الاشتراك في كهرباء الطاقة الشمسية: ظاهرة تنشأ في طرابلس وقادرة على إقصاء المولّدات الخاصة مستقبلاً
حل مشكلة الكهرباء في لبنان بسيط جداً، وذلك من خلال الاعتماد على الموارد المتجددة التي يتمتع بها لبنان، خاصة وأن فيه 300 يوماً مشمساً سنوياً.
كتب مازن مجوز لـ “هنا لبنان”:
الطاقة المتجددة هي طاقة المستقبل، فقد بدأت العديد من الدول باستغلال الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، لأنّها أقل تأثيراً على البيئة والصحة.
وفي لبنان، نظرًا لغياب الدولة وعدم التركيز على الأضرار البيئية والصحية الناتجة عن تشغيل مولدات المازوت لتوليد الكهرباء بشكل أساسي، ومع غلاء تكاليف الكهرباء وارتفاع أسعار الاشتراكات، وتراجع قدرة المواطن الشرائية، اضطرت العديد من الأسر إلى التخلي عن معظم احتياجاتها الأساسية ومنها اشتراك المولدات الكهربائية.
وفي هذا الإطار، أطلقت شركة “energica” في طرابلس المحطة الإنتاجية الأولى التي تعمل بالطاقة الشمسية، وتزود المشتركين بالكهرباء على مدار 24 ساعة بتكلفة مدروسة جداً.
وعن هذه المبادرة، يشرح المهندس عمر الزعبي في حديثه لـ “هنا لبنان”: “قمنا بإطلاق هذه المبادرة بعد أن لاحظنا تأثير أزمة الكهرباء على الأزمة الاقتصادية بسبب الاعتماد الرئيسي على استيراد المازوت لتوليد الكهرباء”، مشيراً إلى أن حل مشكلة الكهرباء في لبنان بسيط جداً، وذلك من خلال الاعتماد على الموارد المتجددة التي يتمتع بها لبنان، خاصة وأن فيه 300 يوماً مشمساً سنوياً.
وفي دراسة سابقة للزعبي حول إنشاء محطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية على مساحة معرض رشيد كرامي (على سبيل المثال)، تتمتع بالقدرة على إنتاج 100 ميغاواط من الكهرباء، وهذا الإنتاج يكفي لتزويد مدينة طرابلس ومناطقها بالكهرباء لمدة 24 ساعة. وتعتبر مشاريع الطاقة الشمسية ميزة إيجابية بسبب إمكانية تجزئتها، حيث يمكن البدء بمشروع مصغر في المرحلة الأولى وتوسيعه في المراحل اللاحقة بسهولة.
ومعلوم أن لبنان يحتاج إلى حوالي 3200 ميغاواط لتأمين الكهرباء طوال اليوم، وهو رقم عجز عن تحقيقه منذ عقود. وهنا يعلق الزعبي، “إذا أردنا الحصول على 1,5 جيغاواط لتأمين الكهرباء بين 10 إلى 12 ساعة يومياً، فإننا بحاجة إلى 1,5 مليار – 2 مليار دولار وإلى ما يقارب 0.07 % من مساحة لبنان لإنشاء حقول إنتاج، وفي حال أراد لبنان تأمين الكهرباء من الموارد المتجددة كلها، وعلى مدار الساعة، فهو يحتاج من 5 إلى 6 مليار دولار، علماً أن استيرادات لبنان من البترول تبلغ 5 مليار دولار سنوياً”.
ويؤكد الزعبي أن هذا المشروع المصغر هو عبارة عن محطة تعمل على الطاقة الشمسية، مدمجة مع مولدات كهربائية، مشيراً إلى أن المواطن يدفع اليوم لفاتورة الدولة 27 سنت للكيلوواط وفي حال دخلت الدولة بمشاريع مماثلة فإن الكيلوواط سينخفض تلقائياً بحدود 12 سنت ما ينعكس انخفاضاً على فاتورة المواطن بحدود 50 % مع تحسن الخدمة من حيث زيادة ساعات التغطية، تخفيض الكلفة على المستهلك، وإزالة الضرر البيئي والاقتصادي”.
ويتابع “نبيع اليوم كهرباء لحوالي 150 مشترك يتمتعون بكهرباء 24 / 24، تعمل بنسبة 80% على الطاقة المتجددة والباقي مغطى من المولد الكهربائي.
ويستند الزعبي إلى أن قانون حق إنتاج الطاقة الشمسية الموزعة أعطى الشركات حق توزيع الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة، وأعطى المواطن الفرصة لتقديم الكهرباء للمشتركين، وهدفنا هو إضاءة أكبر عدد من المنازل بأقل كلفة وأقل ضرر ممكن”.
ومن الضروري الإشارة إلى أن غنى لبنان بالموارد الطبيعية لا يقتصر فقط على كونه بلداً مشمساً معظم أشهر السنة، بل يمتد إلى توفر الهواء في مناطق كسهل البقاع، وسهل عكار، ولديه أمواج وأنهار يمكن إقامة السدود عليها لتوليد الكهرباء، وبالطبع ما ينقص هو الإرادة والنية الحقيقية في الاستثمار ووضع شعار “مصلحة المواطن أولاً” فوق أي اعتبار آخر .
وفي الختام، فإن ما قامت به شركة “إينيرجيكا” يشكل دليلاً ملموساً على كيفية استثمار ثورة التكنولوجيا الخاصة بتوليد الكهرباء عبر الطاقة المتجددة التي تلاقي اهتماماً واسعاً في البلاد العربية، وقد أبدى الزعبي تفاؤله بالإنتقال قريباً إلى مركب الاستثمار الإيجابي الفاعل والصديق للبيئة ولجيب المواطن وضمن أطر التنمية المستدامة للبنان، علّ هذه المبادرات تفتح آفاقاً جديدة على مستوى لبنان في ملف لم تعرف الحلول الجذرية طريقها إليه يوماً.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ابتكار لبناني”.. أملٌ واعد لفاقدي البصر! | بين القوننة والأنسنة.. هل تهدّد التكنولوجيا أطفالنا؟ | لبنان غنيّ بالمياه الجوفية العذبة.. ثروة مهدورة بلا استثمار! |