الحزب متمسّك بالطائف ولكن وفق تفسيره الخاص لبنوده


أخبار بارزة, خاص 15 تموز, 2023

يكرّس الحزب في نص دستوري ما يمارسه بالعرف، كالثلث المعطل في الحكومة، وإسناد حقيبة المال للشيعة بحجة التوقيع الثالث، مروّجاً بأن ذلك تمّ الاتفاق عليه شفهياً في الطائف، علماً أن الطائف، وفق مشاركين فيه، وزّع الحصص بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين على قاعدة المناصفة وليس المثالثة

كتب فيليب أبي عقل لـ “هنا لبنان”:

أبلغ الدكتور سمير جعجع المبعوث الفرنسي الوزير السابق جان إيف لودريان، قبل عودته، بـ “لاءات” ثلاث: لا للحوار، لا لتعديل الطائف، لا للعودة إلى اتفاق الدوحة، وبنعم واحدة لتطبيق الدستور لانتخاب رئيس بجلسات مفتوحة.
وأوضح جعجع أن الدستور لا ينص على الحوار وعلى الاتفاق المسبق لانتخاب رئيس، ولكن يمكن أن يحصل داخل الجلسات.

وفي الإطار ذاته، يتهم وزير سابق المسؤولين بأنهم اعتادوا بعد الطائف على تجاوزه تحت عنوان”الاتفاق والتوافق لأن لبنان بلد التوازنات”، و”استنبط” بعضهم بدعة الديموقراطية التوافقية، حتى أن بعضهم حوّل الميثاقية إلى مذهبية في حين أنها بين الطوائف (المسيحي والمسلم) وليس بين المذاهب. لذلك ترفض أوساط في المعارضة أن يكرّس الحزب في نص دستوري ما يمارسه بالعرف، كالثلث المعطل في الحكومة، وإسناد حقيبة المال للشيعة بحجة التوقيع الثالث، مروّجاً بأن ذلك تمّ الاتفاق عليه شفهياً في الطائف، علماً أن الطائف، وفق مشاركين فيه، وزّع الحصص بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين على قاعدة المناصفة وليس المثالثة، لذلك ترفض معظم القوى تثبيت الأعراف بالدستور وشرعنة سلاح حزب الله تحت عنوان المقاومة وتحويلها إلى مؤسسة وطنية يشرف عليها الحزب كالحشد الشعبي في العراق.

كما يعترف أحد المراقبين أن حزب الله تراجع عن تمسكه بالحوار لإيصال مرشحه إلى بعبدا، وبتثبيت الأعراف التي يمارسها بالدستور، كما وضع موضوع المقاومة خارج التداول بعد حدة المواقف منه.
وقد كان لافتاً تصريح النائب محمد رعد “أن الحزب ملتزم باتفاق الطائف، لا يريد أن يعدل فيه حرفاً ويريد تطبيقه ولا يدعو إلى صيغة سياسية جديدة”.
وتعلق أوساط معارضة أن الحزب يستند إلى تفسير خاص للطائف يشرعن الأعراف”. وهذا التراجع الإعلامي للحزب عن مواقفه السابقة لم يقترن بخطوات عملية، فاعتبرته المعارضة موقفاً تكتيكياً لجأ إليه للرد على المطالبين بالفدرالية واللامركزية الموسعة، فقد توجّس الحزب من هذه المطالب وخشي من تداعياتها في الوقت الضائع وفي ظل ترتيب أوضاع المنطقة لشرق أوسط جديد.
وبات معلوماً أنّ الحزب الذي يهيمن على الدولة ومؤسساتها وقرارها، قد نجح في فرض اسم رئيسي الجمهورية والحكومة وتشكيل الوزارة، وفي تعطيل الدور السني بإخراج الرئيس سعد الحريري من المعادلة وفي تحييد وليد جنبلاط سياسياً بخروجه من العمل السياسي لمصلحة ابنه تيمور، وفي ترسيخ التشرذم داخل الصف المسيحي لتنفيذ مشروعه، رغم نفي أوساطه ذلك. ووفق أحد الوزراء السابقين فإن خروج جبران باسيل من تحت عباءة الضاحية، وتقاطعه مع المعارضة على ترشيح جهاد أزعور شكل ضربة قوية لمشروع الحزب، الذي رد عليه بمقاطعته ووضع شروط لعودة “الابن الضال”، كما نقلت أوساط سياسية قريبة من الضاحية.
وقد جاءت مواقف رعد الأخيرة رداً على تحميل دول خماسية باريس الحزب تعطيل انتخاب الرئيس لشرعنة “امتيازاته” وتوظيف ورقة الانتخابات لمصلحة الأجندة الإيرانية في تفاوض طهران مع واشنطن.

إنّ حال الفراغ الشامل التي وصلت إليها البلاد خصوصاً في مناصب حساسة كحاكم مصرف لبنان وقائد الجيش وغيرها، لم تعد تصب في مصلحة الحزب كما كان يعتقد البعض، بل باتت تنعكس عليه بعدما حمّلته جهات محلية وخارجية مسؤولية انهيار لبنان سياسياً ومالياً واقتصادياً بسبب سلاحه الذي تحول إلى آلة إقليمية تخدم مصلحة إيران. واستمرار الحزب في استخدام الحوار لحشر الطرف الآخر وفرض مشروعه ومرشحه، قد يفجّر صيغة لبنان العيش الواحد، بعدما اعتبرت أطراف محلية أن هنالك شريكاً يتصرف بفائض القوة ويحاول فرض مشروعه السياسي ونهجه وطريقة عيشه على لبنان متجاهلاً خصوصيته وخصوصية الطرف الآخر. وقد حرك هذا الواقع الخارج المعني بلبنان، لا سيما خماسية باريس بالتزامن مع مهمة لودريان الذي سيضع خريطة طريق للإنقاذ، يعرضها على الأطراف في الداخل وعلى دول الخماسية لتجنب انهيار لبنان. لذلك تتوقع المصادر مع عودة لودريان، زيارات لمسؤولين من خماسية باريس، وربما تحركت واشنطن للإنقاذ، في وقت يقول وزير سابق أن لا شيء على صعيد الرئاسة قبل أيلول، كما نقل عن مسؤول غربي قوله “روحوا صيفوا ومنحكي بأيلول”.
إلا أن ما يجري في مصرف لبنان قبل خروج الحاكم ربما يعجّل خطوات الحل، بعدما تبين وجود إصرار على بقاء الحاكم في المركزي ليأخذ القرار، لأن المركزي لا يدار من خلال المجلس المركزي عبر النائب الأول للحاكم لمدة طويلة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us