المطبخ اللبناني يجتاح العالم.. عائدات بمليارات الدولارات و”العرق” على رأس اللائحة!
المطبخ اللبناني الذي تخطّى عمره الـ500 سنة، يمكن اعتباره اليوم جزءاً لا يتجزأ من المطبخ العالمي، وقد كان كذلك تاريخياً، بتأثير من الحضارات الفينيقية والرومانية، ثم الاختلاط بالثقافات العثمانية والفرنسية
كتبت باولا عطيّة لـ “هنا لبنان”:
يحتلّ المطبخ اللبناني مراتب متقدّمة بين أفضل المطابخ حول العالم، فهذا المطبخ الذي تخطّى عمره الـ500 سنة، يمكن اعتباره اليوم جزءاً لا يتجزأ من المطبخ العالمي، وقد كان كذلك تاريخياً، بتأثير من الحضارات الفينيقية والرومانية، ثم الاختلاط بالثقافات العثمانية والفرنسية. وجميعها ثقافات أثرت في المطبخ اللبناني، وتأثرت به. فعمر طبق الفتوش وحده يعود لأكثر من 150 عاماً، وتحديداً إلى العام 186.
أمّا الحمّص والذي احتلّ لبنان المرتبة الأولى في غينيس بعد إعداده لأكبر صحن حمّص بالعالم، فعمره يعود إلى قرون عدّة، وهو أكثر ما يشتهر به المطبخ اللبناني في الدول الغربيّة. وإلى هذا الأخير تنضمّ الفلافل، والمشاوي على أنواعها كالطاووق والكباب والكفتة المشويّة واللحم المشوي، فضلاً عن التبولة، والبابا غنّوج والورق عنب، والشنكليش، فالكبّة المقليّة، والمعجّنات، واللحمة النيّة، والبطاطا الحرّة. ولم يكتسب الطعام اللبناني وحده الشهرة، بل انضمّ إليه المشروب اللبناني الأقدم والأشهر في لبنان: العرق، وكذلك النبيذ. حيث صنّف موقع CNN للسياحة والسفر العرق اللبناني من ضمن أطيب وأقدم وأشهر المشروبات الكحوليّة حول العالم، حيث أنّ انتشاره بدأ يتّسع نحو بلدان أوروبا وأميركا. أمّا النبيذ اللبناني فسجّل للمرّة الثانية على التوالي رقماً قياسياً بعد أن فاقت صادراته للعام 2022 الـ31 مليون دولار بزيادة 6 ملايين دولار عن العام 2021.
هذا ولا يزال المركز الأوّل الذي احتلّته مدينة بيروت كأفضل عاصمة للطعام حول العالم عام 2016، يفعل فعله سياحيًّا، ليصبح المطبخ اللبناني هويّة لبنان السياحية.
بالأرقام
حققت الأطعمة اللبنانية نمواً بلغت نسبته 73% بين عامي 2011 و2016، وفقاً لإحصاءات من معهد «يورو مونيتور» عن صناعات الأغذية الأوروبية.
وحسب إحصاءات أخرى من شركة «داتا إيسنتشايل»، انتشرت المأكولات اللبنانية إلى المطاعم الأوروبية والأميركية أيضاً. ويمكن طلب الحمص في 12.7% من المطاعم الغربية، بزيادة 24% عما كان عليه الوضع منذ 4 سنوات فقط. وهو يباع أيضاً في محلات السوبر ماركت مباشرة للمستهلك.
أما الفلافل، فهي تقدم كوجبة سريعة من 4.6% من المطاعم الغربية، بزيادة 40% خلال السنوات الأربع الأخيرة. وزادت معها بالنسبة نفسها سلطة الطحينة. كما تنتشر الشورمة تحت أسماء متعددة، وكذلك أنواع الكباب، وتقدم في مطاعم أوروبية أو شرق أوسطية على أنها تركية، أو حتى إيرانية، وهي في الأصل لبنانية.
وقد ساهم المطبخ اللبناني في انتشار التوابل المستخدمة في الأكلات اللبنانية، التي لم تكن تعرفها أوروبا من قبل، مثل الكمون والقرفة والبهارات والزعفران وجوز الطيب والحبهان. كما انتشرت أيضاً الأعشاب، مثل الزعتر والبقدونس.
