هل ستدفن هوية القضية الفلسطينية في مخيّمات لبنان؟
هل سيحسم موضوع الإرهابيين التكفيريين هذه المرة أم ستتكرر معادلة – مهزلة رشوتهم والحفاظ عليهم بدل إراقة دمهم؟ ولماذا إستفاقت جند الشام الآن، ولماذا في لبنان بالتحديد؟
كتب محمد سلام لـ”هنا لبنان”:
ظهر إلى العلن للمرّة الأولى في لبنان العام 2004 الصراع الدفين بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، من جهة، والتنظيمات الأصولية الموالية لإيران وتلك المنبثقة من حركة فتح – المجلس الثوري الإرهابي بقيادة صبري البنا (أبو نضال) عندما نبت في مخيم عين الحلوة ما عرف بتنظيم جند الشام الذي هاجر إلى لبنان من ليبيا بعدما زعم أنّ قائده إنتحر في العراق.
وكانت حركة فتح قد أعلنت رسمياً في بيان أنّ ما يعرف بجند الشام هي “مجموعة موتورة لديها إرتباطات بإسرائيل”.
وقد انضم إلى جند الشام عناصر مطلوبة للجيش اللبناني مما عرف بمجموعات الضنية التي لجأت إلى عين الحلوة بقيادة اللبناني غاندي السحمراني المعروف باسمه الحركي (أبو رامز الطرابلسي).
اغتيل السحمراني في ظروف غامضة في كانون الأوّل سنة 2010 ووجدت جثته مقيّدة اليدين في عين الحلوة وقد أصيبت جمجمته برصاصة أطلقت في فمه واختفى معه ما كان يربط جند الشام بالإرهابي أبو نضال الذي إغتيل أيضاً، وقيل أنّه إنتحر، في بغداد في 16 آب 2002 عندما تولّت مخابرات الرئيس صدام حسين تصفيته لأنّه كان ينفذ عقوداً إرهابية لصالح نظامي إيران وسوريا.
وكانت معلومات قد ربطت أبو نضال بإخفاء الإمام موسى الصدر أثناء زيارة له إلى ليبيا في 31 آب العام 1978 .
بعد “تصفية” السحمراني، أرسل من سوريا إلى عين الحلوة شاب فلسطيني مغمور ليكون وريثه المستقبلي يدعى بلال بدر.
ولد بلال بدر عام 1984 في مخيم شاتيلا قرب بيروت، والده ضرار محمد بدر كان منتسباً إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي.
بعد إنسحاب القوات الإسرائيلية من منطقة صيدا عام 2000 عادت أسرة بدر إلى ملجئها الأوّل في مخيم عين الحلوة الذي هجرته إلى مخيم شاتيلا أثناء الإجتياح الإسرائيلي عام 1982. وعرف بلال عين الحلوة لأوّل مرة بعمر 16 عاماً حيث سكنت عائلته حي الطيري وما زالت.
بلال شِبه أُمّي، ترك المدرسة من الصف الرابع إبتدائي واتجه إلى سوق العمل، ومنه انتسب إلى فصيل فلسطيني يساري قبل أن ينزع قناعه ويظهر وجهه التكفيري إلإرهابي وهو يؤدي مهمّة خطيرة في عين الحلوة هي جزء من مخطط يهدف إلى تدمير منظمة التحرير الفلسطينية.
لم يعلن بدر الإنتماء العقائدي لمجموعته التي تقدر بحوالي 90 عنصراً مكتفياً بالقول إنّها جزء من جبهة النصرة السورية التي تضمّ مجموعات من خريجّي معتقلات الأسد يستخدمون لتنفيذ مهام قذرة تلصق بفكر تكفيري إسلامي، كما سبق وحصل في مخيم نهر البارد بشمال لبنان مع سيئ الصيت والذكر شاكر العبسي.
بدأ إسم بلال بدر يتردّد في مخيم عين الحلوة بين عامي 2011 و2015، وقد اتهمته فتح بالوقوف وراء سلسلة اغتيالات لكوادر فلسطينية داخل المخيم، من ضمنهم إغتيال قائد كتيبة شهداء شاتيلا في قوات الأمن الوطني الفلسطيني العقيد طلال الأردني في 25 تموز 2015.
بعد قرابة سنتين وتحديداً في نيسان العام 2017 إشتعل مخيم عين الحلوة لمدة 4 أيام عندما منعت مجموعة بدر القوة الأمنية المشتركة من الإنتشار في معقلها المعروف بحي الطيري، لكن إتفاقا فلسطينياً عاد وسمح للقوة بالدخول والإنتشار في الطيري لإعتقال بلال بدر … عندما تجده، ولم تجده حتى الآن … ويقال إنّ عصبة الأنصار هي التي أخفت بلال بدر قبل سنتين وهي التي تدعمه الآن.
علماً أنّ إشتباكات الـ2017 خلّفت 10 قتلى و 50 جريحاً.
وبقيت جند الشام “مختفية – موجودة” في عين الحلوة كما قائدها بلال بدر إلى أن أعلن قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب هذا الأسبوع أنّها مسؤولة عن تصفية العميد أبو أشرف العرموشي، و4 من مرافقيه.
الرئاسة الفلسطينية أعلنت في بيان أنّ إغتيال العرموشي “تجاوز كل الخطوط الحمر” ما ينذر، شكلاً على الأقل، بتصاعد المواجهة مع التنظيم الإرهابي.
فهل سيحسم موضوع الإرهابيين التكفيريين هذه المرة أم ستتكرر معادلة – مهزلة رشوتهم والحفاظ عليهم بدل إراقة دمهم؟ ولماذا إستفاقت جند الشام الآن، ولماذا في لبنان بالتحديد؟
تفيد معطيات خاصّة أنّ الإرتدادات المحتملة لدخول تركيا على خطّ الوساطة العربية لتأمين مصالحة فلسطينية اعتبر مؤشراً إلى توحيد القوى السنية العربية – التركية وأبقى إيران خارج إطار التحالف الإقليمي ما أعاد جمع الإرهاب بمختلف عقائده الدينية والعلمانية.
وجود الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس سببه توافر معلومات عن سعي “لتجويف هوية” القضية الفلسطينية وإحلال هوية جديدة مكانها “ليتمّ تجريدها التدريجي من وطنيتها الفلسطينية وقوميتها العربية كي تحلّ مكانها شبكة جديدة على مثال ما يمكن أن يكون منظمة التحرير الإسلامية – في لبنان أو في فلسطين أو في سوريا” إلخ….
“هكذا تموت القضية عندما تفقد هويتها، ولو بالتدريج قضماً”، وفق مصدر عربي رفيع.
وأضاف المصدر العربي، قائلاً: “ولأسباب أخرى، حضر مدير المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج إلى بيروت يوم الأربعاء الماضي وليوم واحد بحث خلاله مع من يعنيهم الأمر من لبنانيين وفلسطينيين مواجهة هذا التهديد الذي يستهدف هوية المنطقة بأسرها وليس فقط هوية القضية الفلسطينية.”
فهل ستتغير هوية المنطقة أم أن أجزاءها العفنة فقط هي التي سيتم تدميرها لأنّ ترميمها مستحيل ووجودها يعيق تقدم بقية المنطقة؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
لا يطلب وقف النار إلا الخاسر | هديتان من سوريا في نفس اليوم | فوز ترامب أسقط مهمة هوكشتاين في لبنان |