هنيبعل القذافي.. بين المسؤولية الجنائية والاعتقال السياسي
لا توجد رواية ثابتة حتى الآن عن دور هنيبعل القذافي في جريمة إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه في طرابلس الغرب، لكن ثمّة معطيات لا يمكن للمحقق العدلي تجاهلها، تفيد بأن القذافي الابن، وإن كان طفلاً رضيعاً عند حصول الخطف والإخفاء القسري، إلّا أنّه تسلّم لاحقاً مواقع قيادية بينها توليه مسؤولية إدارة السجون السياسية.
كتب يوسف دياب لـ “هنا لبنان”:
تتضارب المعلومات المتواترة يومياً عن صحّة هنيبعل معمّر القذافي الموقوف في لبنان منذ ثماني سنوات دون محاكمة، ما يثير الكثير من علامات الاستفهام حول أسباب الاستمرار في التوقيف، والامتناع عن تقديم الأسباب التي تبرر اعتقاله.
الشاب المحتجز منذ العام 2015 بموجب مذكرة توقيف صادرة عن القاضي زاهر حمادة، المحقق العدلي في قضية خطف وإخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عبّاس بدر الدين، لا توجد رواية ثابتة حتى الآن عن دوره في الجريمة، وهذا ما يضفي مزيداً من الغموض حول مسؤوليته المباشرة وغير المباشرة، سيما وأن هنيبعل لم يكن تجاوز السنتين من عمره عند إخفاء الإمام الصدر في طرابلس الغرب، لكن ثمّة معطيات لا يمكن للمحقق العدلي تجاهلها، تفيد بأن القذافي الابن “وإن كان طفلاً رضيعاً عند حصول الخطف والإخفاء القسري، إلّا أنّه تسلّم لاحقاً مواقع قيادية في نظام والده، بينها توليه مسؤولية إدارة السجون السياسية، وظلّ في هذا المركز إلى حين الإطاحة بحكم والده”.
لا تقف مبررات الاحتجاز عند هذه الحدود، إذ أنّ مصادر مطلعة على التحقيقات التي خضع لها هنيبعل، تؤكد أن الأخير “اعترف أمام المحقق العدلي بأنه يمتلك معلومات مهمّة لن يدلي بها إلّا بعد الافراج عنه ومغادرة لبنان إلى الوجهة التي يختارها”. وربطت بين هذه الواقعة ومسألة امتناع السلطات الليبية الحالية عن التعاون مع المحقق العدلي الذي يضع يده على الملف. وتكشف المصادر أنّ القاضي زاهر حمادة “بعث بعدة مذكرات لتبليغ 13 شخصيّة ليبية من ضباط وكوادر في نظام القذافي وموجودين في ليبيا، بينها عبد السلام جلّود، لكن لم يجرِ تبليغهم ولم تعد المذكرات وفق الأصول، ما يعني أن السلطات الليبية الحالية تتعمد تجاهل الطلبات اللبنانية”.
مع دخول هنيبعل إضرابه المفتوح عن الطعام، بدأت حالته الصحية تتدهور يوماً بعد يوم، وتفيد مصادر موثوقة، بأن الرجل “يعاني من مشاكل صحيّة حقيقية تهدد حياته”. وتشير إلى أن هنيبعل “يعاني من مشاكل في العمود الفقري جرّاء تعرضه للأذى الجسدي عند استدراجه من سوريا إلى البقاع اللبناني واحتجازه وتعنيفه قبل أن تكشف الأجهزة الأمنية مصيره وتوقف المتورطين بالقضية وعلى رأسهم النائب السابق حسن يعقوب، غير أن الخطير في الأمر أنه بدأ يعاني من هبوط مفاجئ في ضغط الدم، ما يستدعي نقله للمستشفى سريعاً”. وتؤكد المصادر أن “الطارئ الصحي استدعى اتصالات من منظمات دولية بدأت تتابع عن كثب هذا التطوّر، وتسأل السلطات اللبنانية عن دواعي الاستمرار في اعتقاله، وتطلب أجوبة صريحة عن هذا الموضوع”.
لا تخفي مصادر متابعة عن قرب أن هذه القضية “بدأت تحرج الدولة اللبنانية بشكل كبير، وثمّة مخاوف حقيقية على حياة هنيبعل، والتداعيات التي تترتب على الدولة اللبنانية إذا ما أصيب بمكروه، خصوصاً وأن روسيا كانت دخلت على خطّ الوساطة للإفراج عنه، لكنها عادت وسحبت وساطتها بعدما لمست تدخلات سياسية في القضية تتجاوز الإطار القانوني لعملية التوقيف، وهو ما يعزز فرضية الاعتقال السياسي التعسّفي”. وتقول المصادر إن “الجهات الخارجية المواكبة لهذا الملفّ طلبت من لبنان إما البدء بمحاكمة علنية وتحديد مسؤولية هنيبعل في قضية الإمام الصدر وإجراء محاكمة غيابية للمسؤولين في نظام معمّر القذافي، أو إطلاق سراح هنيبعل لأن التوقيف فقد مبرره القانوني والإنساني”.
الصورة القاتمة عن حياة القذافي لا تثير قلق المعنيين بمتابعة ملف خطف الإمام الصدر، ويلفت هؤلاء إلى أن “نجل معمّر القذافي هنيبعل موقوف بموجب القانون من دون أي ظلم وبموجب مسؤوليته عن الجريمة المتمادية منذ العام 1978”. ويتحدث المعنيون بالقضية عن “إجراءات قانونية ضده مرتبطة بجرائم ارتكبها هنيبعل، أقلها كتم المعلومات التي لديه عن خطف وإخفاء الإمام الصدر ورفيقيه، وكل الإجراءات المتخذة بحقه قانونية وليس هناك أي تعسف أو مخالفة للقانون بحقه”. ويرفض المعنيون بالقضية “كل التهويل وما يحكى عن تدهور الحالة الصحية والنفسية لهنيبعل”. ويستغربون الضجّة التي تثار عن خطر يتهدد حياته كلّ يوم. ويقول هؤلاء “أي سجين معرض للإصابة بوعكة صحية، والجميع يعرف بأن الرجل بات محاطاً باهتمام شديد وتقدّم له الرعاية الصحية ضمن إجراءات وقائية، وليس فقط عند حالات طارئة كما يسوّق البعض ويحاول أن يتخذ بذلك وسيلة ضغط للإفراج عنه”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
سجناء أنصفتهم الحرب! | توقيف “عميل” زوّد “الموساد” بمعلومات عن “الحزب” | وكلاء سلامة مرتاحون لمسار التحقيق.. رُبّ ضارّة نافعة |