قائد الجيش ومعركة شغور المراكز الأمنية… هل وصلت الرسالة؟
يبقى للقانون الاختيار في تطبيق معايير الأقدمية أم أن أحد نواب رئيس الأركان يمكن أن ينوب عن قائد الجيش وإما أن نذهب للتمديد للقائد الحالي، وهو الحل الأكثر منطقاً وقانوناً منعاً للفراغ في المؤسسة العسكرية
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
اختار قائد الجيش العماد جوزيف عون مناسبة تقليده الضباط المترقين شارات عميد في اليرزة ليعلن صراحة أنه لا يحق لأحد تسلم الجيش إلا رئيس الأركان الذي ينوب عن قائد الجيش، مؤكداً في هذا السياق أهمية تعيينات المجلس العسكري أي تعيين رئيس هيئة الأركان بدل اللواء أمين العرم ومدير الإدارة بدل اللواء مالك شمص والمفتش العام بدل اللواء ميلاد إسحق الذين أحيلوا إلى التقاعد.
كلمة قائد الجيش المقتضبة هذه جاءت كالصاعقة على رؤوس البعض، وأوصلت رسالة للمعنيين في توقيت له مدلولاته لا سيما في ظل تجنب الحديث عن هذه التعيينات بعد شغور المراكز الثلاث دون اتخاذ قرار تأجيل التسريح للضباط، في حين أنه يمكن قراءة موقف قائد الجيش في السياسة في ضوء المعركة المفتوحة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي تقرّ حكومته بعض الملفات العالقة، وبين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي يعترض على ما أسماها تجاوزات حكومة تصريف الأعمال، ويسجل لباسيل كما يقول مراقبون تدخله المباشر في منع أي تعيين لا يحظى بموافقته، بالإضافة إلى حربه المفتوحة ضد قائد الجيش.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ “هنا لبنان” أن موقف العماد عون أضاء على هاجسين، الأول يتصل بشغور قيادة الجيش في ظل انعدام القدرة على انتخاب رئيس الجمهورية وبقاء الصراع على دستورية عمل حكومة تصريف الأعمال، والثاني بقاء المجلس العسكري من دون تعيين. مشيرة إلى أنه يحق لقائد الجيش الإشارة إلى هذين الهاجسين في أي وقت يشاء.
وتلفت المصادر نفسها أنه من المتعارف عليه أن اسم رئيس هيئة الأركان في الجيش يفترض أن ينال موافقة الرئيس السابق للحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط في حين أنّ اسم مدير الإدارة محسوب على الفريق الشيعي وتبقى الاشكالية على المفتش العام الأرثوذكسي، وترى أنه لا يمكن أيضاً التغاضي عن التباينات التي حصلت بين وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش في عملية اقتراح الأسماء والصلاحيات.
في المقلب الآخر، تقول أوساط مراقبة لموقعنا أن ما من توجه رسمي في موضوع تعيينات المجلس العسكري. كما أن ولاية قائد الجيش تنتهي في العام ٢٠٢٤، موضحة أن لا صلاحية لقائد الجيش في طرح تعيينات المجلس العسكري إذ أنها صلاحية حصرية بوزير الدفاع وفقاً لقانون الدفاع الوطني فضلاً عن تمتعه بصلاحيات أخرى وفق القانون نفسه. كما أن وزير الدفاع هو الذي يقترح الأسماء على السلطة السياسية.
يُضاف إلى ذلك أن لا صلاحية لحكومة تصريف الأعمال في إجراء تعيينات وإلا لكانت عيّنت مديراً عاماً للأمن العام. وتشير في هذا المجال إلى معارضة أفرقاء داخل الحكومة وخارجها لما تقدم عليه حكومة تصريف الأعمال، متوقفة عند كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى المقاومة والتحرير في الخامس والعشرين من أيار، من أن حكومة تصريف الأعمال لا تملك صلاحية العزل ولا صلاحية التعيين.
