اليوم وغداً: مع ديما صادق والحريات الإعلامية.. دون دعوات أو سعاة بريد!
المسألة اليوم ليست ديما صادق، المسألة نحن، كجسد إعلامي في وطن متهالك. فالسكوت عمّا تعرّضت له ديما، سيؤسس حتماً لدعاوى عدّة، وستكرّ سبحة الادعاء ضد صحافيين وصولاً لمحاولة زجّهم في السجون!
كتبت نسرين مرعب لـ “هنا لبنان“:
أن تتضامن مع ديما صادق اليوم، لا يعني أن تتفق معها، ولا يدفعك بالضرورة لأن تؤيد مضمون تغريداتها، بل على النقيض تماماً، بإمكانك أن تعارض، أن تنتقد، أن ترفض بعض المواقف، وأن تناقش البعض الآخر، وكلّ ذلك تحت سقف الحرية.
الحرية التي نتحفّظ من خلالها و”بأريحية” على بعض مواقف صادق، مع حفظ حقّها في التعبير، هي نفسها التي تدفعنا اليوم، وبكلّ ما أوتينا من كلمة، لرفض المحاولات المشبوهة لـ”كمّ الأفواه”، وتقييد الدور الإعلامي للمؤسسات وللعاملين فيها، سواء اتفقنا معهم أم لم نتفق، فعدم التوافق واختلاف الرؤى والسياسات الإعلامية شيء، والقبول بالإخضاع هو شيء آخر!
متسلّحون بالحرية، نقف اليوم ونرفع الصوت في وجه سلطة حوّلت تغريدة كتبتها إعلامية لمادة قضائية، نتج عنها حكم بالسجن.
ولكن، ماذا يعني أن يسجن صحافي في لبنان لأنّه انتقد سلوك أحد أفراد العصابة السياسية؟ ماذا يعني السجن لمدة عام كردّ على تغريدة وصفت سياسياً لبنانياً بـ”العنصرية”، علماً أنّ هذا السياسي لطالما تفاخر بعنصريته في إطلالات إعلامية.
ماذا يعني أن يتجاوز البعض محكمة المطبوعات؟ وأن يتم إصدار حكم في محكمة جزائية؟
المسألة اليوم ليست ديما صادق، المسألة نحن، كجسد إعلامي في وطن متهالك. فالسكوت عمّا تعرّضت له ديما، سيؤسس حتماً لدعاوى عدّة، وستكرّ سبحة الادعاء ضد صحافيين وصولاً لمحاولة زجّهم في السجون!
تخيّلوا المشهد..
في لبنان، الوطن الذي كتب تاريخه بدماء شهداء الحرية، الصحافيون في السجون.. على خلفية مقال أو تقرير؟ أو تغريدة!
مسألة ديما صادق، ليست مسألة حريات فقط، وإنّما هي أيضاً مسألة وسائل إعلامية، عليها أن تخرج من عباءة النزاع الفردي وأن تتفق على عنوان واحد وهو “الحرية”!
فماذا يعني أن تختلف السياسات الإعلامية؟ وما همّ أن يكون النهج المتبع ليس منسجماً مع وسيلة إعلامية زميلة؟
في المبدأ، ليس ضرورياً على الإطلاق أن نتفق في كل ما ننشره من مواد وتقارير ومقالات، بل على العكس، يجب أن نختلف، أن نتعارض في ما نطرح، وأن يتابع اللبناني كل الآراء، وأن يشاهد الحدث من مختلف زواياه.
ولكن هذا لا يعني أيضاً أن نتناحر، أن نحوّل خلافاتنا لحروب إعلامية، بدل من أن نكون قوّة رادعة في وجه سلطة لن تنتصر إلّا على جثّة الحرية.
في قضية ديما صادق، قررت وسيلة إعلامية صديقة، أن تصدر عريضة، وأن تجمع عليها تواقيع مؤسسات زميلة من أجل حشد أكبر تضامن ضدّ الانتهاك الذي يتعرّض له الإعلام، وهذا موقف يستحق التقدير، مع بعض التحفّظ.
والتحفّظ هنا حتماً ليس على ما أوردته عريضة “L’Orient-Le Jour”، والتي نتفّق مع بنودها جملة وتفصيلاً، بل ونعتبرها ضرورة في هذه المرحلة، وإنّما هو على عدم التعميم على جميع المؤسسات الإعلامية في لبنان، إذ استثنت منصات “هنا لبنان” و “Ici Beyrouth” و “This is Beirut”.
غير أنّه، وبعيداً عن هذا التحفظ، وانطلاقاً من موقفنا المتضامن منذ اللحظة الأولى مع صادق، وتماشياً مع إيماننا المطلق بحرية الرأي والتعبير، انضممنا للتوقيع على العريضة، كما وسنوّقع على أيّ عريضة أخرى، دون انتظار أيّ دعوات، فإعلامنا هو “رسالة”، رسالة لا ولن نحتاج لإتمامها، في أيّ يوم، لساعي بريد كي يوصلها!
مواضيع مماثلة للكاتب:
أين لبنان؟.. يا فيروز! | سليم عياش.. “القاتل يُقتل ولو بعد حين”! | نعيم قاسم “يعلّم” على الجيش.. الأمين العام “بالتزكية” ليس أميناً! |