الشركة الفرنسيّة تفوز بمناقصة البريد مرّة جديدة: الثانية ثابتة؟
اشترت 4 شركات دفتر الشروط الجديد الخاص بتلزيم الخدمات والمُنتجات البريدية في لبنان بعد انتهاء عقد شركة “ليبان بوست”، ورست المناقصة مجدداً، على العارض الوحيد، أي شركة Merit invest – Colis Privé
كتبت باولا عطيّة لـ “هنا لبنان”:
مرّة جديدة فاز تحالف شركة Merit invest – Colis Privé، العارض الواحد، بمناقصة البريد، بعدما تمّت مزايدة تلزيم قطاع البريد، وبعدما فضّت العروض بتاريخ 12/7/2023، حيث أعلنت وزارة الاتصالات في بيان أنّه وبعد تدقيق المستندات المقدمة تبيّن أنّها مطابقة لدفتر الشّروط والمستندات التابعة له، وبالتّالي، فإنّ العارض الوحيد هو العارض الفائز المؤقّت.
وكان التحالف نفسه قد سبق أن فاز في المناقصة التي عقدت يوم الخميس بتاريخ 30-3-2023، لتسقط في هيئة الشراء العام، بعد خضوعها للتدقيق، حيث تبيّن أنّ عقد الشركة غير مطابق لدفتر الشروط ولا يحقق التوازن المالي.
ليعاد تعديل دفتر الشروط من جديد، وتدعو “الاتصالات” إلى مناقصة جديدة، فاشترت 4 شركات دفتر الشروط الجديد الخاص بتلزيم الخدمات والمُنتجات البريدية في لبنان بعد انتهاء عقد شركة “ليبان بوست”، في 31 أيار. وهي: تحالف شركة Merit invest – Colis Privé ، شركة غانا بوست المحدودة، شركة سي – كوم هولدنغ ش.م.ل، وشركة تراست ترايدينغ ش.م.ل.
ووسط اعتراض ثلاث منها على بنود أساسية في دفتر الشروط، وعلى مهلة تحضير ملف المشاركة، رست المناقصة مجدداً، على العارض الوحيد، أي شركة Merit invest – Colis Privé (الأولى لبنانية مملوكة من رودولف سعادة صاحب شركة CMA-CGM للنقل البحري التي التزمت تشغيل مرفأ بيروت، والثانية فرنسية لديها رخصة توزيع بريد وليس لديها مكاتب بريدية.
فهل يعود ويسقط عقد الشركة الفرنسيّة في التفتيش؟ وما مدى أحقيّة الاعتراضات التي سجّلتها الشركات الثلاث الأخرى؟
في هذا الإطار يقول وزير الإتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني قرم في حديثه لموقع “هنا لبنان”: “سألتقي برئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية يوم الخميس لتقييم الوضع، ونحن قد بررنا سبب عدم تمديد المهلة للشركات للتحضير للمناقصة، وسنرسل الأسباب في كتاب لهيئة الشراء العام”.
ما الشروط التي عدّلت؟
وعما يقال حول تفصيل دفتر الشروط على قياس الشركة الفرنسيّة لتفوز بالمناقصة بعد أن أسقطت عقدها في هيئة التفتيش العام في المناقصة التي سبقتها أجاب “نتفهّم أن يفكرّ البعض بهذه الطريقة، إلّا أنّ الحقيقة مغايرة، حيث أنّ الشروط التي كانت موجودة في دفتر الشروط السابق كانت تسمح لمشغل حكومي فقط بأن يدخل المناقصة، ولكن هدفنا من التعديل كان توسيع المجال للسماح للشركات العالميّة بالمشاركة، والتعديل تمّ بناءً على توجيهات أحد الخبراء الفرنسيين الذين استقدمتهم الوزارة، بحضور العليّة. فإذا اكتفينا بالمشغل الحكومي في دفتر الشروط، سنكون بذلك قد حصرنا المناقسة بفئة واحدة فقط. أمّا في الشروط الجديدة فقد أبقينا على المشغّل الحكومي وأضفنا إليه مشغلاً لديه خبرة بنقل الطرود لـ 10 سنوات على الأقل”.
والتعديل الثاني الذي طرأ على دفتر الشروط، يتابع قرم، “هو بتسهيل العمليّة، لعدم تشجّع المستثمرين الأجانب على التقدّم للمناقصة، فبدل أن يتكلّف المشغّل الرئيسي 51% خفضنا النسبة إلى الـ40%، ما يشجّع المستثمرين الأجانب الراغبين بالتقدّم والمتردّدين بوضع رأسمالهم، على تقديم خبرتهم، بالشراكة مع شريك لبناني مستعدّ لتمويل المشروع”.
“وأهميّة التعديلات تكمن بأنّ المشغل الحكومي تنحصر خبرته في مكاتيب الـ 50 غرام والتي لا تشكّل سوى 10% من حجم العمل في قطاع البريد، حيث 90% من العمل والربح تأتي من الطرود فوق الـ 50 غرام والخدمات الجديدة غير الورقيّة كالـ ecommerce وغيرها من الخدمات “الأونلاين”. وبالتالي من غير المنطقي حصر المناقصة بمشغّل حكومي”، بحسب الوزير.
وأضاف “كان هدفنا تشجيع الشركات الضخمة على الدخول في المناقصة كـ DHL وAramex وغيرها إلّا أنّه ولأسباب عديدة لم تتقدّم هذه الشركات إلى المناقصة. ومن هذه الأسباب نذكر أوّلاً: معرفة هذه الشركات مسبقاً أنها ستتعرّض لحملة إعلاميّة وهجوم، ثانياً: الجوّ العام غير مؤاتٍ للاستثمار، ثالثاً: مشاكل القضاء اللبناني”.
