أرنب بو صعب.. أعرج
المتعارف عليه أن الرئيس بري هو أستاذ سحب الأرانب من كمّيْ أحد طرفيه، لكن هذا الأسلوب لم يعد ينطلي على أحد، بدليل أن الأرنب الذي أطلقه بو صعب بدا أعرج، ربما لأن نظرية إطلاق الأرانب فقدت فاعليتها.
كتب جان الفغالي لـ “هنا لبنان”:
من خارج أي سياق سياسي، خرج نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، من اجتماعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، برميِه قنبلة سياسية صوتية أو دخانية، يعلن فيها أنه اقترح على الرئيس بري إجراء انتخابات نيابية مبكِرة.
يقول بو صعب: “اذا كان المجلس عاجزاً عن العمل لإنتخاب رئيس الجمهورية، وإذا كان الأفرقاء عاجزين عن القيام بحوار بين بعضنا البعض، الحل الأفضل الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة، وليتحمل كل واحد مسؤوليته. الرئيس بري سمع هذا الرأي، ولم أجده معترضاً عليه” .
يعرف بو صعب أن ما طرحه لا يعدو كونه “ضربة سيف في الماء” ليس لها أي مفعول، وحتى لا تترك أثرًا، فلماذا طرح ما طرحه؟ ومَن أراد أن يستهدف؟
هناك مُسلَّمة في البلد مفادها أنه إذا جرت الانتخابات النيابية اليوم، فإن موازين القوى داخله ستتبدّل انطلاقًا من المعطيات التالية:
التيار الوطني الحر يرجّح ان يخسر المقاعد التي فاز بها بدعمٍ من حزب الله، وهي:
مقعد النائب إدغار طرابلسي في بيروت الثانية.
مقعد النائب سامر التوم في بعلبك الهرمل.
مقعد النائب سليم عون في زحلة.
مقعد النائب شربل مارون في البقاع الغربي.
مقعد النائب آلان عون في بعبدا.
من شأن هذه الخسارة أن تقلّص عدد نواب كتلة التيار إلى أقل من اثني عشر نائبًا إذا ما سحب منها نواب الطاشناق.
وهذا يعني أن “أرنب بو صعب” الذي أطلقه من عين التينة، يصيب رئيس التيار إصابة مباشرة، من دون أن يتقصّد بو صعب ذلك.
الإصابة الثانية لنواب التغيير الذين ظهروا بمظهر المربكين في المعركة الانتخابية، وعليه فإذا ما حصلت الانتخابات اليوم، فهناك خطر على مقعد سينتيا زرازير في الأشرفية، وعلى مقعد الياس جرادي في الجنوب، وعلى مقعد فراس حمدان في الجنوب أيضًا.
وهناك حديث عن نواب آخرين سيفقدون اللوحة الزرقاء في حال جرت الانتخابات النيابية غدًا.
يقول خبير انتخابي موثوق أنه في حال جرت الانتخابات فإن إثني عشر نائبًا من مجلس النواب الحالي سيصبحون خارجه، ليحل مكانهم نوابٌ جدد أكثر “مطواعية”.
هل هذا ما رمى إليه بو صعب، من دون أن ننسى احتمال أن ينخفض عديد بعض الكتل غير المتماسكة.
يعني أن ما رمى إليه الرئيس نبيه بري، يقصد منه القول إن مفتاح مجلس النواب في يده وليس في أي مكان آخر، كما أن كتلًا نيابية محسوبة على المعارضة، ثبت أن فيها عدد لا يستهان به من النواب الذين يدينون بالولاء لكتلة المنظومة .
ماذا يعني هذا التطور؟
يعني أولاً أن هناك ما لا يقل عن اثني عشر نائبًا أصبحوا في الجبهة المقابلة.
يعني ثانيًا أن محور الممانعة يريد أن يضع يده، عدديًا، على مجلس النواب بحيث لا يعود ينفع إجراء الانتخابات النيابية، بالنسبة إلى المعارضة لتغيير ما هو واقع على الأرض في ساحة النجمة.
لكن ماذا بعد؟ يعرف الجميع أن السيناريو الموضوع هو سيناريو خيالي، وإلا كيف يفسرون ذلك.
المتعارف عليه أن الرئيس بري هو أستاذ سحب الأرانب من كمّيْ أحد طرفيه، لكن هذا الأسلوب لم يعد ينطلي على أحد، بدليل أن الأرنب الذي أطلقه بو صعب بدا أعرج، ربما لأن نظرية إطلاق الأرانب فقدت فاعليتها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة | تدمير تحت الأرض.. دمارٌ فوق الأرض |