احذروا عروضات محطات البنزين.. “مواد مغشوشة”!!
إلى ذلك عادت العروضات في محطّات تعبئة الوقود في لبنان، حيث لاحظ موقع “هنا لبنان” في جولته على بعض محطّات التعبئة، تعليق يافطات تبشّر بخصومات تبدأ من 50 ألف ليرة وتصل إلى 200 ألف ليرة. فهل تعود أيّام العزّ إلى محطّات المحروقات؟ أم أنّ ما يحصل “فيه إنّ”؟
كتبت باولا عطية لـ”هنا لبنان”:
هل تتذكرون أيّام العزّ على محطّات البنزين؟ أيّام ما قبل طوابير الذلّ؟ حيث كانت محطّات تعبئة الوقود تتنافس فيما بينها على استقطاب الزيائن بعروضات “مغرية”: مع كلّ تنكة بنزين هديّة مجانيّة، مع كلّ تنكة بنزين غسيل سيّارة مجاني، وهل تتذكّرون سياسة الـcash back وتجميع النقاط؟ هذا كلّه قبل أزمة الـ2019، وشحّ البنزين، وغلاء أسعار المحروقات لا بل دولرتها! وقبل أن يصبح المواطن اللبناني مضطرّ على دفع ثلث راتبه بدل مواصلات أو لتعبئة سيارته بالوقود. وقبل أن يتقلّب سعر التنكة بالليرة اللبنانيّة، وفق تقلّبات سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
في حقبة ما قبل الـ2019 كنّا نحتار على أيّ محطّة وقود نقف، وإذا فاتتنا إحدى المحطّات، لا نقلق من أننا سنتمكّن من التوقّف عند المحطّة التي تليها، دون أن “نعتل همّ” ما إذا كانت مقفلة، أم صاحبها “مأضرب”. ونادرا ما كنّا نفكّر بطبيعة المحروقات المستخدمة، وإذا ما كان الفيول مغشوش أم لا.
3 مراحل أرّخت ارتفاع سعر المحروقات
مرّت أسعار المحروقات منذ العام 2021 وحتى الـ2023، بقفزات جنونيّة، وارتفاعات دراماتيكيّة، كان أوّلها في آب من العام 2021، حين قفزت أسعار الوقود في لبنان إلى أكثر من 66%، بعد يوم من إعلان الحكومة والبنك المركزي الخفض الجزئي لدعم هذه السلعة الأساسية.
والارتفاع الجنوني الثاني، كان خلال عام واحد، بحسب الدوليّة للمعلومات، أي منذ آذار 2021 وحتى آذار 2022، حيث ارتفعت سعر صفيحة البنزين من 34,500 ليرة إلى قرابة النصف مليون ليرة.
أمّا الارتفاع الثالث فكان في مطلع العام 2023 حيث قفزت أسعار تنكة البنزين إلى المليون ليرة وما فوق، وهي اليوم بمليون و700 ألف ليرة لبنانيّة. ليصبح بذلك متوسط كلفة الوقوف في طوابير البنزين 1,100 مليار ليرة أو أكثر أي 8% من واردات الدولة. بحسب إحصاءات الدوليّة للمعلومات.
وفي العودة إلى الأسعار التي كانت متداولة في الأعوام السابقة، فإنّ سعر الصفيحة قد ترواح خلال الأعوام 2010-2015 ما بين 21,100 ليرة و39,500 ليرة. وعاد في السنوات اللاحقة إلى الانخفاض وبلغ السعر الأدنى في آذار 2016 حيث سجّل 18,600 ليرة نتيجة انخفاض الأسعار العالمية، أما في الأعوام 2015-2020 فتراوح السعر ما بين 22 ألف ليرة و 25 ألف ليرة، ومنذ بداية العام 2021 أخذ السعر بالارتفاع.
أسباب الارتفاع
أسباب عديدة تكمن وراء هذا الارتفاع الكبير في سعر صفيحة البنزين، من أبرزها:
• انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار من 1,500 ليرة إلى 150 ألف ليرة ومن ثم تراجعها إلى نحو 90 ألف ليرة حالياً.
• رفع مصرف لبنان الدعم عن سعر صفيحة البنزين واعتماد سعر منصّة صيرفة.
• ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً من نحو 25 دولاراً إلى 60 دولاراً، واليوم إلى أكثر من 130 دولار بعد اندلاع الحرب الروسية.
• فرض ضريبة جمركية ورسم استهلاك داخلي وضريبة على القيمة المضافة على صفيحة البنزين.
