في بلد الـ “لا كهرباء” وغلاء المحروقات: ابتكار سيارات تعمل على الطاقة الشمسيّة!
هذه السيارة التي تعمل على الطاقة الشمسية هي لبنانية الصنع 100% وفي لبنان تمّ تركيب كلّ قطعة فيها من الألف إلى الياء..
كتبت باولا عطية لـ “هنا لبنان”:
في بلد يرزح تحت واحدة من أصعب الأزمات الإقتصاديّة التي مرّت بتاريخه، باعتراف أهمّ الخبراء الاقتصاديين والماليين، والمؤسسات الدوليّة والرسميّة، والرؤساء، ما زال بعض اللبنانيون مصرّين على النهوض، دون أن يفقدوا الأمل ببلدهم، بل على العكس يعملون على خلق الفرص من قلب الأزمات.
وفي الوقت الذي يعاني فيه لبنان من هدر وخسائر تتخطّى الـ 40 مليار دولار في قطاع الكهرباء، ومن ارتفاع في أسعار المحروقات والمواصلات، في ظلّ عدم وجود شبكة نقل، ما يضع سوق السيارات المستعملة والجديدة في لبنان، أمام مشاكل وصعوبات عدّة، خاصّة مع زيادة الضريبة الجمركيّة، وفي الوقت الذي تهاجر فيه العقول والأدمغة من هذا البلد بحثاً عن فرص في الخارج، حيث تخّطى عدد المهاجرين الـ 50 ألف لبناني حتى نهاية العام 2022، ما زال هناك عقول لبنانية تلمع وتتميّز، وتبدع بابتكاراتها المتطوّرة والرائدة، على الرغم من ضعف الموارد والاستثمارات.
وعلى ما يبدو فإنّ صناعة السيارات الكهربائية باتت راسخة في لبنان، فها هو مشروع جديد يبرز للمرة الثانية.
علماً، أنّ المشروع الأوّل كان في العام 2021، وأطلقت من خلاله الشركة اللبنانية “إي في إليكترا” الناشئة، أول سيارة كهربائية محلية الصنع، تحت اسم “القدس رايز” وتحمل في مقدمتها شعاراً ذهبياً يجسد قبة الصخرة، وخلال حفل الإعلان أعرب صاحب الشركة جهاد محمد عن أمله بأن تنتج الشركة ما يصل إلى 10 آلاف سيارة.
ويبلغ سعر السيارة الكهربائية التي أعلنت عنها الشركة 30 ألف دولار، مع إمكانية أن يدفع الراغب بشرائها نصف ثمنها بالدولار، والنصف الآخر بالليرة اللبنانية، وفق سعر صرف منخفض مقارنة مع سعر السوق السوداء، كما تتيح الشركة إمكانية التقسيط على مدى خمس سنوات وبدون فوائد.
ولمواجهة تحدّيات انقطاع التيار الكهربائي في لبنان، كانت تخطط الشركة المصنعة للسيارة الجديدة إنشاء نحو 100 محطة إعادة شحن في مناطق متفرقة، لتزويد المركبات بالطاقة.
ولحلّ هذه المسألة أكّدت الشركة أيضاً أنّها تعمل على مشروع لإعادة شحن المركبات من خلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
الحسامي يبتكر سيارة ليرة
بعد عامين على الإنجاز الأوّل، برز إنجاز جديد سجّله المهندس هشام الحسامي، والذي ابتكر سيارة كهربائيّة تعمل على الطاقة الشمسيّة وأطلق عليها إسم “سيارة ليرة”، واحتضنت وزارة الاقتصاد مشروع الحسامي، منظّمة حفلاً لإطلاق السيارة، وذلك يوم السبت 17 حزيران الخامسة عصراً في مبنى العازارية.
وللتعرّف أكثر على تفاصيل هذا المشروع تواصل “هنا لبنان” مع المهندس هشام الحسامي الذي أوضح أنّ “فكرة إبتكار السيارة الكهربائيّة جاءت من المعاناة الاقتصادية التي نمرّ بها كلبنانيين، إن من ناحية الكلفة العالية للمحروقات، وغلاء المعيشة، أو لجهة صعوبة شراء السيارات، وتراجع القدرة الشرائيّة للأفراد”، مضيفاً: “لكوني أعمل في مجال صناعة الآليات الهندسية كان لديّ القدرة على صناعة سيارة كهربائيّة تعمل على الطاقة الشمسية. وعندما لا يكون هناك شمس يمكن لصاحب السيارة تشريجها في أي مكان مزوّد بالطاقة الكهربائيّة، طاقة 220 فولت، وبإمكانه قيادتها لمسافة 200 كم”.
