التيار الوطني الحر يروّج لخيار الحارس القضائي في المركزي… وقراءات قانونية لمغالطاته
تعيين حارس قضائي وفق مقاربات رجال القانون يتضمن مغالطات ولا ينطبق على منصب حاكمية مصرف لبنان الذي يتمتع باستقلالية مالية وإدارية، كما أن طرحه لا يتوافق مع مواد القانون.
كتبت كارول سلوم لـ “هنا لبنان”:
إذا كان التيار الوطني الحر يروّج لخيار تعيين حارس قضائي يختاره القضاء العدلي تحت عنوان استمرار تسيير عمل حاكمية مصرف لبنان، لا سيما وأنّ ولاية الحاكم الحالي رياض سلامة تنتهي في نهاية الشهر الحالي، فإن هذا الخيار لا يخدم الغاية المتوخاة منه على الإطلاق. إذ يرفض التيار بتّ التعيينات في ظل غياب رئيس الجمهورية ويتفق معه عدد من الأفرقاء، لكنه يطرح خيارات تطبيقها أبعد ما يكون إلى الواقع منطلقاً في ذلك من مبدأ تصفية حسابات والانقلاب على قواعد دستورية وقانونية، ولعل طرحه لتعيين هذا الحارس هو دليل على ذلك، وفق ما يرى البعض. فعدم موافقة النائب الأول على استلام المهمة، يؤدي حكماً إلى اللجوء إلى هذا الحارس – كما يقول الرئيس ميشال عون وقادة التيار – على أن يتفق على اختياره من بين قضاة موارنة يمكن توفرهم للقيام بهذه المهمة.
هذه النقطة بالتحديد يصعب أن تدخل حيز التنفيذ، وكذلك الأمر بالنسبة إلى خطوة تعيين مدير مؤقت لمصرف لبنان يعينه القضاء الإداري وفق ما أشار الوزير السابق سليم جريصاتي.
وبحسب القانون فإن الحراسة القضائية تأخذ شكلاً من أشكال الإدارة كلياً أو جزئياً حسب المهمة المقررة للحارس القضائي الذي يخضع تعيينه لاتفاق من أصحاب الشأن أو من قبل قاضٍ، وهذه الحراسة هي إجراء قضائي وتدبير احترازي مؤقت يزول بزوال موجبه الدافع له وتتمثل بإيداع شيء قد يكون أموالاً منقولة وغير منقولة متنازعاً عليها بين يدي شخص ثالث.
وفي الواقع، كلما اقترب موعد نهاية الشهر الجاري، تحول ملف حاكمية مصرف لبنان إلى أكثر الملفات دقة خصوصاً أن البحث يتركز على السيناريو الذي يتبع تفادياً للشغور بعدما قال نواب الحاكم كلمتهم في بيانهم الأخير حول أهمية تعيين حاكم للمركزي، ولعل الساعات المقبلة قد تحمل وضوحاً أكثر في المنحى الذي يسلكه.
التكهنات كثيرة، لكن الأرجح أن يتجنب مجلس الوزراء الدخول في أي نقاش فيه كما يتردد إلا إذا دعت الحاجة القصوى.
قد يكون التيار البرتقالي على استعداد للقفز فوق الدراسات القانونية من أجل خلق إشكال ومنع مواصلة العمل في مرفق أساسي، وفق ما تقول أوساط سياسية مطلعة لـ “هنا لبنان”، مشيرة إلى أنّ الخيارات باتت ضيقة فلا تعيينات جديدة تصدر عن الحكومة حتى وإن قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الضرورات تبيح المحظورات.
وتلفت هذه المصادر إلى أن تكليف الحاكم رياض سلامة بمواصلة العمل هو الأقرب إلى التطبيق، إلا أنّ المخرج لذلك تتم دراسته لا سيما أن هناك كلاماً عن خروج قرار التكليف من أروقة وزارة المال، الأمر الذي لم يتضح بعد مع العلم أن مجلس الوزراء هو الجهة المخولة لذلك.
لكن على الرغم من كل ذلك فإن موضوع تعيين حارس قضائي وفق مقاربات رجال القانون يتضمن مغالطات ولا ينطبق على منصب حاكمية مصرف لبنان الذي يتمتع باستقلالية مالية وإدارية، كما أن طرحه لا يتوافق مع مواد القانون.
وفي هذا الإطار، يقول الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك في تصريح لـ “هنا لبنان” أن موضوع طرح وضع مصرف لبنان تحت الحراسة القضائية يتناقض مع المفاهيم والأصول القانونية، لاسيما نص المادة ٧٢٠ من قانون الموجبات والعقود، والتي تنص على الحالات التي يمكن للقضاء أن يكلف فيها حارساً قضائياً لإدارة شركة أو مال مشترك أو أي شيء من هذا القبيل. لا سيما أن مصرف لبنان هو شخص عام وليس شركة خاصة كي يتم الذهاب في اتجاه تعيين حارس قضائي عليه.
ويضيف مالك: “أما لجهة الاعتماد على سابقة تلفزيون لبنان، فشركة تلفزيون لبنان هي شركة مختلطة وليست بشخص من القانون العام يرعاه قانون النقد والتسليف. وبالتالي فإن موضوع الحراسة القضائية لا يستقيم مع المفهوم القانوني والمواد القانونية، ولا مفرّ إلا أن يتسلم النائب الأول لحاكم مصرف لبنان مهامه عملاً بأحكام المادة ٢٥ من قانون النقد والتسليف الرقم ١٣٥١٣ / ٦٣ تاريخ ١ – ٨ – ١٩٦٣.
ما هي إلا أيام معدودة حتى يتبلور السيناريو الذي سيتم اللجوء إليه في حاكمية مصرف لبنان، وإلى ذلك الحين يستمر الحاكم في إنجاز مهامه بشكل كامل وفق الأصول.