أكثر من 1.3 مليون مغترب لبناني مجنّس.. فكم يبلغ عدد غير المجنّسين؟
أسئلة كثيرة تدور حول عدد اللبنانيين المغتربين الفعلي في الخارج، وخصوصاً غير المجنّسين منهم، وماذا لو قرّر هؤلاء العودة إلى لبنان يوماً ما؟
كتبت باولا عطية لـ “هنا لبنان”:
لطالما كان المغتربون اللبنانيون العمود الفقري الاقتصادي والاجتماعي للبنان، فهؤلاء وبعد أن غادروا لبنان كلّ منهم لظروفه الخاصّة، لا يفوّتون فرصة ليعودوا فيها إلى وطنهم للسياحة في الصيف أو الشتاء أو في مواسم الأعياد. ومع موجة المغتربين التي ينتظرها لبنان على أبواب الموسم السياحي، حيث من المتوقّع أن يزور لبنان أكثر من مليوني وافد بحسب تصريح وزير السياحة وليد نصّار، بعد أن تمّ إشغال أكثر من 55% من الفنادق وبيوت الضيافة، مع توقّعات بأن يدخل الموسم السياحي قرابة الـ7 مليار دولار. وهذه المبالغ التي يتوقّع لبنان الاستفادة منها على أمل أن تنعش إقتصاده، تختصر الموسم السياحي الصيفي فقط، دون ذكر أموال المغتربين التي تدخل إلى لبنان، عبر التحويلات، أو عبر أصدقاء مشتركين مسافرين إلى لبنان. فهذه لوحدها قدّرت للعام 2022 بـ 6.8 مليار دولار أميركي، وجعلت لبنان يتبوّأ المرتبة الثانية عالمياً من حيث مساهمة تحويلات المغتربين في الناتج المحلي الإجمالي، والتي بلغت نحو 38%.
أسئلة كثيرة تدور حول عدد اللبنانيين المغتربين الفعلي في الخارج، وخصوصاً غير المجنّسين منهم، وماذا لو قرّر هؤلاء العودة إلى لبنان يوماً ما؟
عدد اللبنانيين المغتربين بلغ 1.3 مليون نسمة
وتاريخياً، لا سيما بعد انتهاء الحرب الأهلية، اتسعت موجات الهجرة إلى مختلف بقاع العالم، فبرز مصطلح “أموال المغتربين” كرافعة للاقتصاد، إذ تشير تقارير غير رسمية أن عدد اللبنانيين المغتربين بلغ 1.3 مليون نسمة معظمهم من القوى المنتجة، مقابل 4.5 مليون لبناني مقيم، تعتمد نسبة كبيرة منهم على ذويهم في الاغتراب.
في المقابل هناك أعداد لم تحصَ بعد لمغتربين لبنانيين غير مجنّسين، ولهؤلاء كان قد أقر البرلمان اللبناني عام 2015 قانوناً يسمح للمتحدرين من أصل لبناني باستعادة الجنسية بعد أن حرموا منها -طواعية أو قسراً- نتيجة هجرتهم الطويلة منذ أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن الماضي.
وكان قانون “استعادة الجنسية” قد حدد مدة زمنية تنتهي عام 2025 لاستعادة الجنسية، وكان قد تبّناه التيار الوطني الحرّ قبل إقراره في البرلمان وبعده. والهدف الرئيسي منه “استعادة التوازن الديمغرافي في البلاد بعد أن اختل لصالح المسلمين على حساب المسيحيين”، بحسب ما صرّح رئيس التيار الوطني الحرّ ووزير الخارجية آنذاك جبران باسيل.
ويحصر القانون استعادة الجنسية بالمسجلين في إحصاءات أعوام 1921 و1924 و1932، والقانون الجديد لاستعادة الجنسية يشترط أن يكون اسم طالب استعادتها مدرجاً هو أو أحد أصوله الذكور لأبيه أو أقاربه الذكور لأبيه حتى الدرجة الرابعة، على سجلات الإحصاء (سجلات 1921-1924) التي أجريت بعد إعلان دولة لبنان الكبير سنة 1920 مقيمين ومهاجرين، وسجل إحصاء سنة 1932 مهاجرين الموجودة لدى دوائر الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية اللبنانية.
والقانون اشترط أيضاً ألا يكون المدرج اسمه على السجلات قد اختار صراحة أو ضمناً تابعية إحدى الدول التي انفصلت عن السلطنة العثمانية.
كم أعداد اللبنانيين الذين لا يملكون الجنسيّة؟
وفي هذا الإطار يعتبر الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، أنّ “عدد المغتربين المتحدّرين من أصل لبناني والذين لا يملكون الجنسيّة اللبنانيّة، قد يبدأ من 5 مليون شخص ويصل إلى 20 مليون”، مشدداً على أن “لا أحد يستطيع تقدير العدد الصحيح. ففي الأرجنتين وحدها أكثر من 1.5 مليون أرجنتيني من أصول لبنانيّة، وهؤلاء فقط الذين يحملون الجنسيّة فما بال الذين لا يملكون الجنسيّة وأصولهم لبنانيّة؟ فشوارع الأرجنتين تمتلئ باللبنانيين أمّا في البرازيل وحدها فهناك بين 7 و10 ملايين لبناني، وهؤلاء مسجّلون فيما غير المسجّلين قد يصل عددهم إلى الـ20 مليون”.
وأشار إلى أنّه “في العام 2015 تمّ إصدار قانون إستعادة الجنسيّة، إلاّ أنّه ومنذ 8 سنوات وحتى اليوم لم يقدّم غير 970 شخصاً بطلبات للحصول على الجنسيّة، وذلك إن دلّ على شيء فعلى أنّ هؤلاء الأشخاص غير مهتمين بالجنسيّة اللبنانيّة التي لن تقدّم لهم شيئاً، فمن بحوزته جنسيّة أميركيّة أو فرنسيّة سيستفيد من العديد من الخدمات والمميزات، ولكن من لديه الجنسيّة اللبنانيّة ماذا سيستفيد؟ وذلك على الرغم من أنّ طلب الحصول على الجنسيّة مجاني لهؤلاء شرط أن يتمكّنوا من الإثبات أنّ أصولهم لبنانيّة”. معطياً أمثلة عن مغتربين لبنانيين لمعوا في الخارج ككارلوس سليم ومايكل دبغي “إلّا أنّ أولادهم لم يأخذوا الجنسيّة اللبنانية ولا نعرف عنهم شيئاً”.
ويقول “على الرغم من كلّ الحملات التي أقيمت لتحفيز المغتربين اللبنانيين على استعادة جنسيّتهم اللبنانيّة وعلى الرغم من الجولات التحفيزيّة التي عقدتها الرابطة المارونية إلّا أنّ كلّ تلك المحاولات باءت بالفشل”.