انتخابات لكسر باسيل واسترجاع الأكثرية
إنّ أي عودة إلى صناديق الاقتراع بعد سنة واحدة من الانتخابات ستعزز حظوظ القوى الرافضة لابتزاز “الحزب” وهيمنته على القرار الداخلي، وبالأخص في المناطق والدوائر ذات الأكثرية المسيحية بما يمكن التيار العوني من استعادة بعض ما خسره من شعبيته نتيجة خروجه على اتفاق مار مخايل
كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:
العبث بمصير البلد مستمر منذ سنوات، ويزيد من خطورته المأزق الذي يتخبط به اليوم اللاهون وراء أنانيتهم وعشقهم للسلطة وتعطشهم للسيطرة ولإخضاع الآخرين. ففي الأسبوع الماضي، وبعد انقطاع دام خمسة أشهر، دعا نبيه بري الجالس سعيداً منذ 31 سنة على كرسي رئاسة المجلس إلى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية لم تؤدِّ المرجوّ منها، ولكنها ظهّرت ما كان لا يريد تظهيره، أي أن فريق الثنائي الإلغائي يشكل أقلية تكاد تناهز ثلث عدد النواب. غير أن هذا الفريق، لا يكتفي بإنكار خسارته وحجمه المحجم فقط، وإنما يصر على تزوير الحقائق وإخضاع الخصم وفرض مرشحه الذي يزايد عليه في انتمائه إلى “فريق الممانعة”! ويتحول مأزق هذا الفريق إلى مهزلة مع آخر إبداعات رئيس المجلس، النادم على اضطراره للدعوة إلى عقد جلسة والمتعطش للانتقام، والمعروف بإجادته “لعبة الأرانب”، فكان آخر أرنب عنوانه “انتخابات مبكرة” أوكل إلى نائبه الياس بوصعب مهمة الإفصاح عنه والدعوة إليها، بعد أن تحول هذا الأخير إلى طابور خامس داخل التيار العوني…
لا شك أن الثنائي، وتحديداً “حزب الله” مايسترو اللعبة، يعتبر أنّ خسارته للأكثرية النيابية يعود سببها إلى رئيس التيار العوني جبران باسيل الذي طعنه بالظهر منذ تمرده على ترشيح سليمان فرنجية، ثم انتقاله إلى اتفاق “التقاطع” مع الأخصام على ترشيح جهاد أزعور. باسيل أصبح اليوم الخصم الأول الذي وصف جواد نصرالله في تغريدة موقفه بـ “غدر من صادقت”، والهدف الأول الذي يجب إخضاعه وتأديبه بدءًا بتحريض نوابه عليه، والذين يعتبر “حزب الله” أن ثلثهم قد فاز بأصواته.
لم يعتد نصرالله على الخسارة أو التراجع عن موقف اتخذه منذ 7 ايار 2008 الذي وصفه بـ “اليوم المجيد” الذي أجبر بعده أقطاب 14 آذار على الموافقة في الدوحة على “الثلث المعطل” ومن ثم إسقاط الحكومة متى يريدون مثلما فعلوا في نهاية 2010 بأول حكومة ترأسها سعد الحريري، وأتوا بعدها بحكومة “القمصان السود” وعلى رأسها نجيب ميقاتي، وغيرها الكثير من الإخضاعات…
أما اليوم فقد تغيرت الظروف والمعطيات، وبينهما “ثورة 17 تشرين”، ما أدى إلى قلب موازين القوى الانتخابية، وإلى خروج القوى المعارضة من ثباتها وتلكؤها وبعض مراهناتها ومساوماتها، وبدأت الوقوف بوجه الفرض والإخضاع. فعلى ماذا يراهن بري لقلب موازين القوى وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء فيما الثنائي يقف وحيداً لا حلفاء له؟ أعلى الخارج الذي لا يبدو مهتماً بملهاتنا وصغائرنا رافضاً استعداد البعض لأن يكون أحجار شطرنج في يديه بعد أن ملك اللعبة بكاملها وكل ما هو على رقعتها باتفاق طرفي الصراع على المستوى الإقليمي، واهتمام وتركيز سيد الممانعين الإيراني على أموره وما هو أهم وأكبر من حسابات وعقدة تسلط الثنائي المحلية، أم أن الثنائي يعتقد أن الاتفاق أطلق يديه في الداخل؟ إنّ أي عودة إلى صناديق الاقتراع بعد سنة واحدة من الانتخابات ستعزز حظوظ القوى الرافضة لابتزاز “حزب الله” وهيمنته على القرار الداخلي، وبالأخص في المناطق والدوائر ذات الأكثرية المسيحية بما يمكن التيار العوني من استعادة بعض ما خسره من شعبيته نتيجة خروجه من تحت عباءة نصرالله. عندها يراهن “حزب الله” على تحجيم الكتلة النيابية العونية بإسقاط النواب الذين يعتبر أنهم فازوا بأصواته في الدوائر حيث له وزن وتأثير مثل بعلبك وزحلة والبقاع الغربي وبيروت الثانية، وفي عكار حيث النفوذ الأسدي.
ببقى أنه يجب أن تسبق الدعوة إلى الانتخابات حل المجلس الحالي الذي ليس مسألة اعتباطية، ولا في يد رئيس المجلس، وإنما من صلاحية رئيس الجمهورية بحسب المادة 55 التي تنص صراحة على ما يلي: “يعود لرئيس الجمهورية في الحالات المنصوص عنها في المادتين 65 و77 من هذا الدستور، الطلب إلى مجلس الوزراء حل مجلس النواب قبل انتهاء عهد النيابة. فإذا قرر مجلس الوزراء بناء على ذلك، حل المجلس يصدر عندها رئيس الجمهورية مرسوم الحل…”. فيما الثنائي يستمر في تعطيل انتخاب الرئيس!
مواضيع مماثلة للكاتب:
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع |