القضاء اللبناني: إلى الاعتكاف دُر
أعلن 111 قاضياً في القضاء العدلي والإداري والمالي توقفهم اليوم الجمعة عن العمل بشكل فوري ومفاجئ
كتب يوسف دياب لـ “هنا لبنان”:
يبدو أن السنة القضائية الجديدة التي تبدأ بعد أسبوعين، مهددة بالتعطيل وتنذر بالعودة إلى الاعتكاف الذي يشلّ قصور العدل والمحاكم بكل المناطق، في ظلّ عجز الدولة عن توفير الحدّ الأدنى من المقومات لعمل القضاة في مكاتبهم والمحاكم، وحرمانهم من التقديمات الاجتماعية والتعليمية والطبية التي تهدد مصير عائلاتهم وأبنائهم. فقد أعلن 111 قاضياً في القضاء العدلي والإداري والمالي توقفهم اليوم الجمعة عن العمل بشكل فوري ومفاجئ، وأكدوا أنه “في ظل عجز الدولة عن تغطية الاستشفاء والطبابة والتعليم، الخاص بهم وبعائلاتهم، وفي ظل انعدام ظروف العمل اللائقة بالكرامة البشرية في قصور العدل، وفي ظل ما وصل إليه وضع القضاء على جميع الصعد، نعلن التوقّف القسري عن العمل ابتداءً من اليوم (الجمعة)، وذلك إلى حين توافر مقومات العيش والعمل بكرامة”.
ورغم الاعتراف بأحقيّة مطالب القضاة، إلّا أنّ قرارهم المرشّح أن يتوسّع ليشمل الجسم القضائي برمته أو غالبيته، أثار قلق المحامين والمتقاضين، من العودة إلى التوقف الشامل في جميع الدوائر القضائية كما حصل في العام الماضي، واعتبر مصدر قضائي بارز أنّ “الإعلان الذي صدر عن نحو 100 قاضٍ يمثل قضاة لبنان برمتهم، وهذا الإجراء سينسحب على جميع القضاة ما لم تتمّ الاستجابة السريعة للمطالب”. وأكد المصدر لـ “هنا لبنان”، أنّ “الصرخة التي أطلقها القضاة هي مجرّد إنذار للسلطة السياسية، بأن الأيام المقبلة ستحمل معها المزيد من التصعيد، إذ لم يعد مقبولاً للقاضي الذي يحكم باسم الشعب اللبناني أن يتحوّل إلى متسوّل يستجدي حقوقه”، مشيراً إلى أن “راتب القاضي لا يكفيه لتسديد اشتراك المولد الكهربائي، ولا بدل انتقاله من منزله إلى عمله”. وشدد على أن “الطامّة الكبرى تجلّت في حرمان القضاة من التقديمات الطبية ومن المنح المدرسيّة والجامعية على أبواب العام الدراسي الجديد، خصوصاً وأن المستشفيات والمؤسسات التعليمية تحصّل حقوقها بالعملة الصعبة، بينما راتب القاضي أقلّ من 500 دولار شهرياً”، مذكراً بأن “القضاة يعملون بظروف قاسية للغاية، أي وسط العتمة التي تعمّ المكاتب والمحاكم وانقطاع المياه، وغياب النظافة، وفقدان القرطاسية في أقلام المحاكم وأدنى المقومات التي يحتاجها العمل الإداري في المحاكم ودوائر التحقيق”.
ما إن تبلّغ وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري قرار القضاة، حتى سارع إلى التواصل معهم لاحتواء التصعيد، وأوضح مصدر في وزارة العدل لـ “هنا لبنان”، أن الوزير الخوري “سيعقد الأسبوع المقبل اجتماعاً في مكتبه مع القضاة المذكورين، ويطلع على مطالبهم التي باتت معروفة ويطلعهم على المعالجات التي بدأها منذ أشهر”. وأكد المصدر أن وزير العدل “يبذل جهوداً لمعالجة معاناة القضاة وقصور العدل أيضاً”. وقال “ثمة مطالب تمّ إنجازها في الأيام الماضية ستعلن نتائجها قريباً”. وشدد المصدر على أن “السنة القضائية الجديدة ستنطلق بشكل طبيعي، والوزير الخوري ينسّق بشكل دائم مع مجلس القضاء الأعلى، لتحقيق مطالب القضاة وانتظام مسار العدالة التي تبقى مطلب كلّ اللبنانيين”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
سجناء أنصفتهم الحرب! | توقيف “عميل” زوّد “الموساد” بمعلومات عن “الحزب” | وكلاء سلامة مرتاحون لمسار التحقيق.. رُبّ ضارّة نافعة |