هل يصعّد الحزب جنوباً تمهيداً لتسوية؟
تتجه الأمور إلى التصعيد مع إعلان إسرائيل عن أن الحزب أقام قبل أسابيع موقعين عسكريين عبر نصبه خيمتين في كفرشوبا، وتعهد الجيش الإسرائيلي بإزالة الخيم الموجودة في ما أسماه “الأراضي الإسرائيلية عبر الدبلوماسية أو بالقوة”. فهل هذا ما يبحث عنه الحزب؟
كتب سعد كيوان لـ “هنا لبنان”:
يسود الهدوء جنوب لبنان منذ حرب تموز 2006، أي منذ سبعة عشر عاماً، ما خلا بعض المناوشات التي تحصل من وقت لآخر، سواء من قبل إسرائيل أم من قبل “حزب الله” الذي يحاول بشكل تدريجي تخطي أو خرق “قواعد الاشتباك” التي فرضها القرار 1701 الذي يمنع على ميليشيا الحزب التواجد جنوب نهر الليطاني.
وللالتفاف على القرار لجأ الحزب إلى تحريض أهالي الجنوب على القوات الدولية (اليونيفيل)، ومحاولة منع عناصرها من القيام بدورياتها بين القرى بذريعة أنهم بحاجة في كل مرة إلى إذن مسبق وإلى مواكبة الجيش اللبناني.
وفي الصيف الماضي، وككل سنة في موعد التجديد لقوات “اليونيفيل” صوّت مجلس الأمن الدولي في 31 آب 2022 بالإجماع على القرار 2650 الذي ينص على حرية حركة القوات الدولية في منطقة عمليات القرار 1701 من دون إذن أو مواكبة. لم يرق الأمر طبعاً لـ “حزب الله” علماً أنه يكرر إعلان التزامه القرار 1701 الذي أوقف الحرب الإسرائيلية، والذي استحصلت عليه حكومة فؤاد السنيورة عام 2006 ووصفها يومها نبيه بري بـ “حكومة المقاومة”. وبعد ثلاثة أشهر ونصف فقط قتل جندي من الكتيبة الإيرلندية بعيداً عن منطقة عمليات القوات الدولية وهو في طريقه متوجهاً إلى مطار بيروت. وفي أول حزيران الماضي اتهم القضاء العسكري اللبناني خمسة عناصر من “حزب الله” بجرم القتل عمداً إثر الاعتداء على دورية الكتيبة الإيرلندية.
وراح تأزم الحزب يزداد حدة بالتوازي مع انسداد أفق الاستحقاق الرئاسي وإصرار “الثنائي الشيعي” على ترشيح سليمان فرنجية على الرغم أنه يلقى معارضة من معظم القوى المسيحية. وإذ بوزير الخارجية عبد الله بوحبيب يخرج فجأة ليطالب بتعديل الفقرة في القرار 2650 التي تتيح للقوات الدولية حرية الحركة جنوب الليطاني، ويبدأ، عشية قرار التمديد لليونيفيل في نهاية هذا الشهر، تحركاً دبلوماسياً أشبه بتحرك دونكيشوتي، لأن القرار أولاً أقرّ بالإجماع الصيف الماضي ويصعب التعاطي معه بهذه الخفة أو الرجوع عنه، وثانياً لأن أعضاء مجلس الأمن وبالأخص الدول الخمس الكبرى صاحبة حق النقض غارقة في حرب أوكرانيا، ولا وقت تضيعه أمام حجة ضعيفة ومشبوهة لوزير كان قد أعلن في حينه باسم لبنان إدانته لغزو أوكرانيا الذي قام به حليف الممانعة وحكومتها، وثالثاً لم يناقش بوحبيب خطوته مع أحد ولا تمت مناقشتها في مجلس الوزراء ولم يتم تفويضه في الأمر، علماً أن الحكومة الحالية هي من سعى للقرار 2650 ووافق عليه، وهي اليوم تريد تعديله!
تزامناً مع ذلك، تتجه الأمور إلى التصعيد مع إعلان إسرائيل عن أن “حزب الله” أقام قبل أسابيع موقعين عسكريين عبر نصبه خيمتين في كفرشوبا، وتعهد الجيش الإسرائيلي بإزالة الخيم الموجودة في ما أسماه “الأراضي الإسرائيلية عبر الدبلوماسية أو بالقوة”. فهل هذا ما يبحث عنه الحزب؟
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد حذرت أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله على لسان وزير النقل والموصلات أنه عند “أي خطأ من قبل الحزب سيتلقى نصرالله ضربة لن تقارن بحرب لبنان الثانية”. وكانت إسرائيل قد أودعت في الوقت نفسه شكوى لدى الأمم المتحدة، مقابل رد “حزب الله” الذي أكد حق لبنان بالوصول إليها وبلغ الأمم المتحدة أن أي محاولة إسرائيلية لإزالة الخيم ستجابه برد وتصعيد وربما ستؤدي إلى صدام. وحذر نصرالله تل أبيب “ألا تخطئ التقدير ولا ترتكب اي خطأ لأن ذلك قد يؤدي إلى حرب…”
وفي خضم هذا التصعيد المتبادل إذ بـ “حزب الله” يزيل واحدة من الخيمتين فجأة خلف الخط الأزرق مقابل إعلان إسرائيل أنها لا تريد الحرب، فإلامَ يمهد الطرفان؟
هناك معلومات ومعطيات تكشفت في الأيام الأخيرة عن تطور هام يفيد باستعداد الأمم المتحدة للقيام بالضغط على إسرائيل كي تنسحب من الغجر وتلال كفرشوبا وبعض مزارع شبعا، ما يعتبر إنجازاً مهماً للبنان الذي سيتم التفاوض عليه بطبيعة الحال مع “حزب الله” في ظل سيطرته على قرار الدولة اللبنانية!
مواضيع مماثلة للكاتب:
إيران تفاوض.. فمن يوقع عن لبنان؟ | برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض |