الحقد لا يغيّر الحقائق!
في الذكرى الـ ٧٥ لنكبة فلسطين، تدور الأسئلة مجدداً حول مستقبل هذه القضيّة التي لا يمكن أن تموت، مهما تعاظمت التحديات أمامها، ومهما تآمر بعض أبنائها وبيئتها عليها!
كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:
لا حدود للحقد الإسرائيلي كما لا حدود للنفاق الغربي في مواصلة الدعم الأعمى لإسرائيل رغم انتهاكاتها الواضحة لكل المواثيق والأعراف الدوليّة وممارستها الممنهجة لإرهاب الدولة. لا تتوانى إسرائيل عن قتل الأسر بكاملها ولا حرج عندها بقتل الأطفال والنساء واستهداف الأبرياء، لا بل هي تتلذذ برائحة الدم وتسعى لأن تفوح أكثر وأكثر.
عند كل منعطف، تستغل إسرائيل الظرف القائم لتقوم بعمليّات عسكريّة، ولو أن بعضها يكون خاطفاً، إنما بهدف واحد ألا وهو قتل المزيد من الفلسطينيين بدم بارد ودون أن تقلق من حصول أي شكل من أشكال المحاسبة والمساءلة. لقد اعتادت على التفلت من العقاب. هي لم تُعاقب يوماً منذ إحتلال فلسطين وإعلان دولتها في ١٥ أيّار/ مايو ١٩٤٨. ومذ ذاك، النكبة مستمرة بأشكال وأنماط مختلفة.
مرت سنة كاملة على استشهاد الإعلاميّة شيرين أبو عاقلة برصاص الجيش الإسرائيلي، وهذه الحقيقة الجليّة كانت واضحة منذ اللحظات الأولى للاغتيال، ولكن إسرائيل تواصل سياسة المراوغة والرهان على الوقت لدفع القضيّة إلى غياهب النسيان، فتنضم بذلك إلى عشرات الجرائم التي اقترفتها منذ عقود. من حق أي مواطن أو صحافي أو ناشط أن يسأل: أين أصبحت العدالة في قضيّة شيرين؟ يجب مواصلة كل أشكال الضغط لكشف الحقيقة ومحاسبة إسرائيل.
ولكن عندما نجد كياناً اغتصب أرض سواه، وهجّر أهلها ورفض حتى الاعتراف بوجودها، وأجهض كل الحلول السلميّة (على قاعدة رضي القتيل ولم يرضَ القاتل) وضرب القوانين الدوليّة عرض الحائط على مدى عقود؛ فهل سيخضع للمحاسبة اليوم؟ لماذا؟ ماذا تغيّر؟
في حزيران/ يونيو ١٩٣٨، خاطب بن غوريون اللجنة التنفيذيّة للوكالة اليهوديّة قائلاً بوضوح تام ودون أي التباس: “أنا أؤيد الترحيل القسري، ولا أرى فيه شيئاً غير أخلاقي”. إنها الكلمات التي وضعت المداميك الأساسيّة لسياسة الفصل العنصري في فلسطين والتي ألّف كتاباً عنها المؤرخ الإسرائيلي الرافض للصهيونيّة إيلان بابيه بعنوان: “التطهير العرقي في فلسطين” (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة، بيروت، كانون الثاني/ يناير ٢٠٢٢).
ويقول المؤلف في الكتاب: “يُشكّل ما جرى في فلسطين سنة ١٩٤٨، إبتداءً من مرحلة التخطيط حتى إنجاز التنفيذ، حالة تطهير عرقي في منتهى الوضوح، وفقاً للتعريفات العلميّة” (ص ١١). ولكن، هل من يُحاسب إسرائيل على كل ما ارتكبته، بل على العكس تماماً، تنهال التهاني الأوروبيّة والغربيّة على إسرائيل في ذكرى “الاستقلال” (وهي عمليّاً ذكرى “الاحتلال” لأرض شعب آخر).
في الذكرى الـ ٧٥ لنكبة فلسطين، تدور الأسئلة مجدداً حول مستقبل هذه القضيّة التي لا يمكن أن تموت، مهما تعاظمت التحديات أمامها، ومهما تآمر بعض أبنائها وبيئتها عليها!
مواضيع مماثلة للكاتب:
7 أكتوبر: منعطف جديد في الشرق الأوسط! | لبنان يُهمَّشُ أكثر فأكثر! | إلى متى انتظار تطورات المشهد الإقليمي؟ |