بين تموز 2006 وتموز 2023… هل يستعدّ الحزب لحربٍ جديدة؟
بعد سبعة عشرَ عاماً من محاولة المُقاومة اللّبنانيّة إثبات نفسها محلّياً وإقليمياً وبغضّ النظر عن غطرستها. ما هو تأثير حرب تموز على تطوّر الحزب؛ وهل هو مُستعدٌّ اليوم لحربٍ جديدة؟
كتب أنطوني الغبيرة لـ “هنا لبنان”:
من عيتا الشعب إلى الغجر، ها هي الأحداث في الجنوب اللّبنانيّ تتكرّر. فرغم الظروف المختلفة غير أنّ المواجهة بين حزب اللّه والعدوّ الصهيوني بحالة ترقّب دائِم، رغم القرارات الدولية وقوات حفظ السلام المنتشرة على الحدود.
وبعد سبعة عشرَ عاماً من محاولة المُقاومة اللّبنانيّة إثبات نفسها محلّياً وإقليمياً وبغضّ النظر عن غطرستها. ما هو تأثير حرب تموز على تطوّر الحزب؛ وهل هو مُستعدٌّ اليوم لحربٍ جديدة؟
اعتبر الكاتب والباحث السياسي مكرم رباح في حديثه لـ “هنا لبنان” أنّ حزب اللّه لم يختلف منذ تأسيسه ولغاية اليوم ولكن تطوره عبر السنوات (إتصاله المباشر بالسياسة الإيرانية) جعلنا نتعرّف عليه بشكلٍ أكبر وبطريقةٍ أوضح، مع الإشارة إلى تغيّر السياسة الإيرانية لا سيّما بعد سقوط نظام صدام حسين.
مُردفاً: “في العام 2006 كانت المرحلة المفصلية التي أوضحت للشعب اللّبناني أن فكرة الحزب المقاوم هي أسطورة رَغب الشعب بتصديقها؛ في حين أنّ الحزب نفسه ينفّذ الأجندة الإيرانيّة ولا سيّما خطفه للجنود الإسرائيليين كان لمساعدة حلفاء إيران من حماس والجهاد الذين كانوا يتعرضون لهجمة إسرائيلية أساسية. فتفعيل جبهة الجنوب كان بأمر من الإيراني وهذا باعتراف الطرف الفلسطيني الذي أكّد أنهم كانوا بمرحلة دقيقة جداً”.
وأكمل، إنّ مكانة الحزب الداخلية تأثّرت بعد الحرب مع إسرائيل حيث قام الأمين العام بتخوين الشعب اللّبناني الذي دافع عنه ودعمه؛ فتمّ اتهام الكثير من السياديين بالصهيونية والعمالة رغم الواقع المغاير، فوقوف الشعب أجمع مع أهالي الجنوب الذين هجرتهم الحرب خير دليل على الألفة بين اللّبنانيين.
أمّا عن مدى تأثير الوضعين الإقليمي والمحلّي على مكانة الحزب اليوم، أثنى رباح على قرار الحزب بالخروج العلني من لبنان في 2011 مع الحرب السوريّة، وظهور ضعفه كونه تحوّل قِتاله ليصبح على رأس المشروع التوسّعي الإيراني الذي يضع عليه ضغوطاتٍ ومتطلباتٍ.
وأضاف: “الحزب ليس مخيّراً فهو مسيّر وفي نهاية المطاف عندما تأتيه الأوامر من ولاية الفقيه بالقتال سوف يقاتل. فهو لا يملك حسابات محليّة لكي يكون متردداً في هذا الموضوع؛ فغير وارد للحزب حالياً المواجهة في الجنوب اللبناني. وهو الّذي تحوّل من ميليشيا هجومية لأخرى دفاعيّة وحامية الجنوب. بكل بساطة يعرف أن بيئته ومجتمعه غير جاهزين لحرب مفتوحة. وبنهاية المطاف الشعب اللبناني أجمع يشبه بعضه ويبحث عن أمان وسلام ولا يريد حرب مفتوحة”.
وعن الإشاعات التي تشير إلى تفويض الحزب للرئيس ميقاتي في عمليّة التواصل لإيجاد حلول نظراً للأحداث الأخيرة في بلدة الغجر، يعتقد رباح أنّ لبنان الرسميّ متواطئ مع حزب الله عبر إعطائه الغطاء واعتباره حاكم مقاومة؛ مع اعتبار مشكلة الحزب هي إقليمية وليست لبنانيّة. فلا قرار رسميّ بسبب غياب الدولة والسيادة المختطفة أو المنقوصة كون تكليف الرئيس ميقاتي لا يحلّ المشاكل القائمة.
أما في ما يتعلق بارتباط الأحداث في لبنان مع عدم الإستقرار الإسرائيلي الداخليّ، أكّد أنّه لا يوجد ترابط بين الموضوعين، كون نتنياهو لديه أولويات داخلية يستعملها لتشتيت الإنتباه. فالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية ليست بوارد العمل السياسي في حال وجود خطر معيّن من صواريخ ومسيّرات إيرانية على حدودها مع لبنان.
خاتماً، بأنّ الحزب في هذه المرحلة لا سيّما التقارب الخليجي الإيرانيّ السوري، همّه الحفاظ على نفسه للمدى البعيد واعتبار هذه المرحلة بسيطة وعابرة. وتركيزه على الإستفادة من المقوّمات الإقتصادية للبنان وسوريا والعراق من خلال عمليات التهريب والجريمة المنظمة التي يشرف عليها. فلا يجب علينا أن ننخدع بالإستعراضات والبطولات العسكرية، فهدفه الأوّل تجاوز كل المحن والتوسع بحسب خطة الحرس الثوري.
عقيدة الأحزاب تختلف بين حزبٍ وآخر، وروح الإنتماء في لبنان تتفاوت بحسب تبعيّة كلّ فئةٍ لحزبٍ معيّن. وأمام المحسوبيات والإنتماءات والتبعيات يسقط مفهوم الوطن أمام الحواجز المُرتبطة بالمطامع الخارجيّة.