بو حبيب ينهي عقود الملحقين الإقتصاديين.. مصالح لبنان الاقتصادية في الخارج مهدّدة
هل يعود بو حبيب عن خطوته الفردية التعسفية التي اتخذها ضارباً مصلحة لبنان الاقتصادية والتجارية عرض الحائط؟ وهل يتّجه للبحث عن مزاريب الهدر الفعلية؟
كتبت ريمان ضو لـ”هنا لبنان”:
متحجّجاً بذريعة تقليص نفقات البعثات الدبلوماسية اللبنانية في الخارج، أرسل وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب الإثنين الماضي كتاباً إلى الملحقين اإاقتصادييين في السفارات يُبلغهم إنهاء عقودهم بحلول نهاية العام الحالي.
ويأتي هذا الإجراء وفق بو حبيب في سياق خطّة الوزارة لتخفيض النفقات إثر تراجع إيرادات الدولة والضغوط المالية والاقتصادية التي تعاني منها.
وكانت الوزارة قد وضعت خطّة تقشف وترشيد إنفاق تستمر لمدة عامين على الأقل.
مصادر ديبلوماسية متابعة أوضحت لـ”هنا لبنان” أنّ “عدد الملحقين الإقتصاديين لا يتجاوز الخمسة عشر وهؤلاء يتوزعون على العواصم الأساسية كواشنطن وباريس ولندن وأبيدجان والدوحة وغيرها، وهم يعملون تبعاً لعقود عمل موقعة بينهم وبين الخارجية اللبنانية”.
ولفتت المصادر إلى أنّ بو حبيب لجأ إلى هذا الإجراء دون العودة إلى مجلس الوزراء، مستغربة اتّخاذ هكذا قرار في فترة تصريف الأعمال. وكشفت أنّ بو حبيب كان ينوي إنهاء العقود في شهر ايلول، إلاّ أنّه عاد ومنح الملحقين مهلة 90 يوما خوفاً من الطعن بالقرار التعسفي، كما تصفه المصادر.
وتلفت المصادر إلى أنّها ليست المرة الاولى التي تستعين فيها الدولة بعقود عمل مع عدد من الموظفين من خارج الملاك لكنّها المرة الأولى التي يتم اللجوء فيها إلى فسخ هذه العقود وهذا ما يعتبر سابقة.
وتشير المصادر الديبلوماسية إلى “الدور الكبير الذي لعبه الملحقون الإقتصاديون في معرض اكسبو دبي، بالإضافة إلى ما يقومون به حالياً في قطر على سبيل المثال لا الحصر، وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلوها في اتفاقية التسيير العربي”، وأكّدت أنّ “رواتبهم تعتبر الأدنى بين الديبلوماسيين في الخارج، وهم أصلاً لا يستفيدون من التقديمات التي يحظى بها الجسم الديبلوماسي من سفراء وقناصل، كمنازل وسيارات أو تقديمات طبية، علماً أنّهم يؤمنون عائدات للدولة وللقطاع الخاص اللبناني تتجاوز قيمة رواتبهم”.
وبحسب المعلومات، فإنّ قرار بو حبيب أثار استياء وزير الصناعة جورج بوشكيان ووزير الاقتصاد أمين سلام، نظراً لحاجة لبنان إلى هؤلاء الملحقين، وأهمية دورهم. وتشير المعلومات إلى أنّ الوزيرين سيطرحان هذا الملف مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في محاولة لحثّ بو حبيب على التراجع عن قراره.
مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة الدكتور محمد أبو حيدر أكّد لـ”هنا لبنان” حاجة لبنان إلى الملحقين الإقتصاديين في الخارج، نظراً “للدور المهم الذي لعبوه في المرحلة الأخيرة، وما يمكن أن يقوموا به في المستقبل، لناحية تحفيز الصادرات إلى الدول العربية وإقامة المعارض في الدول الاوروبية وإدخال الصناعات الغذائية اللبنانية، وفي المطبخ اللبناني، إضافة إلى وضع رؤية مشتركة مع السفارات لتحفيز التبادل التجاري والاقتصادي”.
وذكّؤ أبو حيد بما قام به الملحقون مع دول الإتحاد الأوروبي لتشجيع دخول البضائع اللبنانية، حيث سجّلت الصادرات اللبنانية إلى أوروبا أعلى رقم لها، وهو 600 مليون يورو.
وأشار أبو حيدر إلى الدور الذي قام به الملحقون الإقتصاديون اللبنانيون في المعارض الدولية كـ”expo dubai” و”gulf food” وبرلين و”sial” في باريس وحالياً إكسبو قطر، أو في الولايات المتحدة ودول أميركا اللاتينية حيث توجد جالية لبنانية كبيرة.
وناشد أبو حيدر وزير الخارجية والمغتربين، إعادة النظر في قراره نظراً لحاجة لبنان الضرورية إلى هؤلاء الملحقين في هذه المرحلة التي تشهد حالياً حركة تبادل تجاري واقتصادي لافت.
في المقابل، كشف رئيس تجمع الصناعيين في البقاع نقولا أبو فيصل لـ”هنا لبنان” أنّه “يقوم بمبادرة مع الوزير بو حبيب للعودة عن قراره”، مشيراً إلى أنّ الملحقين هم على استعداد للعمل في وزارة الخارجية بالمجان للوقوف الى جانب دولتهم، امتناناً لما قدمته الدولة اللبنانية لتعليمهم وتدريبهم.
ويشرح أبو فيصل أنّ عدداً من المحلقين غادروا مناصبهم بأكثر من دولة لأكثر من سبب، فيما بقي حوالي اثني عشر ملحقاً مستعدون للعودة إلى لبنان والعمل في وزارة الخارجية أو أيّ وزارة تستفيد من خبراتهم، مشيداً بكفاءاتهم خصوصاً وأنّهم قد ساهموا بتأمين مئات وربما الآلاف من فرص العمل للبنانيين في الخارج.
وخاطب أبو فيصل بو حبيب قائلاً إنّه “من الظلم إنهاء عقود الملحقين، والعودة عن الخطأ فضيلة”، مذكّراً أنّ “الفريق السياسي الذي ينتمي إليه بو حبيب هو من قام بتعيين هؤلاء الملحقين، فكيف له أن ينهي خدماتهم”.
خطوة تخفيض نفقات البعثات الديبلوماسية، كان لا بدّ منها في ظلّ ما تبين من رواتب ومصاريف وامتيازات لسفراء وقناصل فاقت سفراء أكبر واعظم الدول، لكن أن يلجأ بو حبيب إلى الإستغناء عن خدمات الملحقين الاقتصاديين، في أهم العواصم فهي دعسة ناقصة قد تضرّ بالمصالح الإقتصادية اللبنانية في الخارج، خاصّة مع عودة الحركة التجارية العالمية إلى طبيعتها بعد ركود دام لأكثر لسنتين بسبب كورونا، وحاجة الصناعة اللبنانية إلى أبواب تصدير تجلب الدولار الفريش إلى لبنان.
فهل يعود بو حبيب عن خطوته الفردية التعسفية التي اتخذها ضارباً مصلحة لبنان الاقتصادية والتجارية عرض الحائط؟ وهل يتّجه للبحث عن مزاريب الهدر الفعلية؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
المحكمة العسكرية ضحية “الكيدية” | مسؤولون لبنانيون للوفود الديبلوماسية: الأولوية للترسيم البري بدل الالتهاء بالقرار 1701 | أونصات مزورة في السوق اللبناني… والقضاء يتحرك |