تقييم مؤجل


أخبار بارزة, خاص 20 أيار, 2023
التقييم

لا يمكن تقديم تقييم حقيقي لأعمال القمة، قبل أن تنجلي المستجدات عن قراراتها، كتشكيل لجان عمل فعالة في مجالات اللاجئين والكبتاغون وما خلّفته الحرب من أضرار، لا سيما ما له صلة بدول بعينها في طليعتها لبنان.


كتب راشد فايد لـ “هنا لبنان”:

لافتٌ أن يستبق النظام الأسدي انعقاد القمة العربية الاستثنائية الـ 32 بدس “طموحاته” في مقدم النقاشات حين انبرى وزير خارجيته إلى اشتراط انتخاب رئيس للبنان قبل أن يزور بيروت، برغم أن وفوداً وزارية لبنانية عدة، من الحكومة المستقيلة، لم تتوانَ عن التوجّه إلى دمشق، والاجتماع مع نظرائها السوريين، وعقد اتفاقات معهم، لكنّه، هذه المرة، قدّم إشارة تمهيدية للحنين إلى الوصاية غير المغفور لها، وغير المأسوف عليها.

بعده بأيام، وفي أجواء العد العكسي لالتئام القمة، وفي سياق الترويج لعودة هذه الوصاية، أطلق بعض الإعلام اللبناني، بحنينه إلى “زمن عنجر”، تكهنات عن توكيل عربي سيعرض على دمشق لـ “تدبر” الوضع اللبناني، والعودة إلى إدارة شؤون اللبنانيين.

انتفاخ المعنويات المفاجئ رفع نبرة النظام، إلى حد فرض شروط على القمة، من نماذجها أنّ إعادة اللاجئين شرطها رفع العقوبات وإعادة الإعمار، وفق ما قال نائب وزير خارجية النظام أيمن سوسان الذي أبلغ الإعلاميين أن الاجتماعات التحضيرية ناقشت عودة اللاجئين السوريين إلى مدنهم وقراهم، شرط إطلاق عملية إعادة إعمار سوريا ورفع العقوبات عن النظام.

وأضاف سوسان عقب مشاركته في اجتماع المندوبين وكبار المسؤولين التحضيري للقمة العربية في مدينة جدة، أن الاجتماع تم في “أجواء جديدة وشديدة الشفافية والصراحة”، معتبراً أنّ قمة السعودية هي فاتحة جديدة لتجاوز الماضي بكل آثاره التي انعكست على الدول العربية والتطلع للمستقبل، وفق تعبيره. لكن “تجاوز الماضي” عنوان فضفاض، قد يعني عفا الله عما مضى، وفي ذلك استخفاف بتضحيات الشعب السوري، قتلى ومهجرين، وفاقدي أملاك، ومآوٍ وأمان الحياة اليومية.

وماذا فعل النظام لأجل العودة؟ يرد سوسان أن النظام “قام بكلّ ما يترتب عليه” من أجل عودتهم “بما في ذلك مراسيم العفو والمصالحات”.

وهل يشمل “ما يترتب عليه” الإعتقالات الجديدة بين المعارضين العائدين، وغض النظر الأمني عن الكبتاغون، عابر الحدود، لا سيما اللبنانية والأردنية، واعتقال بعض تجاره ومصنّعيه ومهربيه لرفع العتب عن كثرتهم. وهل تعني العبارة المذكورة تأكيد عدم مطاردة العائدين لا سيما من الشباب، الذين انكفأوا عن العودة بسبب خوفهم من السجون، فاقتصرت على المتقدمين في السن، غير القادرين على حمل السلاح.

تبدو عودة النظام الى مقعد سوريا في الجامعة العربية “نجم” القمة في الإعلام المحابي لرئيسه بشار الأسد، إلى حدّ تصويره منتصراً على من كانوا خصومه، لأكثر من عقد، على أثر مواجهته في العام 2011 ثورة السوريين السلمية، غير المسلحة ضده بالحرب العسكرية التي أودت بأكثر من نصف مليون قتيل وملايين المفقودين واللاجئين.

ما يلفت هو أن البراغماتية المعلنة لإعادة النظام من عزلته وإعادة تعويمه لا تلحظ التوقف عند الدورين الروسي والإيراني، وأثرهما في مواقفه، في غياب أي شروط معلنة أو تعهدات لتغيير نهجه وإحداث تعديلات في نظام الحكم في سوريا، بينما يقلق السوريين والرأي العام المتابع قبول الدول العربية إعادة النظام من دون أي محاسبة فتبدو مشاركته في قمة جدة مكافأة أو هدية مجانية، غير مستحقة.

لا يمكن تقديم تقييم حقيقي لأعمال القمة، قبل أن تنجلي المستجدات عن قراراتها، كتشكيل لجان عمل فعالة في مجالات اللاجئين والكبتاغون وما خلّفته الحرب من أضرار، لا سيما ما له صلة بدول بعينها في طليعتها لبنان.

وتبقى أسئلة:

• ماذا عن مستقبل العلاقات اللبنانية – السورية؟

• هل تقرّ سوريا بلبنانية مزارع شبعا وأخواتها؟

• هل يطبق “حلم” ترسيم الحدود؟

• هل يعود نظام الأسد إلى المطالبة بتعويضات عمن يزعم أنهم قتلوا في انتفاضة 14 آذار 2005؟

• هل ستراقب الحدود بشكل جدي وفعّال ويتوقف تهريب “كل شيء” برغم ضلوع مسؤولين من أهل النظام في كل أبواب الفساد، وهذا من قممه؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us