5 مليون دولار عائدات سنويّة.. و13 مليون دولار للانطلاق بالمشروع
وشدّد قرم على أنّ “دفتر الشروط الجديد التزم بجميع توصيات ديوان المحاسبة، فيما الشركة التي ربحت المناقصة الجديدة، عرضت نسبة 12% من إيراداتها فيما دفتر الشروط نصّ على 10% فقط، وبعد 3 سنوات تصبح النسبة 12 ونصف بالمئة وبعد 6 سنوات تصل إلى 13% وذلك يأتي لمصلحة الدولة، التي ستجني أرباحاً بقيمة 5 مليون دولار في السنة الواحدة أي مجموع ما حقّقته شركة ليبان بوست من عائدات للدولة على مدى 23 عاماً! كما أنّ الشركة التزمت تكريس مبلغ 13 مليون ونصف دولار للانطلاق في المشروع، من خلال cashflow ومعدات وسيارات وماكينات… وهذه جميعها تبقى للدولة عند انتهاء مدّة العقد وهي 9 سنوات”.
الهيئة تدقّق العقد
من جهته لفت رئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية في حديثه لـ “هنا لبنان” إلى “أنّنا كهيئة لم نستكمل التدقيق بعد، وقد طلبنا العقد للتدقيق ولا يمكننا أن نعطي موقفاً مسبقاً قبل يوم الجمعة، حيث يكون قد تبيّن معنا إذا ما كان العقد مطابقاً لدفتر الشروط أم لا. وقد حضر مندوب عن الهيئة الجلسة الأخيرة التي عقدت يوم الجمعة، وأرسل إلينا التقرير، ونحن نطلب الملف كإجراء روتيني ونقدمه في حال كان مطابقاً للقانون”.
وتابع العليّة “لقد رفضت الهيئة العرض السابق في المناقصة ما قبل الأخيرة، لأن العرض كان غير مطابق لأحكام دفتر الشروط السابق، لكون هذه الشركة تتعاطى نقل الطرود ولا تتعاطى العمل البريدي، والوزارة انتقلت من فكرة توسيع المجال وتعديل الدفتر ليسمح للشركات التي تتعاطى نقل الطرود بالمشاركة، وتمّ تعديل هذا الأخير لتوسيع المنافسة، ولكن للأسف تم تعديل الدفتر ولم تتوسّع المنافسة بل الشركة نفسها عادت وتقدّمت وربحت المناقصة. وعلينا التأكّد من مدى انطباق عقد الشركة وأحكام دفتر الشروط”.
شركتان اعترضتا من أصل ثلاث
وعن اعتراض بعض الشركات على عدم تمديد المهلة بالإضافة إلى هيئة الشراء العام أجاب العليّة “وصلنا اعتراضان موثقان من شركتين فقط وهما شركة غانا بوست المحدودة، وشركة تراست ترايدينغ ش.م.ل. فيما شركة سي – كوم هولدنغ ش.م.ل، لم تتقدّم باعتراض إلى هيئة الشراء العام”، معتبراً أنّه “من الطبيعي أن تطالب الهيئة بإعطاء مهل كافية للعارضين لتحضير عروضهم، إلّا أنّ وزير الاتصالات اعتبر أنّ المهلة كانت كافية، والعارضون كانوا غير جديين ونحن سنبحث في الموضوع “، مشدداً على أننا “ندقق ونعمل بنيّة إيجابية وليس لدينا أحكام مسبقة”.
ليبان بوست لا تزال تدير القطاع
وعن الجهة التي تدير قطاع البريد بعد انتهاء مهلة تجديد عقد شركة ليبان بوست بتاريخ 31 أيّار أي منذ شهرين تقريباً، كشف العليّة أنّ “ليبان بوست لا تزال تدير هذا القطاع بحجّة تسيير المرفق العام”.
لماذا لم تتقدّم DHL؟
في المقابل رأت مصادر مطّلعة على ملفّ البريد في حديثها لموقع “هنا لبنان” أنّ “التعديلات على دفتر الشروط تخدم الشركة الفرنسيّة، إلّا أنّ المفارقة كانت بعدم تقدّم أيّ شركة غيرها إلى المناقصة”.
وعن سبب عدم تقدّم شركة DHL إلى المناقصة كشفت المصادر أنّ “الشركة أميركيّة، ولديها قوانين تمنعها من الدخول في مزايدات حصريّة، تحصر الخدمة بمشغّل واحد. فيما اعتبرت شركات أخرى أنّ الوضع المالي في لبنان لا يشجع على الاستثمارات”.
هل كان الفوز مضموناً؟!
وكشفت المصادر أن “تحالف شركة Merit invest – Colis Privé، كان شبه متأكّد من أنّه سيفوز بالمناقصة، فهذا التحالف كان سيضمّ إليه شركة GDS لصاحبها طوني فاضل، الذي كانت ستدخل شركته شريكة لشركة CMA CGM، وكانت قد طلبت شركة فاضل تمديد المهلة، إلّا أنّ الشراكة لم تتمّ بسبب الخلاف حول من سيكون مديراً”.
وتتابع المصادر “سحبت شركة غانا بوست دفتر الشروط 3 مرات ولم تتقدّم إلى أيّ مناقصة ولم يكن لديها جديّة بالتعاطي مع الملفّ، أمّا الشركة المصريّة “مصر بوست” فلم تستجب لدفتر الشروط وبعد أن انطلقت المزايدة قيل في الإعلام عن رغبة هذه الشركة بالتقدّم إلى المناقصة، فيما السفير المصري حاول التواصل مع الوزارة إلّا أنّه جاء متأخراً”.