فجر البطولة قد بزغ!
ترجمة “هنا لبنان”
كتب يوسف معوض لـ “Ici Beyrouth“:
في بيان أعلن نواب المعارضة الـ31 عن مواجهتهم حزب الله بشكل ديمقراطي وسلمي داخل وخارج الأطر المؤسساتية. ربما اعتقدوا بذلك أنهم سيقطعون الطريق أمام الحزب…
وأخيراً وجدت المعارضة ضالتها! استطاعت أن تجمع 31 ممثلاً عن الأمة اللبنانية لترفع الصوت وتقول إن الكيل قد فاض بها! وذهبت أبعد من ذلك لتعلن في بيان صحفي في 16 آب عن خطة المواجهة: لقد حانت اللحظة الحاسمة لكسر سيطرة حزب الله على البلاد!
فليستعد الجميع! المعارضة شدّت الرحال وحلّ يوم المجد. ولكن ألم يفت الأوان لدق الأجراس والنواقيس؟ لقد مر زمن منذ أن فرضت الفاشية الإيرانية مرسوم سيادتها علينا.
وبعد، فلنستمع لذلك الموال المختلف أيضًا على الساحة: الثنائي الشيعي لا يتمنى لنا سوى الخير وهو حريص على نظافة الكف ولا يغطي الفساد وسوء الإدارة الذي ساد في عهد الجمهورية الأولى، أو في عهد الحريري! أليس هذا على الأقل ما نفهمه من نشرة التيار الوطني الحر كلما تنفس زعيمه، دون أن ننسى بعض إخفاقاته الصغيرة حيث تفر من خطاباته شتائم مثل “البلطجي” الموجهة للرئيس الأبدي لمجلس النواب. بهذه النغمة، يطمئننا التيار أن ليس هناك ما نخشاه.. لا مذابح ولا تطهير عرقي.
ومع ذلك، تحت غطاء “المقاومة” ينبغي أن نتوقع نهب أملاك الأراضي واختراق المؤسسات والتخويف الممنهج للأفراد والمجتمعات. وربما، من يدري، بعض الاغتيالات الاستثنائية فقط، لتذكير من يجب بهوية المسؤول على الساحة العامة.. مسؤول قادر، في ظل الإفلات من العقاب بحكم الأمر الواقع، على تحدي السلم الأهلي والعقد الاجتماعي.
نموذج جديد لمنظمة التحرير الفلسطينية؟
حتى اندلاع النار في نيسان 1975 في عين الرمانة، كان ياسر عرفات يؤكد ويعيد، بعد كل حادث أمني على الأراضي اللبنانية، تمسكه بسيادة بلدنا ويقسم بأنه ضامنها من خلال منابره الصحفية المدفوعة. وفي غضون ذلك، واصل عمله الدؤوب لتقويض فكرة إقامة الدولة الموازية أو الدولة المصغرة التي لم يستطع إقامتها في الأردن. بالنسبة لأولئك الذين عايشوا تلك الحقبة التي تنافس فيها الخداع مع المهارة الخطابية، المقارنة تفرض نفسها: يمثل خطاب حزب الله للمقاومة في كثير من النواحي، نموذجاً جديداً لخطاب المقاومة الفلسطينية، حيث كان زعماء الحركة الوطنية في ذلك الوقت يربطون وجودهم في بلاد الأرز بالدفاع عنها ضد العدوان الصهيوني.
ومع ذلك، بمجرد خروجهم من لبنان في صيف 1982، وبعد التزامهم الصمت في تونس، أثناء توقيع اتفاقيات أوسلو في عام 1993، أوشك المتحدثون اللبقون في منظمة التحرير الفلسطينية على الاعتراف، خلف الكواليس، بأن زعماءهم ارتكبوا في لبنان المضياف، “خطايا مميتة”. ولكن في فعل الندم هذا، لم يرغبوا بالاعتراف بأن الانفجار كان لا بد وأن يحصل. وإذ دحضوا أطروحة عالم الاجتماع ماكس فيبر القائلة بأن القوة المسلحة تقتصر على السلطة القانونية، حاولوا التأكيد بأن سيادة القانون والثورة الفلسطينية قادرتان على التعايش معاً، وبأن التعايش بين الوحدات العسكرية اللبنانية النظامية (الجيش وقوى الأمن الداخلي، إلخ) والفدائيين كان أمراً مرغوباً، وأكثر من ذلك، حتى أمراً ضرورياً لمصلحة الطرفين. والدليل على ذلك، تمكنت جبهة التحرير الوطني، طوال فترة الحرب الجزائرية، من إدارة قواعدها العسكرية في تونس، دون الدخول في صراع مباشر مع نظام بورقيبة.
بإمكانكم التمعن في استكشاف مدى صحة هذه المقارنة بين السياقين اللبناني والتونسي، والتي تطرح سؤالاً جوهرياً، فإلى أي مدى وإلى متى ستبقى الدولة اللبنانية قادرة على التعايش مع “مضايقات” حزب الله، وإلى أي مدى ستستطيع قواتنا المسلحة النظامية تحمل مقاتلي حزب الله أو ما يسمى بـ”المقاومة”؟
عاجلاً أم آجلاً، سنجد نفسنا في لبنان في قلب المواجهة دون أي مقدمات. فلا يمكن لأحد تخيل أن الكيانات المسلحة الخاضعة لقيادات منفصلة، قادرة على التعايش في وئام في ظل التنافس اليومي والاحتكاك المتكرر هنا وهناك، والذي سيطلق شرارة قاتلة، خصوصاً وأن مجموعات الدفاع عن النفس ستتشكل حتماً بمواجهة دكتاتورية الأمر الواقع.
وها هي المعارضة…
فإذاً، أعلن الأعضاء الـ 31 للتو التعبئة العامة، ولكن يبدو أن بيانهم الصحفي أقرب لرد فعل على المبادرة الفرنسية ورسالة الموفد لودريان، التي تعتبر أقرب لحجج حزب الله، أكثر بكثير من كونها خطة حملة لمواجهة حزب الفارسي. والحقيقة أن إعلان النواب عن “مواجهتهم الديمقراطية والسلمية ضمن الأطر المؤسساتية وخارجها” لا تكفي لثني الخصم. لم تعد سياسات غاندي اللاعنفية صالحة في هذا السياق. وفي الأصل، لم تصد الطيونة الهجوم الذي استهدفها بهذا النهج، ولا بهذا النهج دحر جبل الباروك مقتحميه!
مواضيع ذات صلة :
في لبنان ما يستحق الحياة | نعيماً يا قاسم! | الجيش الإسرائيلي: استهدفنا مقرات قيادة لـ”الحزب” في الضاحية |