“عونٌ” واحدٌ يُعتمَد عليه
التحق جوزيف عون، 58 عامًا بالمؤسسة العسكرية في العام 1983، وهو يتولى قيادة الجيش منذ 8 آذار 2017.
كتب مارك صيقلي لـ “This is beirut“:
في الوقت الذي يعيش فيه لبنان انهيارًا غير مسبوق، تشخص الأنظار إلى الجيش اللبناني وقائده العماد جوزيف عون. فالدولة مزّقتها الأزمات والحروب المتكررة، ونخرها الفساد حتى النخاع، حتى صارت شبه دولة.
ووسط كل هذه الفوضى، يظهر الجيش اللبناني الذي يحظى بالاحترام والشعبية، بصفته آخر وأهمّ مؤسسة لا تزال صامدة.
عندما عيّن العماد عون (والذي لا تجمعه أي صلة قرابة برئيس الجمهورية السابق ميشال عون)، على رأس الجيش في 8 آذار 2017، لم يتوقّع أبدًا أنّه سيواجه كل هذه التعقيدات بالجملة: الهجمات التي شنتها داعش ضد لبنان ثم الانهيار الاقتصادي الشامل ثم الثورة فانفجار مرفأ بيروت، ثالث أقوى انفجار في التاريخ، تلاه مأزق سياسي لا مثيل له في العالم.
يمكن وصف عون بأنه مثال للنزاهة والأمانة (من السمات النادرة في لبنان)، وهو ليس من أصحاب الثروات أو الممتلكات الفخمة، كما أنّ اسمه بقي بعيداً عن شبهات الفساد. إنه رجل بسيط يعيش حياة هادئة ومتواضعة ويستمتع بجمع التذكارات من سكاكين وخناجر من التدريبات العسكرية.
يزخر سجل الجيش بالمهمات الناجحة: أعلن في تغريدة بتاريخ 18 آب 2017، هزيمة داعش على يد أكثر من 5 آلاف من جنوده. وخلال “ثورة” تشرين الأول 2019، استطاع السيطرة على أعمال العنف والشغب. واستطاع جنوده، ومعظمهم من المؤيدين للثورة، تحقيق توازن دقيق لتجنب الاختيار بين ولائهم للجيش وولائهم للشعب. في 14 تشرين الأول 2021، هاجم مسلحون من حركة أمل وحزب الله، أحد الأحياء المسيحية. تسبّب هذا الهجوم باشتباكات عنيفة قُتل على إثرها سبعة مسلحين. وحالت أوامر العماد جوزيف عون الذي أوعز بإطلاق النار على المسلحين، دون تصاعد الأحداث والانجرار إلى حرب أهلية.
ومع انهيار العملة اللبنانية، انخفضت ميزانية الجيش الذي يضم 77 ألف جندي من 1.8 مليار دولار في العام 2018، إلى أقل من 100 مليون دولار حالياً. وعلى الرغم من أن الجيش قد يكون فقيراً إلا أنه لا يزال يحتفظ ببعض الصداقات. وباسم هذه الصداقات، زودته الولايات المتحدة وفرنسا ودول الخليج ببعض المعدات (من المعدات اللوجستية والتدريبات، وليس غواصات أو طائرات مقاتلة باهظة الثمن). وقد جعلت هذه المساعدات القوات اللبنانية الخاصة من ضمن الأفضل في منطقة الشرق الأوسط. كما شملت المساعدات الخدمات الصحية للجيش والتي يستفيد منها 410 آلاف عسكري وعائلاتهم، أي ما يقدر بنحو 10% من السكان.
يضم الجيش اللبناني عناصر من جميع الطوائف، فهو صورة مصغرة عن لبنان.
٥٠٪ من الضباط مسيحيون و ٥٠٪ منهم مسلمون
يحرص الجيش على إبقاء قواته بمنأى عن الخطاب الطائفي المتصاعد خصوصاً في ظل ذكرى الانقسام التي تطارده منذ العام 1975. ففي ذلك التاريخ، اندلعت الحرب الأهلية وانقسم الجنود وانحاز كل منهم للمليشيات من نفس الطائفة.