التمويل فردي وهذا ما ينقصنا
وفي ما يتعلّق بمصدر التمويل يقول الحسامي “موّلت المشروع من أموالي الخاصّة وساعدني بتنفيذه شخصان من فريق عملي. وأجرينا عدّة اختبارات عليها، وبعد نجاحها، قررنا عرضها على المواطنين كمثال حيّ لسيارة نموذجيّة، وكي نثبت أيضاً أنّنا كلبنانيين نملك القدرات والإمكانيات للتصنيع، والتطوير، والغوص في ابتكارات من هذا النوع، غير أنّ ما ينقصنا هو التمويل، فهكذا مشروع يحتاج إلى دعم من قبل الدولة أو إلى مستثمرين وشركات، وبلدنا مع الأسف غير جاهز لاستيعاب أو احتضان هكذا مشاريع”.
ويتابع “نحن بحاجة أولاً إلى بناء مصنع لإنتاج هذه السيارات، التي تتميّز عن غيرها بأنّها لا تحتاج لبناء محطّات تشريج كهربائيّة بل يكفي تشريجها من أيّ “فيش”، كما لو أنّ الشخص يشرّج هاتفه المحمول”، مشدداً على أنّ “السيارة هي لبنانية الصنع 100% وفي لبنان تمّ تركيب كلّ قطعة فيها من الألف إلى الياء، فنحن لم نستورد سيارات جاهزة بالأساس كي نعدّل عليها، بل صنّعنا السيارة من الصفر. ونحن فخورون بهذه الصناعة اللبنانية التي تعمل على الطاقة الشمسية والكهربائية في آن واحد، وإذا أردنا أيضاً فإنّنا نستطيع توليد الكهرباء منها لتشغيل آلات صغيرة كالتلفاز أو اللمبة”.
دعم معنوي من وزارتي الاقتصاد والصناعة
وعن الدور الذي لعبته وزارة الاقتصاد في هذا المشروع، قال الحسامي: “التقيت وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، على هامش أحد المؤتمرات التي كنت مشاركاً فيها، وأطلعته على مشروعي وكنت آنذاك لم أنتهِ منه بعد، ورحّب الوزير بالفكرة وقدّم لي الدعم المعنوي. وتواصل معي أيضاً وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشيكيان، بعد أن تابع مداخلة إعلاميّة لي على إحدى القنوات اللبنانيّة ودعاني للقائه في مبنى الوزراة وقدّم لي الدعم المعنوي كذلك وهنّأني على المشروع”.
وعن سبب تسمية اختراعه بـ “سيارة الليرة”، أوضح: “أسميتها بسيارة الليرة دعماً لليرة الوطنية اللبنانية وللاقتصاد الوطني اللبناني، وأنا مؤمن بأنّ هذه الابتكارات ستعيد الليرة إلى إزدهارها من جديد”.
للسيارات الكهربائيّة منافع عدّة
وعن سبب حفل إطلاق السيارة، يوضح الحسامي: “العديد من المواطنين طلبوا رؤية السيارة، فتواصلت مع وزير الاقتصاد واتفقنا على إقامة حفل إطلاق للمشروع، الذي سيكون برعاية الوزراة كي يصل مشروعنا إلى أكبر شريحة من المواطنين”، مضيفاً عند سؤاله عن أهدافه المستقبلية: “أسعى إلى إيجاد أو تأمين جهات أو شركات أو حكومات أو مستثمرين يثقون بمشروعي ويموّلونه كي نتمكّن من التوسّع وتصنيع أكبر عدد ممكن من هذه السيارات، التي لها منافع عدّة من بينها أنها صديقة للبيئة، فهي تساهم في توفير الطاقة، تساهم في تخفيض نسبة التلوّث، وتساعد على تقليل الطلب على المحروقات، كما أنّها تنقذ اللبنانيين من التعرفة المرتفعة للمواصلات”.