لا عذر للمتردّدين!
التردّد في هذه المعركة، هو اصطفاف مع الممانعة، ولا يمكن تفسيره بأقلّ من ذلك، ولذا على كلّ من يتردّد أو يهرب إلى الورقة البيضاء أن يفكّر بناخبيه، وأن يقبل على نفسه أنّه خان الأمانة.
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
ليس المتردّدون من النواب، إلّا فئة أتت على ظهر اعتراض شعبي، فاحتارت عندما وصلت إلى الندوة النيابية، إلى أي كوكب ستنتمي.
تنطبق هذه المعادلة على نواب التغيير، وعلى غيرهم من نواب الاعتدال، الذين انتخبوا جميعاً، من فئة ناخبة صوتت لمصلحة قيام الدولة، وبالتحديد رفضاً للدويلة، ولتحالف السلاح والفساد، وبات هؤلاء ملزمون بحكم التكليف الشعبي بأن ينسجموا في سنوات نيابتهم، مع ما كلفوا من أجله، وإلا يكونون قد خالفوا الأمانة، وطعنوا بهذا التمثيل، ويكونون قد خدعوا ناخبيهم، سواء إذا ما وقفوا على الحياد، أو إذا ما قام بعضهم بخطوة قد يخجل من الجهر بها علناً.
لم يكن اختبار الامتناع عن التوقيع على عريضة نيابية، تدين السلاح غير الشرعي من بعض نواب التغيير والاعتدال، سوى انكشاف غير مسبوق في موقف هؤلاء، الذين كان يفترض بهم ألا يتذرعوا بالابتعاد عن الاصطفافات، كي يهربوا من شأن سيادي هو في صلب مسؤولياتهم النيابية. تنقسم الأسباب وتتعدد. فنواب التغيير الذين لم يوقّعوا العريضة، باتوا يعيشون في مناخ منفصل عن مهمّتهم الأصلية، ولم يعودوا قادرين على تبرير موقفهم هذا، بأيّ عذر.
أما نواب الاعتدال وبعض المستقلين، فلا يمكن وصف موقفهم إلا أنه خدمة مجانية لمشروع السلاح، لم يقدمها أصحابها، إلا هروباً من اتخاذ موقف، وهذا ما سيضعهم في خانة التواطؤ على الثوابت الأساسية، وعلى برامجهم ووعودهم الانتخابية، التي دبجوها قبل الانتخابات.
تمنح جلسة الرابع عشر من حزيران، جميع هؤلاء فرصة ذهبية لشطب ما علق في ذهن الرأي العام اللبناني من ثغرات تتّصل بأدائهم. هذه الجلسة ستكون بمثابة الاختبار الكبير، فإما يثبتون أنّ بوصلتهم عادت إلى اكتشاف الاتجاه الصحيح، أو يضيعون في زواريب صغيرة لن تؤدي بهم إلا إلى المزيد من الهروب إلى الأمام، وإلى استنزاف ما تبقى من مصداقية وقدرة على الإنتاج، وتحقيق المهمات الكبرى.
لن يكون هناك عذر للمترددين في هذه الجلسة، فالورقة البيضاء ستحسب لمرشح حزب الله، والتصويت لمرشح يهبط اسمه من السماء، في آخر لحظة، سيكون هروباً من اتخاذ موقف، هذا في وقت تبقى الأولوية التي تتقدم على كل الأولويات، مواجهة الوصاية التي تفرض على الرئاسة، وعلى الحياة السياسية بأكملها، فإذا لم يواجهها نواب التغيير والاعتدال يداً بيد مع الكثير من المكونات النيابية الأخرى، سيكون مصيرهم في هذا المجلس، أن يتحولوا إلى صور تذكارية معلقة على حائط ساحة النجمة.
التردد في هذه المعركة، هو اصطفاف مع الممانعة، ولا يمكن تفسيره بأقل من ذلك، ولذا على كل من يتردد أو يهرب إلى الورقة البيضاء أن يفكر بناخبيه، وأن يقبل على نفسه أنه خان الأمانة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |