القضيَّة اللُّبنانيَّة وديناميَّات الإنقاذ!

المعركة الأساس تتمثَّل في مستقبل الجمهوريَّة اللُّبنانيَّة بأمنها القوميّ وأمان شعبها الإنسانيّ على مدى المئة عام المُقبِلَة

كتب زياد الصائغ لـ “هنا لبنان”:

التَّاريخُ يُنصِفُ الحقيقة والحقّ. الإرادَةُ الوطنيَّة لإنقاذِ لبنان في ديناميَّة القِوى السِّياديَّة الإصلاحيَّة التغييريَّة، والقِوى المجتمعيَّة الحيَّة والاغتِراب، قائِمة على مستوى إعلان النَّوايا، والتَّوافُق على المبادِئ، لكن ثمَّة معطوبيَّة ما زالت قائِمة في فاعليَّة تنسيق الجُهود. من هُنا أولويَّة إطلاق مسارِ تشكيلِ مَروحَةٍ واسِعَةٍ من التَّحالُفات بالاستِناد إلى رؤيَةٍ واضِحة للقضيَّة اللُّبنانيَّة في ما تواجِهُه من مخاطِر وجوديَّة، وتحدّيات دستوريَّة وسياديَّة واقتِصاديَّة واجتِماعيَّة ومؤسَّساتيَّة، وبالتَّالي تستحيلُ كُلّ هذه التحدّيات انقِضاضًا على هويَّة لُبنان الحضاريَّة في اختِبارِها التَّاريخيّ.
الدّيناميَّةُ الوطنيَّة تأخَّرت في مُلاقاةِ ديناميَّة الاغتِراب الواضِحة البصمات في قرارها استِكمال دعمِها صُمُود الشَّعب اللُّبنانيّ بمقوِّماتِه الحياتيَّة، بالانخِراط في مسار تشكيل منصَّاتٍ تنسيقيَّة تُناضِلُ في عَواصِم القرار باتِّجاه تحرير لُبنان واستِعادَة الجمهوريَّة بقِيَم الحريَّة والتعدُّدِيَّة والعدالة، وفي أساسِ كُلِّ ذلك خيارُ بناءِ دولة المواطنة بتطبيق الدُّستور، وقرارات الأُمم المتَّحدة وجامعة الدُّول العربيَّة ذات الصِّلَة، والدَّفع باتّجاه تحييد لبنان عن الصِّراعات الإقليميَّة والدَّوليَّة تمهيدًا لإعلانِ حيادِه، وبالتَّالي الانخِراط في تنفيذ الإصلاحات البنيويَّة والقِطاعيَّة على كُلِّ المستويات. الاغتِرابُ اللُّبنانيّ باتَ معنيًّا بالشأن الوطنيّ من بوَّابَةِ المُسَاهمة في إعادَة تشكيل السُّلطة بالعمليَّة الدّيموقراطيَّة الانتِخابيَّة حَتمًا، لكن من بوَّابة فَهم طبيعة المواجهة على هويَّة لُبنان ودورِه الحضاريّ على المستويين الإقليمي والدَّوليّ.
تبقى الدِّيناميَّة العربيَّة-الدَّوليَّة، والتي إن يبدو واضِحًا أنَّها ثابِتَةٌ في دَعمِ الدّيناميَّةِ الوطنيَّة الدَّاخليَّة وديناميّة الاغتِراب، لكنَّها لم تنطلِق حتَّى السَّاعة أبعَد من مواقِف مبدئيَّة من ناحِيَة، وهي تتعرَّض لاختِراقٍ مشبوه من الدِّيبلوماسيَّة الفرنسيَّة من ناحِيَةٍ أُخرى، ما يقتضي تحرُّكًا لُبنانيًّا منهجيًّا تتلاقى فيه ديناميَّتا الدَّاخل والاغتِراب على تحديد منظومة القِيَم المشتركة أوَّلًا، والمصالِح المشتركة ثانِيًا، مع عُمقِ لبنان الحيويّ العربيّ، وشراكتِه الاستراتيجيَّة مع العالَم الحُرّ، وهُنا بيتُ القصيد.
في كُلِّ ما سَبَق يتوضَّحُ أنَّ المعركة الأساس تتمثَّل في مستقبل الجمهوريَّة اللُّبنانيَّة بأمنها القوميّ وأمان شعبها الإنسانيّ على مدى المئة عام المُقبِلَة. هُنا تُمسِي الأزمة فُرصَة، والرُّقعة الجغرافيَّة مساحَةً نموذجيَّة للعيشِ معًا، بعيدًا عن الشُّمولييّن والتفتيتييّن.

مواضيع مماثلة للكاتب:

أرتساخ قرة باغ بعد أوكرانيا…. أوهام الأيديولوجيَّات!

الهجرة واللُّجوء على ضفّتي المتوسِّط.. الإهتِزازات الجيو-ديموغرافيَّة

من كوبنهاغن إلى بيروت… فاعليّة الدّيموقراطيَّة وبارانويا المعادلات!