واستغربت الأوساط نفسها إثارة هذا الموضوع اليوم بعد ٦ أشهر من الشغور في المجلس العسكري فيما لا يزال الوقت مبكراً للحديث عن الشغور في قيادة الجيش. كما نفت وجود رابط بين الترقيات التي أقرت مؤخراً وبين تعيينات المجلس العسكري.
المؤسسة العسكرية تأبى الفراغ
وقد أكّد العميد الركن في الاحتياط فادي داوود في حديثه لـ “هنا لبنان” أن المؤسسة العسكرية تأبى الفراغ وأنّ السلطة السياسية مدعوة لإيجاد الحل، مشيراً إلى أن ما قاله قائد الجيش عن أهمية بت تعيينات المجلس العسكري وأنه لا يحق لأحد تسلم الجيش إلا رئيس الأركان الذي ينوب عن قائد الجيش هو كلام قانوني مستند إلى قانون الدفاع ويندرج في إطار وضع السياسيين أمام مسؤولياتهم، فولاية قائد الجيش تنتهي في كانون الثاني من العام المقبل وهناك شغور في المجلس العسكري لارسيما في رئاسة الأركان والإدارة والمفتشية العامة.
ويوضح العميد داوود أن موضوع المجلس العسكري فتح على مصراعيه، والمادة ٤٧ من قانون الدفاع الوطني تنص على مهام رئيس الأركان والدور المناط به في الحلول مكان قائد الجيش لكنها لا تنص على حصرية استلام قيادة الجيش لأن هذا الأمر منوط بالقائد فقط وفي حال غيابه يستلم رئيس الاركان، وأضاف: “نحن أمام وضع سياسي شاذ لم نشهد له مثيلاً يؤثر على تفسير القانون فمنذ تأسيس الجيش اللبناني لم تطرح مسألة خلافة القائد بهذا الشكل”.
ويتوقف عند موضوع التراتبية بين العسكريين وفق المواد ٣٦ و ٣٧ و ٣٨ و٣٩ من قانون الدفاع فتراتبية ورود اسم الضباط على المرسوم تعطيهم حق الإمرة على من وراءهم.
ويلفت إلى أن هناك أربعة نواب لرئيس الأركان فهل يتسلم أحدهم مكان رئيس الأركان وبالتالي قيادة الجيش في حال الفراغ أم تذهب الأمور إلى تعيين الضابط الأقدم رتبة، أم يجري التمديد للقائد الحالي؟
أما في ما يتعلق بملف المجلس العسكري، فيشير إلى أن وزير الدفاع ملزم بأخذ رأي قائد الجيش في رفع أسماء تعيين رئيس الأركان (درزي) وعضو المجلس العسكري (كاثوليكي) كونهما مرؤوسين مباشرين للقائد.
ويذكر أنه بالنسبة إلى تعيين قائد جيش جديد فإن وزير الدفاع يقترح على مجلس الوزراء مرسوم الترقية من عميد إلى عماد والأسماء المرشحة لهذا المنصب.
ويبقى للقانون الاختيار في تطبيق معايير الأقدمية أم أن أحد نواب رئيس الأركان يمكن أن ينوب عن قائد الجيش وإما أن نذهب للتمديد للقائد الحالي، وهو الحل الأكثر منطقاً وقانوناً منعاً للفراغ في المؤسسة العسكرية.
ليس مستبعداً أن تتظهر الصورة في الشهرين المقبلين حيث تكون السلطة السياسية أمام الاختبار في التعاطي حيال الاستحقاقات المقبلة، أما مفتاح الحل الوحيد فيكمن في انتخاب رئيس الجمهورية وتأليف حكومة جديدة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الصحة” تنعى مدير مستشفى دار الأمل: عرف بقربه من الناس وخسارة كبيرة | تيننتي: لا صحة للانباء عن جولة لـ”اليونيفيل” في بعلبك | أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغانتس… وردود أفعال غاضبة: “فضيحة غير مسبوقة” |