منصة صيرفة بعد انتهاء ولاية رياض سلامة: سيناريوهات المستقبل وتحديات التحول
واحه القطاع المصرفي بقيادة رياض سلامة تحديات جمة، ومع ذلك قدم سلامة جهودًا للمحافظة على استقرار النظام المصرفي وتجنب حدوث أزمة مصرفية كبيرة.
كتبت يارا الهندي لـ “هنا لبنان”:
أسابيع وتنتهي ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة… حتى الساعة من المستبعد تمديد الفترة أو تعيين بديل عن سلامة، والاحتمال الأرجح هو تولي نائب حاكم المركزي الأول وسيم منصوري صلاحياته، على الرغم من أن الرئيس نجيب ميقاتي طلب سابقًا السير الذاتية لشخصيات مرشحة لرئاسة مصرف لبنان.
وأول الملفات التي ستتم مناقشتها هي مصير “صيرفة” التي استفاد منها عدد كبير من الموظفين ومئات آلاف المودعين ولا يزالون حتى الساعة، فقد تركت هذه المنصة بصمتها وتراكمت خبرتها على مر السنين، ومع ذلك، فإن مصيرها يعتمد على السياسات والقرارات التي ستتخذها الحكومة والجهات المعنية بتشكيل السلطة المصرفية في المستقبل، ولذلك فإنّ تغيير حاكم مصرف لبنان يعتبر حدثًا هامًا قد يؤثر بشكل كبير على القطاع المصرفي والاقتصاد اللبناني بشكل عام.
هذا القطاع الذي، بقيادة رياض سلامة، واجه تحديات جمة، ومع ذلك، قدم سلامة جهودًا للمحافظة على استقرار النظام المصرفي وتجنب حدوث أزمة مصرفية كبيرة.
ولهذا الغرض تم إطلاق منصة “صيرفة” في أيار 2021 عندما كان سعر الدولار ١٢ ألف ليرة مقابل الدولار.
ومنذ إطلاق المنصة حتى نهاية الأسبوع الفائت وصل حجم التداول إلى 21,800 مليار دولار بحسب الدولية للمعلومات:
-عام 2021، بلغ حجم التداول 426 مليون دولار.
-عام 2022 وصل حجم التداول إلى 11.812 مليار دولار.
-عام 2023 حتى أواخر شهر حزيران، بلغ 9.546 مليار دولار.
واليوم تحوم شكوك كبيرة حول مستقبل صيرفة، فالمصرف المركزي الذي يشتري الدولار بسعر 93,000 ليرة ويبيعه بسعر 86,200 ليرة، كيف سيتحمل هذه الخسائر؟
الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين يؤكد في حديث خاص مع “هنا لبنان” أن هدف المنصة كان تحقيق استقرار في سوق القطع والحد من تقلبات الدولار الكبيرة والحد من ارتفاعه. وحُدد سعرها في ذلك الحين بـ ١٢٠٠٠ ليرة، وكان الدولار في السوق الموازية ١٣٥٠٠ إلى ١٤٠٠٠ ليرة.
وقد وصل حجم الأرياح المقدرة إلى حدود المليارين وخمسمائة إلى ٣ مليار دولار استفاد منها كبار المتمولين.
ويدى شمس الدين أن على مصرف لبنان في حال توقفت منصة صيرفة، إتباع ذلك بإجراء، لضخ مزيد من السيولة بالدولار لأصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي يصبح هناك سيولة كبيرة بالدولار، ويشير شمس الدين أنه إذا ألغيت صيرفة، لا يتأثر عندها سعر صرف الدولار بل ينخفض أكثر فأكثر.
ومن ناحيته يؤكد الخبير الاقتصادي والأستاذ المحاضر في الجامعة الأميركية في بيروت، د. مروان بركات، لـ “هنا لبنان” أن التوقعات هي أن تبقى منصة صيرفة قائمة، وبالتالي الدعم الذي يوفره البنك المركزي لسعر الصرف سيبقى على حاله، أقله لشهر أيلول المقبل، لأن فصل الصيف يستقطب عدداً كبيراً من السياح ولبنانيين مغتربين. وتدفقات الدولار على البلاد، تريح سوق القطع، والمتوقع ألّا يكون هناك هزات في السوق.
ويشير د. بركات، إلى أنه من المفترض أن يكون انتقال السلطة هادئاً، ما بين الحاكم ونائب الحاكم الحالي، على أن يكمل المصرف بأغلب السياسات التي يعتمدها حاليًا، والتي ترجمت بأواخر هذه الأشهر باستقرار نسبي لسعر الصرف الذي تأرجح ما بين ٩٠ و٩٢ ألف ليرة.
والهدف إذاً الاكمال بهذه السياسة خلال الأشهر المقبلة ليطول الاستقرار على أن يحمل الفصل الأخير تطورات إيجابية على مستوى السياسة العام، كانتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة فاعلة وإصلاحات موعودة لإتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ومساعدات خارجية. فبوادر دخول الممر الايجابي هذا، من الممكن أن يؤمن الاستقرار وإلا ستعود الضغوطات على سوق القطع ابتداءً من شهر تشرين الأول، بحسب بركات.
الجدير بالذكر، أن لا أحد يشبه رياض سلامة في طريقة إدارته النقدية، الذي حافظ لعشرات السنين على استقرار سعر الصرف. فمنصوري سيُسلم مهام سلامة في نهاية تموز، وقد يبقى حاكمًا في الظل، والتأكيد أن صيرفة ستخضع لتعديلات ولكنها ستبقى قائمة، لأنه من المستحيل على منصوري أن يقوم بإلغاء منصة صيرفة بمفرده، لأن وبحسب معلومات “هنا لبنان” سيكون لها آثار غير متوقعة، مثل عدم استفادة موظفي القطاع العام وتعويض بعض المودعين بقدر ضئيل. ومن دون ذلك، سيصعب على منصوري تحمل التداعيات، خاصة وأنه يتولى المنصب بصفة مؤقتة ولفترة قصيرة (مبدئيًا)، ولن يغير في القواعد الحالية للعبة.
ومع ذلك، يمكن أن يكون السيناريو الأمثل هو أن يسارع منصوري بتنفيذ الإصلاحات وفقًا للخطة المتفق عليها مع صندوق النقد، ولكن الظروف السياسية غير مؤاتية لذلك في الوقت الحالي، ولن تتوفر هذه الظروف إلا بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة تتفق جميع أطرافها على البرنامج الإصلاحي المطلوب. وإذا تم توفير هذه الأرضية، يمكن لمنصوري أن يسعى لتسريع الإصلاحات وتنفيذها بشكل فعال ومسؤول.
في الختام، بغض النظر عن المسار الذي ستسلكه المنصة، فالمطلوب تعاون وجهود مشتركة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والجهات المالية والاقتصادية، لتحقيق الاستدامة والنمو الاقتصادي في لبنان وتعزيز الثقة في النظام المصرفي.
مواضيع مماثلة للكاتب:
ميقاتي وصفقة المليار يورو… على “ظهر اللبنانيين” | قنبلة الذوق الحراري: مواد كيميائية تنذر بكارثة جديدة في لبنان! | “دورة خفراء في الجمارك” تثير الجدل مجددًا… فهل يتم إقصاء المسيحيين من وظائف الدولة؟ |