• شبه احتكار في استيراد البنزين محصور بـــ 4 شركات أساسية ما يمكنها من التحكم بالسعر وفرضه على وزارة الطاقة والمياه لإصدار الأسعار الرسمية.
السعر مقبول وعودة للعروضات
اليوم وعلى الرغم من أنّ سعر تنكة البنزين بالليرة اللبنانيّة يعدّ مرتفعا (يتراوح بين مليون ونصف ومليون و700 ألف ليرة) إلاّ أنّ قيمته بالدولار لا تتخطى الـ18$ (وفق سعر صرف 90 ألف ليرة للدولار الواحد) وهو ما يعتبر مقبول نسبياٍ مقارنة مع غير دول. حيث يبلغ سعر الصفيحة في: تونس: 16$، السعوديّة: 13$، الأردن: 29$، قبرص: 30$، قطر والعراق: 11$.
علماً أنّ معظم هذه الدول تنتج النفط في بلدها، وتصدّره إلى الخارج.
إلى ذلك عادت العروضات في محطّات تعبئة الوقود في لبنان، حيث لاحظ موقع “هنا لبنان” في جولته على بعض محطّات التعبئة، تعليق يافطات تبشّر بخصومات تبدأ من 50 ألف ليرة وتصل إلى 200 ألف ليرة. فهل تعود أيّام العزّ إلى محطّات المحروقات؟ أم أنّ ما يحصل “فيه إنّ”؟
هل العروضات منطقية؟
عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس استغرب في حديثه لموقع “هنا لبنان”، من “قيام بعض المحطّات بتعبئة الوقود بتخفيضات وحسومات على أسعار تنكة البنزين”، مؤكّداً “علمه بمحطّة واحدة فقط”، وسائلاً “كيف تستطيع هذه المحطّات تأمين التكاليف التشغيليّة، في الوقت الذي نناضل فيه كنقابة لرفع السعر من أجل تسديد التكاليف”.
ورفض البراكس التعليق أكثر على هذا الموضوع، معللاً خطوة المحطّات هذه، بمحاولة أصحابها جذب المزيد من الزبائن.
فيول مغشوش؟
في هذا الإطار اعتبرت مصادر مطّلعة على ملفّ المحروقات في حديثها لموقع “هنا لبنان” ، أنّ “ما يحصل على هذه المحطّات هو مخالف لقرارات وزارة الطاقة، إذ على جميع أصحاب المحطّات الالتزام بجدول الأسعار الصادر عن الدولة وكلّ ما هو غير ذلك لا تتحمّل مسؤوليته لا النقابة ولا الوزارة”.
وشكّكت المصادر بالسبب الذي قد يدفع أصحاب هذه المحطّات إلى وضع تخفيضات على أسعار المحروقات، علما أنّ التكاليف التي يتكبّدها أصحاب هذه المحطّات لاستقطاب المحروقات عالية، فيما هامش الربح لم يتغيّر منذ الأزمة وحتى الآن”، سائلة “فكيف لصاحب محطّة أن يضع تخفيضات في الوقت الذي قد تهدّد فيه هذه الأخيرة هامش ربحه؟”.
واعتبرت أنّ وراء خطوة التخفيضات هذه، سببين “الأوّل، قد يكون أنّ صاحب هذه المحطّة يعاني من حركة بيع ضعيفة، ويحاول عبر هذه العروض استقطاب الزبائن”، علما أنّ موقع المحطّات التي رصدها موقع “هنا لبنان” هو على الأوتوسترادات، والطرقات عامّة، التي تعتبر من الخطوط الحيويّة، ما يستبعد احتماليّة قلّة حركة البيع، الأمر الذي يأخذنا إلى الاحتمال الثاني، بحسب المصادر، وهو أن “أصحاب هذه المحطّات يبيعون للمواطنين الفيول المغشوش، وهذا ما يستوجب تحرّك الجهّات الرقابيّة والمعنيّة في هذا الملفّ ، للتاكّد من نوعيّة الفيول المستخدم للتعبئة في هذه المحطّات، لما لهذا الأمر من مخاطر عدّة، قد تصيب السيارات بالضرر، وتنذر بحوادث نتيجة أعطال مفاجئة”.
وشجّعت المصادر “المواطنين اللبنانيين، على الالتزام بتعبئة سياراتهم، من محطّات موثوقة، تلتزم بجداول الأسعار الصادرة عن وزارة الطاقة، وتتقيّد بها، وتجنّب المحطّات المشبوهة، وعدم الوقوع ضحيّة إغراءات العروضات”.