والإحصاءات التي يوفرها معهد «يورو مونيتور» عن صناعات الأغذية الأوروبية تؤكد أن منافذ المأكولات اللبنانية ضمن مطاعم الشرق الأوسط في أوروبا قد حققت نمواً بنسبة 40% بين عامي 2011 و2016. وكان قطاع الأكلات السريعة وأكلات الشوارع هو الأكثر نمواً بينها، بنسبة 73%، خلال الفترة نفسها. وزادت إيرادات هذه المنافذ من 15 مليون دولار في عام 2011 إلى 26 مليون دولار في عام 2016.
لبنان vs المنطقة العربية
تفوق المطبخ اللبناني على أطعمة دول منطقة الشرق الأوسط، في تصويت أجراه موقع رانكر العالمي، على أطيب المذاقات العالمية، محتلاً المرتبة 11، ومتفوقاً بمرتبة واحدة على المطبخ التركي الذي جاء ثانياً.
وبحسب صحيفة “حرييت” التركية التي نقلت التصويت، فقد احتل المطبخ الإيطالي المرتبة الأولى عالمياً، تلاه المطبخ الفرنسي، فالمطبخ الإسباني، مظهرًا تفوق المطبخ المتوسطي على مطابخ العالم.
وجاءت اليونان رابعة متقدمة على الهند التي جاءت بالمرتبة الخامسة، ومن ثم المكسيك سادسة، فاليابان بالمرتبة السابعة، ومن خلفها ألمانيا، والصين وتايلاند على التوالي. وعلى المستوى العربي جاء لبنان أولاً باحتلاله المرتبة 11، حيث يعرف عن المطبخ اللبناني انتشاره عالمياً بأكلاته المميزة، ومطاعمه المنتشرة عالمياً.
هذا وتجتاح المطاعم اللبنانيّة دول العالم حيث في كندا وحدها أكثر من 5500 مطعم لبناني، وفي الولايات المتحدة أكثر من 10 آلاف مطعم لبناني، أمّا في دول الخليج ولندن وبرلين وروما فيتخطى عدد هذه المطاعم الآلاف. ولعلّ أبرز أولى الوصفات الفعليّة التي نسبت رسمياً للبنان يعود عمرها إلى الـ1818، أي تتجاوز الـ205 أعوام.
أكثر من 10 مليارات دولار عائدات القطاع السياحي
من جهته يقول نقيب أصحاب المطاعم في لبنان طوني الرامي في حديثه لموقع “هنا لبنان” إنّ “هناك الكثير من إقتصادات العالم ومن أكبرها وأهمها لا تملك هويّة في مطبخها، كألمانيا أمّا نحن فهويتنا السياحية هي المطبخ اللبناني واللقمة اللبنانية والتي تأسست في البردوني عام 1818 وانطلقت إلى كلّ لبنان ومن ثمّ إلى العالميّة، وأصبح هذا المطبخ سفيراً منتشراً على الخارطة السياحية العالمية”.
ويشير الرامي إلى اّنّ “هناك بعض الناس الذين لا يعرفون أين يقع لبنان ولكنّهم يعرفونه من مطبخه ابتداءً من التبولة والفتوش والمتبل وخصوصاً الحمص ألا وهو زينة سفرتنا اللبناية، حتى السندويشات من طاووق، ولحمة شقف وكفتة، وكباب، وشاورما وفلافل، حتى ساندويش المغربية الذي يقدّم في طرابلس القديمة ويجذب الكثير من السوّاح الأجانب، بالإضافة طبعاً إلى المنقوشة على انواعها. وختامها مسك مع الحلو اللبناني، وهو مصدر دخل أساسي بالنسبة للسياحة، حيث يعمد العديد من المغتربين والسوّاح الأجانب لشراء الحلو اللبناني لدى عودتهم إلى بلادهم”.
ويكشف الرامي أنّ “المطاعم الموجودة في لبنان أو المنتشرة حول العالم تعود بمردود مالي كبير على لبنان، من ناحية الأدمغة السياحية أو المواد الأوّليّة التي يستخدمونها في أطباقهم ويستوردون معظمها من لبنان. وإذا أخذنا أرقام العام 2010 كمرجع سياحي، يتبين لنا أنّ في ذلك العام أدخلنا 10 مليار دولار وحصّة القطاع المطعمي منها كانت 4 مليار، أمّا المطبخ اللبناني فحصّته 2 مليار دولار، أيّ نصف دخل القطاع. فيما صادرات النبيذ لا تقلّ عن 35 إلى 40 مليون دولار وصادرات العرق أيضاً مرتفعة فهو عنوان الميزة اللبنانيّة”.