عودة النظام إلى النظام
المطلوب عربياً من النظام السوري، أن يمتثل للنظام العربي، وهذه مهمة، قد لا يكون بالمتيسر عليه تنفيذها، إلا إذا اقترنت بالموافقة الإيرانية، المرتبطة بدورها بتقدم تطبيق الاتفاق الإيراني السعودي.
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
تختلف المصالحة العربية مع النظام السوري جذرياً عن تلك التي حصلت في العام 2009 في قمة الكويت. فما جرى اليوم كان نتيجةً لقرار عربي وتحديداً سعودي بتصفير المشاكل في المنطقة لإتاحة الفرصة أمام إنجاح فرص التنمية الاقتصادية.
كتب أحد المدونين السعوديين كلاماً نقلاً عن موقف للأمير محمد بن سلمان يقول فيه أنّ المواقف التي يتبنّاها في السياسة، تنطلق من قراءة المصلحة الاقتصادية للملكة، أمّا إذا كانت لها نتائج سياسية سلبية فهو يترك إصلاح هذه السلبيات، للدوائر السياسية المختصة.
فحوى هذا الكلام، يدل على أن ولي العهد السعودي، يذهب مباشرة في مواقفه إلى تحقيق حلم، سبق أن تحدث عنه في إحدى المؤتمرات التي عقدت في الإمارات العربية المتحدة، وهو حلم أن تكون منطقة الشرق الأوسط أوروبا الجديدة، بما تعنيه من قوة اقتصادية هائلة، ومركز استثماري، يستقطب اهتمام العالم.
من هذه الزاوية، يمكن فهم المصالحة مع النظام السوري، وقبلها الاتفاق مع إيران، الذي يمهد لانتهاء حرب اليمن، والذي يرسخ الاستقرار في العراق، ومن هذه الزاوية أيضاً يمكن فهم الدور السعودي المتوجس من أحداث السودان، التي تشكل ضربة لمعادلة الاستقرار التي تريد السعودية فرضها في المنطقة، والتي على أساسها، تستنفر المملكة لإطفاء النار في السودان، كي لا يصبح جبهة مفتوحة في خاصرة خطة 2030، نظراً للموقع الجغرافي للقارة السودانية، الممتدة غرب البحر الأحمر، وعلى مسافة لا تزيد عن مئتي كيلومتر عن الحدود السعودية.
قبل العرب عودة النظام السوري إلى النظام العربي، انطلاقاً من حلم الاستقرار في المنطقة، ولم تكن الغارة الأردنية على معمل تصنيع للكابتاغون داخل الأراضي السورية، سوى بداية مسار، لا يعرف إلى أين سيؤدي، لا سيّما أنه يتحقق على طريقة الخطوة خطوة، بطريقة امتحانية للنظام المطلوب منه أن ينفذ أجندة مطالب، أبرزها ما يتعلق بالوجود الإيراني وبتجارة الكابتاغون وبإعادة اللاجئين السوريين إلى أرضهم.
المطلوب عربياً من النظام السوري، أن يمتثل للنظام العربي، وهذه مهمة، قد لا يكون بالمتيسر عليه تنفيذها، إلا إذا اقترنت بالموافقة الإيرانية، المرتبطة بدورها بتقدم تطبيق الاتفاق الإيراني السعودي.
المطلوب عربياً إطفاء كل الحرائق في المنطقة، بما فيها الحريق السياسي في لبنان، والمطلوب الانتقال إلى ما يمكن وصفه بالسلام الدائم، الذي يتيح البدء بتنفيذ الخطط الاقتصادية العملاقة، المعدة سلفاً والتي لا يمكن أن توضع قيد التنفيذ إلا على وقع الاستقرار، فهل ستكون معادلة “صفر مشاكل” معادلة السنوات القادمة،
أم أن الرهان العربي، على الاستقرار سيسقط في شباك محور الممانعة الذي يتقن فن المناورة والانقلاب على التعهدات؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |