مستويات مرتفعة لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون.. هل يصبح لبنان من البلاد الأكثر تلوثاً؟
هذه الانبعاثات الخطرة موجودة في المصادر الطبيعية لـ ثاني أوكسيد الكربون أي في الغلاف الجوي وناجمة عن انبعاث الغازات عن البراكين واحتراق المواد العضوية وحرائق الغابات.
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
مشكلة التلوث في لبنان ليست وليدة اليوم، فهي بدأت منذ عشرات السنين وتجذّرت وتشعّبت حتى باتت مشكلة مزمنة بفعل أسباب عديدة أبرزها ما يتصل بالاحتباس الحراري، تغيّر المناخ، تلوّث المياه والهواء، النفايات فضلاً عن التلوث الصناعي.
وبعد دراسات أفادت أن لبنان صنّف عالمياً من أكثر البلدان تلوثاً، دق المعنيون ناقوس الخطر، كما وردت مؤخراً تقارير تشير إلى مخاطر التلوث الناجم عن مولدات الكهرباء بفعل انتشارها بين الأحياء والمدن، ولا تزال صورة الأضرار الناجمة عن تشغيل معمل الزوق الحراري ماثلة في أذهان اللبنانيين.
وانطلاقاً من كل ذلك، هل يحتل لبنان المراتب الأولى كونه من الدول المتسببة في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في العالم؟
في البداية لا بد من التعريف بهذه الانبعاثات الخطرة، هي موجودة في المصادر الطبيعية لثاني أوكسيد الكربون أي في الغلاف الجوي وناجمة عن انبعاث الغازات عن البراكين واحتراق المواد العضوية وحرائق الغابات. وأما المصادر الصناعية لثاني أوكسيد الكربون فمنها: حرق الوقود الأحفوري للتدفئة وتوليد الكهرباء والنقل، وكذلك الكثير من العمليات الصناعية (مثل تصنيع الإسمنت). وهذه الانبعاثات خطيرة جداً وتهدد حياة البشر والحيوانات والواقع البيئي.
وللاطلاع على واقع الأمر في لبنان يشرح الخبير البيئي رئيس حزب البيئة العالمي ورئيس خبراء حماية الصحة والبيئة العالمية والمستشار الدولي لشؤون البيئة العالمية والمناخ الدكتور دوميط كامل الموضوع لـ “هنا لبنان”، ويقول أن الصين تحتل المرتبة الأولى في الدول المسببة لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في حين تحتل الولايات المتحدة الأميركية المرتبة الثانية وثالثهما الهند، أما لبنان فليس بلداً صناعياً كي يكون في صدارة هذه الدول، كما أن هناك تراجعاً لاستهلاك الوقود في البلد عن الأعوام السابقة.
ويوضح كامل أن موقع لبنان الجغرافي وغناه بالجبال والغابات يتيح له امتصاص كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون ورمي كميات من الأوكسجين مع الكتل الهوائية، وبالتالي فإن لبنان ليس في موقع متقدم في مجال المسبب لهذه الانبعاثات وهو في المرتبة التسعين أو أكثر.
وإذ يقر بوجود تلوث في البلد جراء تشغيل معمل الزوق الحراري لكن هذا التلوث يتركز في مناطق الزوق والضبية وأدما وجعيتا وصولاً إلى عشقوت وبمساحة ١٠ إلى ١٥ كلم فوق البحر ولكن الكتل الهوائية تتحرك مع الموجات، وتعمل الجبال على امتصاص المواد الخطرة، مشيراً إلى أن حركة الكتل الهوائية وعدم ثباتها تقلل من المخاطر المتوقعة.
ويرى أن معظم معامل إنتاج الكهرباء في دير عمار والزهراني والجية قد تتسبب بالتلوث، ولذلك لا بدّ من قيام خطط لمواجهة الأمر، متوقفاً عند مشكلة النفايات والمكبات التي تنتج غازات سامة، لكن ذلك لا يعزز القول أن لبنان مصدر هذه الانبعاثات أو أنه في المراتب الأولى في التسبب بها.
ويدعو إلى عدم خلق حالة من الذعر إنما هناك قضايا تتطلب معالجتها وأولها مسألة انتشار مولدات الكهرباء بين الأحياء السكنية وبشكل عشوائي وهذه بدورها تشكل مصدر تلوث وتؤثر على صحة المواطنين بنسبة مرتفعة، لأن ما يصدر عنها هو عبارة عن كتل مشبعة بمواد ملوثة لافتاً إلى أن البديل يجب أن يقوم على اعتماد الطاقة الشمسية والاستثمار في هذا المشروع واللجوء إلى شركات محلية والتأكد من شروط السلامة ومتانة البطاريات المستخدمة وصلاحياتها.
ويلفت في رد على سؤال إلى أن السحابة السوداء التي يشاهدها البعض فوق البحر عبارة عن مجموعة غازات مؤلفة من غبار متراكم لكنها ليست خطرة وهي تختفي خلال النهار.
ويختم بالقول أن لبنان يشكل الرئة للمنطقة العربية، وموقعه وكثافة أشجاره وغاباته كفيلان بجعله بلداً طبيعياً بامتياز ولا يتسبب بانبعاثات المواد السامة..
وكانت وزارة البيئة قد أطلقت في أكثر من مناسبة مجموعة اقتراحات في سياق خطة لمعالجة مشاكل بيئية في البلد وعمد الوزير ناصر ياسين
إلى توجيه العمل في هذا الإطار وشدد على آليات المراقبة وضرورة اعتماد المعايير اللازمة، إنما المشكلة تكمن في عدم الالتزام بها تحت ذرائع مختلفة.
وهكذا يحتل ملف انبعاثات مادة ثاني أوكسيد الكربون أولويات المتابعة العالمية في ظل الجهود المبذولة لمعالجته وفي لبنان ليس مطلوباً إلا احترام الشروط البيئية والبحث عن السبل الممكنة للحد من التلوث.