لبنان أرض الصراع


أخبار بارزة, خاص 1 تموز, 2023
الصراع

لقد جرت الكثير من المحاولات لتجميل الواقع الحقيقي للبنان ولكن كل هذه المحاولات فشلت وستفشل، لأنها لا تمس الجوهر ولا تعترف بالمشكلة التي لا تقتصر على لبنان بل تطال كل الدول التي تعيش تعددية طائفية وصراعاً على الحكم لم ينته إلّا بصيغة تضمن استقلال كل مكون.


كتب بسّام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:

يصر البعض في لبنان على قلب الحقائق، وإقناع الناس بما ليس حقيقة، ويندرج في هذا الإطار أن لبنان هو النموذج الذي ينفي صراع الحضارات، بل هو بحسب البعض الدليل على إمكان تعايش الحضارات وبالتالي فهو النقيض لإسرائيل.

في الحقيقة إن لبنان هو النموذج الأسوأ لتعايش الحضارات، فالمكونات اللبنانية لم تكن متفقة لا على الإستقلال ولا على لبنان الكبير وكان هناك من ينادي بالوحدة مع سوريا ومن يوالي العروبة ويريد تذويب لبنان فيها ومن يحمل لواء القضية الفلسطينية على حساب الدولة والوحدة اللبنانية، وكان هناك في المقابل من يعتبر أن كل ما سبق يتناقض مع الهوية اللبنانية والتعددية الثقافية والحضارية والانفتاح على الغرب واتهم هؤلاء بالإمبريالية والعمالة وتأييد الاستعمار وغيرها من الصفات المستمرة حتى اليوم.

كل ذلك أدى إلى حال من عدم الاستقرار في لبنان الذي ومنذ نيل استقلاله يشهد أحداثاً مستمرة على خلفية طائفية ومذهبية تؤكد أن المشكلة نابعة من صراع على السلطة بين الطوائف فالمسلم لم ولن يقبل أن يحكم من قبل المسيحي والعكس صحيح.

لقد جرت الكثير من المحاولات لتجميل الواقع الحقيقي للبنان ولكن كل هذه المحاولات فشلت وستفشل، لأنها لا تمس الجوهر ولا تعترف بالمشكلة التي لا تقتصر على لبنان بل تطال كل الدول التي تعيش تعددية طائفية وصراعاً على الحكم لم ينته إلّا بصيغة تضمن استقلال كل مكون.

إن الصراع في لبنان منذ الإستقلال وحتى اليوم لم يكن على أفضل طرق للحكم وتأمين الرفاهية والاستقرار والازدهار للبلد وناسه، بل هو صراع على السلطة ومن يتحكم بالقرار وليس صراعاً على أفضل القرارات، فتعطيل الإنتخابات الرئاسية ليس للإتيان بأفضل رئيس بل من أجل استمرار السيطرة على هذا الموقع من قبل جهة معينة تمارس أقصى أنواع التقسيم والإقصاء والتفرد بذريعة أنها تحمل السلاح لقتال العدو.

إن لبنان بتلك الصيغة التي كان يجري الحديث عنها قد انتهى وليس بالإمكان إعادة دمج اللبنانيين وفقها، فالمشكلة ليست في العلاقات الشخصية والاجتماعية بين المكونات التي تعيش على هذه الأرض، بل أن المشكلة تكمن أنه في كل لحظة صراع تشعر هذه المكونات بخطر يتهددها ليس من الخارج بل من الداخل ولذلك تفاقمت وتتفاقم المشاكل بين بعضها البعض وأصبح كل مكون ينشد ضمانات تنفي هواجسه ولا ضمان لمكون حالياً سوى لمن يحمل السلاح ويفرض سطوته على الآخرين.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us