وتدهور الوضع في لبنان بشكل أكبر منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الأول 2022 وعدم انتخاب رئيس للجمهورية حتى الساعة. هذا وتواصل حكومة تصريف الأعمال نشاطها بغياب رئيس جديد للبلاد.
ونظراً للمأزق السياسي وللمخاطر الأمنية الخطيرة، استدعى جوزيف عون الجنود وشدد على ضرورة الحفاظ على الوطن وحمايته من الإنجرار للفوضى. وحذر في خطاب، بمناسبة عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني، الخصوم السياسيين من محاولات جر البلاد إلى العنف، مؤكداً: “لن نسمحَ بأيِّ مسّ بالسلم الأهلي ولا بزعزعة الوضعِ لأيّ أهداف، ومهمَّتُنا كانت وستبقى المحافظةَ على لبنانَ وشعبه وأرضه”.
ويعتبر لبنان البلد الوحيد الذي ينتخب فيه رئيس الجمهورية دون أن يكون مرشحاً، إذ يكفي أن يكون مسيحياً مارونياً وأن يحصد الأغلبية في تصويت البرلمان.
ولم ينجح البرلمان اللبناني بانتخاب رئيس جديد بسبب عرقلة كتلتين متنافستين لعملية التصويت: حزب الله وحلفاؤه من جهة، والكتلة السيادية المعارضة من جهة أخرى. وتسعى الأخيرة لحشد التأييد لمرشحها ميشال معوض، النائب المعروف بتصميمه على إبقاء البلاد بعيداً عن النفوذ الأجنبي، وتحديداً إيران وسوريا.
وفي المقلب الآخر، يتطلّع حزب الله لمرشحين: سليمان فرنجية، حفيد أحد رؤساء الجمهورية السابقين وصديق قديم لعائلة الأسد، وجبران باسيل، صهر الرئيس السابق ميشال عون، الذي ينضح إرثه بالمرارة، مع الإشارة إلى أن الإسمين لا يخدمان مشروع حزب الله بشكل كامل. كما تردد اسم رابع هو العماد جوزيف عون، على الرغم من أنه ليس مرشحاً في الوقت الحالي.
وتؤمن الأوساط المقربة من جوزيف عون أنه يتمتع بالفعل بسلطة أكبر بكثير من تلك التي يمتلكها رئيس مستعد لتقديم التنازلات من أجل الوصول للرئاسة. وقد اكتسب العماد عون شعبية كبيرة ويسهل انتخابه في حال التوصل لتوافق في الآراء. لذلك، يستطيع لكونه عسكرياً صالحاً، العثور على خطة لإنقاذ البلاد.
وبينما ينشغل العماد بإصلاح السفينة الغارقة، تركز إحدى فرقه عملها على خطة إنقاذية تمتد لثلاث سنوات. وتمكن موقع This is Beirut من الإطلاع عليها، وهي ترتكز على 5 نقاط رئيسية:
إعادة الودائع المجمدة منذ العام 2019 على مدى 3 إلى 5 سنوات وتحقيق استقرار في العملة الوطنية وإصلاح قطاع الكهرباء الذي استهلك 45 مليار دولار وتأمين التغذية بالكهرباء لمدة ساعة إلى ساعتين يوميًا، ومحاربة الفساد وضمان استقلالية القضاء.
ويدرك جوزيف عون جيدًا أنه بحاجة لكامل الدعم من المسؤولين في إدارته ليتمكن من تنفيذ خطته الطموحة. وفي غضون ذلك، يبقى مع جنوده في حالة من التأهب والاستعداد للتعبئة لاحتواء أي طارئ. وبالتوازي، لا يوفر قائد الجيش أي جهد ويبادر لطلب المساعدة من الدول الصديقة، وهمّه الأول، حماية جيشه.
مواضيع ذات صلة :
عمليات دهم للجيش وتوقيف 8 أشخاص في مناطق مختلفة | غارة إسرائيلية تستهدف مركزاً للجيش في الصرفند: 3 شهداء و8 جرحى | الجيش: إحالة سوري على القضاء لإقدامه على جمع معلومات لمصلحة العدو الإسرائيلي |