الكحالة وثلاثية “شعب – جيش – مقاومة”
هذه الثلاثية ليست إلاّ شعاراً، و”حزب الله” يعتبر أنّ من حقّه استعمال سلاحه ضد الشعب وليس فقط ضد العدو، وهذا ما شهدناه في أكثر من مناسبة بدءاً من 7 ايار 2008 الذي وصفه نصرالله يومها بـ”اليوم المجيد”!
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
في واقعة الكحالة أكّد “حزب الله” أنّ ثلاثية “شعب – جيش – مقاومة”، التي يتغنى بها باستمرار ويتلطى وراءها، هي مجرد أحادية، عمادها “المقاومة” أي الحزب وسلاحه الذي بات يتعاطى معه على أساس أنّه شرعي وقانوني ودائم، وعلى اعتبار أنّ لبنان دولة مقاومة، وأنّ المشروع الذي يحمله معممّ في الداخل والخارج، لدرجة أنّه تحوّل إلى السلطة الفعلية والوحيدة التي تفرض سطوتها ونفوذها على من يجلس أمامها على كراسي الحكم.
ولا بدّ من التوضيح أولاً أنّ حادثة الكحالة لا علاقة لها بالطوائف والمذاهب أو بالهوى السياسي أو حتى بالمكان الذي شاءت الصدف أن تحصل فيه، إذ كان من الممكن أن تنزلق شاحنة السلاح في مدينة عاليه على سبيل المثال، وردّة الفعل ستكون نفسها ومشابهة لردّة فعل أهل الكحالة، عندما يكتشف أهالي عاليه أنّها شاحنة خاصّة محملة بالسلاح ولا تعود للجيش اللبناني، ويحق للأهالي أن يسألوا عن مصيرهم لو كان في الشاحنة متفجّرات يدفع نحو سيناريو جديد شبيه بما يوم 4 آب في مرفأ بيروت.
الحادث وقع في الكحالة ولا شكّ أنّ للمكان رمزيته في الذاكرة، ولكن ليس هو الأساس في ردّة الفعل وليس مطلوباً من أبناء المنطقة أن يباركوا الشاحنة أو أن يرفعوا ايديهم عند اكتشاف حمولتها!
هذا المشهد يعيدنا إلى ما سبق وحصل مع أهالي شويا، وأيضاً مع أهالي خلدة وأهالي الطيونه – عين الرمانة.
غير أنّ تعاطي “حزب الله” مع ما حصل أثبت أنّه يعتبر أنّ من حقّه أن يصول ويجول في لبنان “بالطول والعرض”، فينقل السلاح والمسلحين على خط طهران – بغداد- البوكمال السوري – بيروت، ويحصّن المواقع ويمارس الرقابة على اللبنانيين من دون حسيب ولا رقيب، وذلك على قاعدة أنّ البلد بأكمله ساحة له وأنّ على اللبنانيين أن يقبلوا بهذا الواقع دون أيّ اعتراض. أما من يعترض فهو خائن وعميل لإسرائيل و أميركا!
فأين دور “الشعب” في هذه الثلاثية التي تمنح الشرعية للميليشيا؟ ألا يحق له الاعتراض، أو يعتبر الحزب ربما أنّ كل الشعب موافق على دوره وسياسته؟ أو يظنّ أنّ من يجاريه أو يحابيه من بين الجالسين على مقاعد الحكم، في الحكومة أو في مجلس النواب، يمثلون فعلاً إرادة اللبنانيين وقناعاتهم؟
إنّ “الحزب” يريد من البنانيين أن يتقبلوه ويتكيّفوا ويتأقلموا ويطبّعوا مع سلاحه الذي هو علّة وجوده وليس العكس. عندها طبعاً يصبح رئيس الجمهورية مجرد تفصيل، وكذلك رئيس الحكومة وأعضاء الحكومة وباقي اشكال السلطة.
فأين هو من هذه الثلاثية المزعومة التي شرعتها بعض الحكومات السابقة؟
لا شكّ أنّ الجيش وضع في موقف حرج، بين الحفاظ على دوره ومهامه في الدفاع عن لبنان وحماية أمن اللبنانيين، وبين تطبيق الإشارات القضائية التي قد يضعها البعض في سياق تأمين الغطاء للحزب، وهنا يصبح من الصعب التوفيق بين الدولة وشرعيتها و بين رغبات ما يريده الشعب وسلطة “حزب الله” المدجج بالسلاح، والذي لا يخضع مسؤولوه وعناصره ومحازبيه لأيّ قانون أو قرار بحجّة أنّهم “مقاومة”.
وللحفاظ على السلم الأهلي يضطّر الجيش أحياناً إلى الدخول في تسويات، وفي أخرى إلى استعمال العصا الغليظة.
في سياق كلّ ما سبق، فإنّ هذه الثلاثية ليست إلاّ شعاراً، و”حزب الله” يعتبر أنّ من حقّه استعمال سلاحه ضد الشعب وليس فقط ضد العدو، وهذا ما شهدناه في أكثر من مناسبة بدءاً من 7 ايار 2008 الذي وصفه نصرالله يومها بـ”اليوم المجيد”!
مواضيع مماثلة للكاتب:
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع |