لبنان غنيّ بالمياه الجوفية العذبة.. ثروة مهدورة بلا استثمار!
حتّى اليوم لم تجرَ أيّ دراسات بشكل جدّي وتوثيقي، عمّا إذا كانت ينابيع البحر العذبة صالحة للشرب أم لا!
كتب مازن مجوز لـ”هنا لبنان”:
واقع مأساوي يحيط بالموارد المائية المتاحة في لبنان، فنحن أصبحنا على حافة الفقر المائي والذي كان من المتوقع الوصول إليه في العام 2030، غير أنّ عوامل عدّة مثل غياب الإصلاح والنزوح السوري ساهمت في تسريع الأزمة.
أما الأكثر مأساوية، فهو تعارض هذا الواقع مع توّجهات وطنية، كانت قد طرحت خطّة شاملة، للاستفادة من مختلف الموارد المائية في لبنان.
ومن المفارقات أنّ لبنان لديه ثروة من نوع آخر، وهي الينابيع البحرية التي يصل عددها إلى 108 ينبوع، وهذه ثروة مهدورة، فالينابيع الممتدة على طول الشاطئ غنية بمياه عذبة تتفجّر وسط المياه المالحة.
في هذا السياق، يوضح مدير المركز اللبناني للغوص يوسف جندي، أنّ “هناك توازن بيئي يجب أن نحافظ عليه، وقبل أن نفكر باستغلال هذه الينابيع، لنستغل أولاً أنهار الليطاني والحاصباني والعاصي، وأنا كخبير بيئي- بحري أدعو إلى عدم استغلالها، إذ ينمو على جوانبها وبالقرب منها كائنات بحرية لا تحيا إلّا في هذه البيئة القريبة من المياه الحلوة”.
وتوقف جندي عند الينابيع المتواجدة في بحر صور، وموقعها على بعد 6 كم عن مرفأ المدينة، وعلى عمق يبدأ بـ37 متر، موضحاً أنّنا هنا نتكلم عن المجموعة الأكثر غزارة.
لافتاً إلى أنّ المنطقة البحرية تضجّ بالحياة، وهي مقصد للسمك العابر وللصيادين.
وتأسف جندي، على “عدم إجراء أيّ دراسات جدّية حول هذه الينابيع وعمّا إذا كانت المياه فيها صالحة للشرب، ولا عن الحياة التي توفرّها، باستثناء دراستين خجولتين أجراهما المركز الوطني لعلوم البحار”.
وكانت قد أكّدت هذه الاكتشافات نقابة الغواصين المحترفين في لبنان، وأشارت إلى أنّها تساعد في توفير المياه الحلوة.
ملف المياه في لبنان مثله مثل كل الملفات، هو رهينة التناحرات، والتي تحرم المواطن من أبسط حقوقه، وإلى جانب هذه الينابيع، هناك أيضاً ثروة أخرى، يكشف عنها جندي، وهي الآبار الكبريتية أي آبار المياه الساخنة في جوف البحر، والتي تسجّل حرارة المياه المتصاعدة منها في فصل الشتاء 30- 35 في وقت تكون في درجة حرارة البحر 16.
في المقابل يرى مدير محمية شاطىء صور الطبيعية، الدكتور علي بدر الدين، بأنّ “هذه الينابيع لها قيمتها الإيكولوجية والبيولوجية وحتى التاريخية”، مضيفاً: “في ما يتعلّق بالبحر أقول أنّ علينا إدراك ما لدينا والحفاظ عليه، وإن أردنا استغلال البحر فيجب أن يتم ذلك بطريقة سليمة لا تضرّ بالبيئة”.
وطالب بدر الدين بإجراء دراسات علمية “كي نحدد كيف نستفيد من هذه الثروة دون الإضرار بطبيعتها وبالكائنات التي تعيش حولها”.
ومن الينابيع الموجودة على شاطىء البحر، نذكر: نبع أبو حلقة في طرابلس، وينابيع عدلون والصرفند وينابيع أخرى في جبيل.
في حين يمكن ملاحظة الينابيع داخل البحر من خلال بعض الصور التي تبين تجاويف القاع والتي يحصل فيها ضخّ المياه بشكل عامودي، ويكون التدفق فيها عالياً، ويمكن رؤيتها بمجرد النظر إليها.
إلى ذلك أظهرت الدراسات وجود حوالي 400 مليون م 3 من المياه العذبة في البحر في لبنان، أي ما يوازي قدرة 3 أنهار ساحلية. فإلى متى ستذهب هذه الكمية هدراً؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
“ابتكار لبناني”.. أملٌ واعد لفاقدي البصر! | بين القوننة والأنسنة.. هل تهدّد التكنولوجيا أطفالنا؟ | الإبداع اللبناني يسجل أرقاماً مذهلة تعكس وجه لبنان الراقي والحضاري |