزب جديد، وتتوقف هذه المصادر عند مفهوم كلمة “حزب” وما تتطلّبه من إطار تنظيمي وتمويل، إضافة الى الجانب الفكري والعقائدي الذي يتطلّبه أي حزب، فاللواء ريفي يطمح إلى تشكيل حركة سياسية يستطيع من خلالها أن يتقدم أكثر على المستوى السياسي.
ولفتت المصادر إلى أنّ ما يجمع اللواء ريفي وعلوش نظرتهم الموحدة إلى حزب الله وإيران وسوريا. مشيرة إلى أنّ مصطفى علوش بعدما حاول الوصول إلى المجلس النيابي وأخذ قراراً بعدم العودة إلى تيار المستقبل كتنظيم له الحق باتخاذ أي قرار.
وتشير المصادر إلى أن الانتخابات النيابية أظهرت أن نسبة قليلة من قيادات أو مسؤولي تيار المستقبل خالفوا قرار تجميد العمل السياسي، ومن قام بذلك كان بسبب الإغراءات النيابية، و”بينعدوا على الأصابع”.
كما تؤكد المصادر أنّ خصوم تيار المستقبل قبل حلفائه أقرّوا أنّ أحداً لم يتمكّن من تعبئة الفراغ الذي تركه تيار المستقبل على المستوى النيابي، والدليل على ذلك تشتت النواب السنة في المجلس النيابي.
مواضيع مماثلة للكاتب:
المحكمة العسكرية ضحية “الكيدية” | مسؤولون لبنانيون للوفود الديبلوماسية: الأولوية للترسيم البري بدل الالتهاء بالقرار 1701 | أونصات مزورة في السوق اللبناني… والقضاء يتحرك |