رياض سلامة بين الـ 300 مليون والـ 70 مليار
ما يُلاحَق عليه رياض سلامة ليس الودائع بل عمولات متأتية من تسويق الـ “يوروبوندز”، وإذا تمّ وضع اليد على الثلاثمئة مليون دولار، وهو حجم العمولة، فهل يستطيع المودعون استرداد أموالهم التي تفوق السبعين مليار دولار؟
كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:
أصعب ما في الكتابة عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أنه إذا جاءت الكتابة لمصلحته، قيل: “هذا مستفيد منه”، وإذا جاءت الكتابة ضده، قيل: “هذا مستفيدٌ من خصومه الذين يحرضون على الكتابة ضده”.
بين الفئتين، أين الحقيقة؟
هناك جريمة مالية مرتكبة بحق اللبنانيين وبحق كل مودِع لديه حساب في أي مصرف من المصارف اللبنانية.
ما يُلاحَق عليه رياض سلامة ليس هذه الودائع بل عمولات متأتية من تسويق الـ “يوروبوندز”، هذه العمولات مشروعة ومتعارَف عليها عالميًا، سواء تقاضتها شركة “فوري” أو أي شركة أخرى تولَّت دور الوسيط في تسويق “اليوروبوندز”.
يُلاحَق رياض سلامة بهذا “الجرم” لأن صلة قربى تربط بينه وبين صاحب شركة “فوري”، إذا سلَّمنا بهذا الأمر، وهو ليس دقيقًا، وتم وضع اليد على الثلاثمئة مليون دولار، هو حجم العمولة، فهل يستطيع المودعون استرداد أموالهم التي تفوق السبعين مليار دولار؟
هنا بيت القصيد، وهنا يجب أن يُطرَح السؤال الجوهري؟ أين السبعين مليار دولار؟ كيف صُرِفَت؟ مَن صرفها؟
هنا الرقم ليس وجهة نظر، بل هو حقيقي وغير مخبّأ: السبعون مليار دولار صُرِفت كالتالي:
– تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه الدولار الأميركي.
– دعم الكهرباء.
– شراء فيول لمعامل توليد الكهرباء.
– زيادة سلسلة الرتب والرواتب.
– المشاريع والتلزيمات بالتراضي التي كانت تكلِّف أكثر بكثير من كلفتها الحقيقية.
– التوظيفات العشوائية في القطاع العام، مع ما يعني ذلك من ترتيب أعباء مالية باهظة على خزينة الدولة.
– كلفة الحروب المتعاقبة، وما رتبته من أعباء: من عملية عناقيد الغضب إلى حرب تموز 2006.
– كلفة الأزمات السياسية وما رتبته من انكماش في الاقتصاد: من الفراغ الأول في موقع الرئاسة الأولى، بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، وهذا الفراغ الذي امتد من تشرين 2007 إلى أيار 2008، ثم الفراغ الثاني الذي امتد سنتين ونصف سنة، من أيار 2014 إلى تشرين 2016، ثمّ الفراغ الثالث الذي بدأ في تشرين الفائت، ولا يُعرَف متى ينتهي.
هذه الفراغات الرئاسية ليست مجانية، بل جاءت مكلفة على الإقتصاد الوطني وعلى خزينة الدولة، تضاف إليها أزمات تشكيل الحكومات وكلفة هذه الأزمات.
هذا كله قبل 17 تشرين 2019، ثم جاءت أعباء ما بعد 17 تشرين، من تخلف الحكومة اللبنانية عن سداد مستحقاتها، إلى سياسة الدعم التي تسببت بهدر 17 مليار دولار ذهبت تهريباً لمصلحة كارتيلات الأدوية والمحروقات والمواد الغذائية.
ثم جاء انفجار أو تفجير مرفأ بيروت وما خلفه من دمار وخسائر .
كل ذلك، وما رتّبه من خسائر بمليارات الدولارات، هل كان رياض سلامة وحده مسؤولاً عنها؟
إذا تمَّ توقيف رياض سلامة، وتمت محاكمته، وتم وضع اليد على الثلاثمئة مليون دولار، هل تعود أموال المودِعين الـ 70 مليار دولار؟
أيها اللبنانيون، دولتكم سرقتكم، فلماذا تفتشون في مكان آخر؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة | تدمير تحت الأرض.. دمارٌ فوق الأرض |